في 31 من شهر يناير 2024 أجرى المجلس النسائي اللبناني برئاسة السيدة عدلا سبليني زين بالاشتراك مع الاتحاد العمالي العام برئاسة الدكتور بشارة الأسمر ورشة عمل في مبنى الاتحاد، حول «تحديات المجتمع اللبناني في حماية الأسرة».
تطرقت هاتان المؤسستان بإدراك ووعي كامل إلى معالجة مواضيع آنية وخطيرة تهدد الأسرة والمجتمع وكيان البلد، فتنوعت المواضيع حول تأثير مرحلتي الطفولة والمراهقة على شخصية المنحرف، والحماية القانونية للأحداث المعرضين للمخاطر، والإدمان وتأثيره على السلوك الاجتماعي، والتوجيه الأسري في الوقاية من الانحرافات والشذوذ، وأثر الإعلام في تكوين اتجاهات الشباب والناشئة، وانتهت بمحاولة التدمير الممنهج للعائلة اللبنانية وقيمها.
«الأسرة» هي قلب المجتمع وشريانه النابض، وعندما يكون القلب سليماً ينعكس ذلك إيجاباً على حياة الأسرة، وحماية الأسرة تتطلب وعياً ناضجاً داخل المنزل وخارجه.
بناء على ما تقدم، سأسلّط الضوء في هذا المقال على موضوع لا يخلو من الأهمية والخطورة الكبرى التي يدركها البعض، ويجهلها أو لا يدركها البعض الآخر، ألا وهو تأثير متلازمة الشاشات الإلكترونية على أجيال المستقبل من الأطفال والمراهقين، وأتساءل بسؤال محيّر ومحرج للناس، محبط ومشوِّه للمجتمع وهو «هل تشعرون فعلاً بأن التكنولوجيا، وخاصة الهاتف الذكي والحاسوب اللوحي (Ipad) وغيرهما، تستحوذ على تفكير أولادكم لسرقتهم منكم؟».
أنت لست وحدك من يراوده هذا الشعور، فتأثير الشاشات الإلكترونية يطغى وينعكس إيجاباً أحياناً، وسلباً أحياناً أخرى على انسجام الحياة العائلية بعد أن أصبحت الهواتف الذكية في متناول الجميع حتى الأطفال، بحيث لا يستطيع معظم الآباء والأمهات منع أولادهم بشكل عام من استخدام الشاشات الإلكترونية، حتى إن بعضهم، وخاصة بعض الأمهات، يفقد السيطرة على الأمر، بينما تحاول أمهات أخريات التخلص من إزعاج وصراخ أطفالهن بشراء أجهزة خاصة تمكنهم من تصفّح الإنترنت طوال اليوم.
في الوقت الذي لا يخلو فيه منزل من الشاشات الإلكترونية باختلاف أنواعها وأحجامها، فإن سيطرة هذه الشاشات على الكبار والصغار معاً، أصبحت مشكلة لا يمكن تجاهلها، حيث إنها مرتبطة بشكل وثيق بالكثير من الاضطرابات النفسية، ومن ضمنها متلازمة الشاشات الإلكترونية. فما هذه المتلازمة وكيف يمكنها التأثير على الدماغ؟
تعتمد هذه المتلازمة على التحفيز المفرط للجهاز العصبي لدى الأطفال والمراهقين الذين يجلسون فترات طويلة أمام التلفاز أو الشاشات الإلكترونية، ما يؤثر سلباً على السلوكات والمزاج وطريقة التفكير لدى الأطفال والمراهقين، ما يجعلهم غير قادرين على التحكّم بذاتهم أو بمشاعرهم. لكن على الرغم من التشابه بينها وبين كثير من الاضطرابات العصبية الأخرى، فإنها تتميّز وتختلف عنها باختلاف الأعراض وتتوقف فور التعرّض للشاشات. وعلى الرغم من احتمالية إصابة أيّ شخص بهذه المتلازمة، فإنَّ هناك بعض العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بهذه المتلازمة التي تؤدي إلى تأخّر نموهم العقلي في عمر عامين وفي جميع المجالات باستثناء المهارات الحركية، واتضح من الدراسات وجود صلة بين النمو العقلي وزمن تعرض الأطفال للشاشات في مرحلة الطفولة المبكرة. أضف إلى ذلك أنه مع وجود التقدم العلمي والتكنولوجي في زمننا الراهن، وعلى الرغم من إيجابيات الأجهزة الإلكترونية في عملية التعلم واكتساب المهارات وزيادة النمو اللغوي، فإنه يبقى استخدام الشاشات فترات طويلة ذا تأثير سلبي على صحة الأطفال وتطورهم الوظيفي والجسدي والنفسي والاجتماعي والعقلي.
