بعد أن تمكنت وسائط التواصل الاجتماعي من المجتمع وأحكمت سيطرتها على الإعلام، هناك سؤال يتكرر ولا يغيب، ما هو سبب انتشار بعض الناشطين في هذا المجال دون غيرهم؟ إذا أردت البحث عن الإجابة ستجد أسباباً كثيرة، منها المحتوى القصير، وتنظيم أوقات النشر والمحتوى المباشر، وأمور كثيرة يحاول كثير ممن يدخل هذا العالم تطبيقها ومع ذلك، لا ينتشرون ولا ينجحون ومحتواهم ليس له أي تأثير.
فكيف تكون مؤثراً على وسائط التواصل الاجتماعي وما هو أسرع طريق إلى المتابع، هناك إجابة فيها نوع من العمومية ألا وهي «التفاهة» كلما كان المحتوى تافهاً كلما كان الحساب منتشراً وصاحبه مشهوراً وله تأثير على الجمهور، وفي الواقع التفاهة وحدها ليست كافية، لأن المسألة فيها معادلة ترتكز إلى أطراف ثلاثة وهو مُنشئ المحتوى والمتلقي والمحتوى نفسه، فإذا كان مُنشئ المحتوى تافهاً، فهل كل ما ينشره تافه؟ وهل المتلقي تافه أيضاً؟ في الواقع ليكون الأمر ناجحاً، يحتاج إلى محتوى تفاعلي، بغض النظر عن العمق أو التفاهة، وبنظرة سريعة لمحتوى أغلب المؤثرين، الذين يعد محتواهم تفاعلياً، سنجد أنه إما محتوى يضم نكتاً ورقصات أو يعرض فيه صاحبه خصوصياته وحياته اليومية ويتحدث عن تفاصيلها، وهذان النوعان من المحتويات يتفاعل معهما الجمهور، وينتشران بسرعة.
وهذا يدل على أن أغلب الجمهور المتلقي، إما جمهور لديه الفضول -وهو أمر بشري طبيعي لكنه على درجات- لمعرفة أسرار الآخرين وخصوصياتهم، ويتواصل عاطفياً مع صاحب المحتوى الذي استغل ذاته وربما بعض أفراد أسرته واعتدى على الخصوصية، لأغراض الشهرة والتكسب، أو جمهور يبحث عن أي فرصة للترفيه والهروب من الواقع وضغوطات الحياة اليومية، فيجد ضالته في محتوى النكت والرقص الخالية من أي فائدة أو رسالة هادفة أو معلومة نافعة، لكنه يجد فيه تسلية وراحة وقتية.
وعلى هذا الأساس أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي تغص بناشطين ينشرون غسيلهم ويعرضون تفاصيل حياتهم اليومية على العالم ليكون محتواهم تفاعلياً ورائجاً، ويصبحوا من المؤثرين لتبدأ عملية جني الأرباح من هذا العمل، لكن المسألة لم تقف عند هتك ستر الخصوصية، فالمنافسة الحادة في هذا المجال انتقلت بأغلب العاملين فيه إلى الكذب والمبالغة التي عادت بسلبيات كثيرة على المجتمع، فما يعرضه أحدهم لم يعد يوميات الحياة الطبيعية له، بل يوميات مصطنعة زائفة، وصلت إلى درجة أن يطلق أحدهم زوجته خلال البث المباشر، بينما يتزوج آخر، ويسافر غيرهم، فقط لجذب أكبر عدد من الجمهور المتعطش لمعرفة أسرار الآخرين، وعلى الجانب الآخر، يمعن غيرهم في التهريج والرقص لجذب جمهور يجد في سلوكهم تسلية ومتعة.
الحقيقة أن كلا الطرفين تمكّن من التأثير على خوارزميات تطبيقات التواصل الاجتماعي فزاد من وصوله وانتشاره، ويبقى وصف هذه المحتويات بالتافه خاضعاً للقيم الاجتماعية، لكن المشكلة الأكبر هي أن المحتوى المذكور بدأ يغيّر من القيم الاجتماعية نفسها.
* عميد كلية القانون – الجامعة الخليجية
فكيف تكون مؤثراً على وسائط التواصل الاجتماعي وما هو أسرع طريق إلى المتابع، هناك إجابة فيها نوع من العمومية ألا وهي «التفاهة» كلما كان المحتوى تافهاً كلما كان الحساب منتشراً وصاحبه مشهوراً وله تأثير على الجمهور، وفي الواقع التفاهة وحدها ليست كافية، لأن المسألة فيها معادلة ترتكز إلى أطراف ثلاثة وهو مُنشئ المحتوى والمتلقي والمحتوى نفسه، فإذا كان مُنشئ المحتوى تافهاً، فهل كل ما ينشره تافه؟ وهل المتلقي تافه أيضاً؟ في الواقع ليكون الأمر ناجحاً، يحتاج إلى محتوى تفاعلي، بغض النظر عن العمق أو التفاهة، وبنظرة سريعة لمحتوى أغلب المؤثرين، الذين يعد محتواهم تفاعلياً، سنجد أنه إما محتوى يضم نكتاً ورقصات أو يعرض فيه صاحبه خصوصياته وحياته اليومية ويتحدث عن تفاصيلها، وهذان النوعان من المحتويات يتفاعل معهما الجمهور، وينتشران بسرعة.
وهذا يدل على أن أغلب الجمهور المتلقي، إما جمهور لديه الفضول -وهو أمر بشري طبيعي لكنه على درجات- لمعرفة أسرار الآخرين وخصوصياتهم، ويتواصل عاطفياً مع صاحب المحتوى الذي استغل ذاته وربما بعض أفراد أسرته واعتدى على الخصوصية، لأغراض الشهرة والتكسب، أو جمهور يبحث عن أي فرصة للترفيه والهروب من الواقع وضغوطات الحياة اليومية، فيجد ضالته في محتوى النكت والرقص الخالية من أي فائدة أو رسالة هادفة أو معلومة نافعة، لكنه يجد فيه تسلية وراحة وقتية.
وعلى هذا الأساس أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي تغص بناشطين ينشرون غسيلهم ويعرضون تفاصيل حياتهم اليومية على العالم ليكون محتواهم تفاعلياً ورائجاً، ويصبحوا من المؤثرين لتبدأ عملية جني الأرباح من هذا العمل، لكن المسألة لم تقف عند هتك ستر الخصوصية، فالمنافسة الحادة في هذا المجال انتقلت بأغلب العاملين فيه إلى الكذب والمبالغة التي عادت بسلبيات كثيرة على المجتمع، فما يعرضه أحدهم لم يعد يوميات الحياة الطبيعية له، بل يوميات مصطنعة زائفة، وصلت إلى درجة أن يطلق أحدهم زوجته خلال البث المباشر، بينما يتزوج آخر، ويسافر غيرهم، فقط لجذب أكبر عدد من الجمهور المتعطش لمعرفة أسرار الآخرين، وعلى الجانب الآخر، يمعن غيرهم في التهريج والرقص لجذب جمهور يجد في سلوكهم تسلية ومتعة.
الحقيقة أن كلا الطرفين تمكّن من التأثير على خوارزميات تطبيقات التواصل الاجتماعي فزاد من وصوله وانتشاره، ويبقى وصف هذه المحتويات بالتافه خاضعاً للقيم الاجتماعية، لكن المشكلة الأكبر هي أن المحتوى المذكور بدأ يغيّر من القيم الاجتماعية نفسها.
* عميد كلية القانون – الجامعة الخليجية