كما أن هذه المتلازمة كفيلة بتفاقم أيّ اضطراب عقلي في حال وجوده، وغالباً ما تصيب هذه المتلازمة الأطفال والمراهقين بسبب التعرض المستمر للشاشات الإلكترونية الذي يعمل على تقلّص المادة الرمادية في الدماغ. لذا وُجِد أن الأطفال يعانون من ضعف في مناطق الدماغ المسؤولة عن اكتساب اللغة والقدرات الأكاديمية بسبب كثرة استعمالهم الشاشات الإلكترونية، وقد تسبب الومضات الضوئية المنبعثة من الشاشات لدى بعض الأطفال تشنجات ونوبات صرع، كما أن الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات يؤثر على الساعة البيولوجية لدى الأطفال.
إن التعرّض للشاشات ساعات طويلة يزيد من إفراط حركتهم بحيث يصلون إلى مرحلة الإدمان على ألعاب الفيديو وغيرها، فالفترات المفرطة الطويلة التي يمضيها الأطفال والمراهقون أمام الشاشات تؤدي إلى إحداث اضطرابات سلوكية غير طبيعية وغيرها من الظواهر السلبية، ما يؤدي إلى زيادة الضغط على المخ ليصل إلى خلل في النظم البيولوجية والجهاز العصبي للأطفال.
في دراسة حديثة نسبياً نفذتها مجموعة البحث في المملكة المتحدة من أجل سلامة الأطفال على الإنترنت لوحظ أن نسبة الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و16 سنة ويستخدمون الإنترنت وهي 94% أبرزت الأخطار التي واجهت الأطفال، حيث قال واحد من كل عشرة إلى واحد من كل خمسة مراهقين إنهم واجهوا مواد أثارت مخاوفهم أو مواقع إباحية، بالإضافة إلى تعرضهم للتنمر الإلكتروني والابتزاز الجنسي. كما أظهر استبيان لعدد كبير من المراهقين أن الأطفال الذين يستخدمون هواتفهم ثلاث ساعات يومياً كانوا أكثر عرضة للتوحّد واليأس والتفكير في الانتحار، بينما ارتفع معدل الانتحار إلى النصف عندما كانوا يستخدمونها أكثر من خمس ساعات. وبحسب دراسة لجامعة غلاسكو يؤدي الإفراط في استعمال الهاتف الجوال إلى زيادة معدلات أمراض القلب والسرطان، وعلى النقيض أكدت دراسة أجرتها مؤسسة أكسفورد للإنترنت عدم وجود علاقة بين الحد من استخدام الأجهزة ورفاهية الأطفال النفسية، بل إن الفكرة الأساسية تكمن في طريقة تعامل الآباء مع أبنائهم فيما يخص كيفية استعمال الشاشات وليس مدة الاستخدام، فهل من آباء يعيرون كل ذلك انتباهاً؟
نقلاً عن صحيفة الشرق الأوسط
تطرقت هاتان المؤسستان بإدراك ووعي كامل إلى معالجة مواضيع آنية وخطيرة تهدد الأسرة والمجتمع وكيان البلد، فتنوعت المواضيع حول تأثير مرحلتي الطفولة والمراهقة على شخصية المنحرف، والحماية القانونية للأحداث المعرضين للمخاطر، والإدمان وتأثيره على السلوك الاجتماعي، والتوجيه الأسري في الوقاية من الانحرافات والشذوذ، وأثر الإعلام في تكوين اتجاهات الشباب والناشئة، وانتهت بمحاولة التدمير الممنهج للعائلة اللبنانية وقيمها.
«الأسرة» هي قلب المجتمع وشريانه النابض، وعندما يكون القلب سليماً ينعكس ذلك إيجاباً على حياة الأسرة، وحماية الأسرة تتطلب وعياً ناضجاً داخل المنزل وخارجه.
بناء على ما تقدم، سأسلّط الضوء في هذا المقال على موضوع لا يخلو من الأهمية والخطورة الكبرى التي يدركها البعض، ويجهلها أو لا يدركها البعض الآخر، ألا وهو تأثير متلازمة الشاشات الإلكترونية على أجيال المستقبل من الأطفال والمراهقين، وأتساءل بسؤال محيّر ومحرج للناس، محبط ومشوِّه للمجتمع وهو «هل تشعرون فعلاً بأن التكنولوجيا، وخاصة الهاتف الذكي والحاسوب اللوحي (Ipad) وغيرهما، تستحوذ على تفكير أولادكم لسرقتهم منكم؟».
أنت لست وحدك من يراوده هذا الشعور، فتأثير الشاشات الإلكترونية يطغى وينعكس إيجاباً أحياناً، وسلباً أحياناً أخرى على انسجام الحياة العائلية بعد أن أصبحت الهواتف الذكية في متناول الجميع حتى الأطفال، بحيث لا يستطيع معظم الآباء والأمهات منع أولادهم بشكل عام من استخدام الشاشات الإلكترونية، حتى إن بعضهم، وخاصة بعض الأمهات، يفقد السيطرة على الأمر، بينما تحاول أمهات أخريات التخلص من إزعاج وصراخ أطفالهن بشراء أجهزة خاصة تمكنهم من تصفّح الإنترنت طوال اليوم.
في الوقت الذي لا يخلو فيه منزل من الشاشات الإلكترونية باختلاف أنواعها وأحجامها، فإن سيطرة هذه الشاشات على الكبار والصغار معاً، أصبحت مشكلة لا يمكن تجاهلها، حيث إنها مرتبطة بشكل وثيق بالكثير من الاضطرابات النفسية، ومن ضمنها متلازمة الشاشات الإلكترونية. فما هذه المتلازمة وكيف يمكنها التأثير على الدماغ؟
تعتمد هذه المتلازمة على التحفيز المفرط للجهاز العصبي لدى الأطفال والمراهقين الذين يجلسون فترات طويلة أمام التلفاز أو الشاشات الإلكترونية، ما يؤثر سلباً على السلوكات والمزاج وطريقة التفكير لدى الأطفال والمراهقين، ما يجعلهم غير قادرين على التحكّم بذاتهم أو بمشاعرهم. لكن على الرغم من التشابه بينها وبين كثير من الاضطرابات العصبية الأخرى، فإنها تتميّز وتختلف عنها باختلاف الأعراض وتتوقف فور التعرّض للشاشات. وعلى الرغم من احتمالية إصابة أيّ شخص بهذه المتلازمة، فإنَّ هناك بعض العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بهذه المتلازمة التي تؤدي إلى تأخّر نموهم العقلي في عمر عامين وفي جميع المجالات باستثناء المهارات الحركية، واتضح من الدراسات وجود صلة بين النمو العقلي وزمن تعرض الأطفال للشاشات في مرحلة الطفولة المبكرة. أضف إلى ذلك أنه مع وجود التقدم العلمي والتكنولوجي في زمننا الراهن، وعلى الرغم من إيجابيات الأجهزة الإلكترونية في عملية التعلم واكتساب المهارات وزيادة النمو اللغوي، فإنه يبقى استخدام الشاشات فترات طويلة ذا تأثير سلبي على صحة الأطفال وتطورهم الوظيفي والجسدي والنفسي والاجتماعي والعقلي.
كما أن هذه المتلازمة كفيلة بتفاقم أيّ اضطراب عقلي في حال وجوده، وغالباً ما تصيب هذه المتلازمة الأطفال والمراهقين بسبب التعرض المستمر للشاشات الإلكترونية الذي يعمل على تقلّص المادة الرمادية في الدماغ. لذا وُجِد أن الأطفال يعانون من ضعف في مناطق الدماغ المسؤولة عن اكتساب اللغة والقدرات الأكاديمية بسبب كثرة استعمالهم الشاشات الإلكترونية، وقد تسبب الومضات الضوئية المنبعثة من الشاشات لدى بعض الأطفال تشنجات ونوبات صرع، كما أن الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات يؤثر على الساعة البيولوجية لدى الأطفال.
إن التعرّض للشاشات ساعات طويلة يزيد من إفراط حركتهم بحيث يصلون إلى مرحلة الإدمان على ألعاب الفيديو وغيرها، فالفترات المفرطة الطويلة التي يمضيها الأطفال والمراهقون أمام الشاشات تؤدي إلى إحداث اضطرابات سلوكية غير طبيعية وغيرها من الظواهر السلبية، ما يؤدي إلى زيادة الضغط على المخ ليصل إلى خلل في النظم البيولوجية والجهاز العصبي للأطفال.
في دراسة حديثة نسبياً نفذتها مجموعة البحث في المملكة المتحدة من أجل سلامة الأطفال على الإنترنت لوحظ أن نسبة الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و16 سنة ويستخدمون الإنترنت وهي 94% أبرزت الأخطار التي واجهت الأطفال، حيث قال واحد من كل عشرة إلى واحد من كل خمسة مراهقين إنهم واجهوا مواد أثارت مخاوفهم أو مواقع إباحية، بالإضافة إلى تعرضهم للتنمر الإلكتروني والابتزاز الجنسي. كما أظهر استبيان لعدد كبير من المراهقين أن الأطفال الذين يستخدمون هواتفهم ثلاث ساعات يومياً كانوا أكثر عرضة للتوحّد واليأس والتفكير في الانتحار، بينما ارتفع معدل الانتحار إلى النصف عندما كانوا يستخدمونها أكثر من خمس ساعات. وبحسب دراسة لجامعة غلاسكو يؤدي الإفراط في استعمال الهاتف الجوال إلى زيادة معدلات أمراض القلب والسرطان، وعلى النقيض أكدت دراسة أجرتها مؤسسة أكسفورد للإنترنت عدم وجود علاقة بين الحد من استخدام الأجهزة ورفاهية الأطفال النفسية، بل إن الفكرة الأساسية تكمن في طريقة تعامل الآباء مع أبنائهم فيما يخص كيفية استعمال الشاشات وليس مدة الاستخدام، فهل من آباء يعيرون كل ذلك انتباهاً؟
نقلاً عن صحيفة الشرق الأوسط