مثل غيري من الزميلات والزملاء العاملين في المجال الإعلامي، أحاول أن أبقى على تواصل مع ما يستجد من تقنيات في مجال العمل، خصوصاً الذكاء الاصطناعي، للاستفادة مما يوفره من إمكانيات تساهم في تطوير العمل وتحسين مخرجات، وبما يتوافق مع متطلبات العصر الحالي. ولا أكاد أتصفح موقعاً من المواقع؛ إلا وتظهر لي العشرات من الإعلانات التي تروّج لبرامج أو تطبيقات الذكاء الاصطناعي تعمل في مختلف المجالات، بل إن «الموضة» ذاتها غزت حياتنا الطبيعية عبر الكثير من المؤتمرات والمحاضرات والندوات المتعلقة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، فلا يكاد يخلو مؤتمر من المؤتمرات إلا وفيه جلسة خاصة عن الذكاء الاصطناعي وارتباطه بموضوع المؤتمر. وإذا عدنا للوراء قليلاً، ومع ظهور تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي كقوة فاعلة في مجالات مختلفة، دار كثير من الجدل وطُرحت كثير من التساؤلات حول ما إذا كان هذا الذكاء يمثّل إنجازاً علمياً أم أنه مجرد «فقاعة» سرعان ما ستنتهي مع مرور الوقت، مثل غيره من التقنيات التي سرعان ما اندثرت، إذ يرى البعض أن الذكاء الاصطناعي ليس سوى «وهم تقني»، وأن الهوس الحالي بتطويره سيؤول إلى نهاية محبطة. ولكن ومع التطور التقني الكبير فقد أصبح الذكاء الاصطناعي واقعاً ملموساً، حيث تعتمد كثير من الشركات والمجتمعات على الذكاء الاصطناعي في مجالات متعددة، مثل التشخيص الطبي، وتحليل البيانات، والأتمتة الصناعية، وأدوات الترجمة التلقائية، والتفاعل مع العملاء. لكنّ وجوده في حياتنا ليس مرتبطاً فقط بالقدرة على الأداء بل بتأثيره في كيفية التفكير وأسلوب الحياة والعمل. وأرى أن الضجة حول الذكاء الاصطناعي تتشابه مع ما حدث بظهور الإعلام الحديث والسوشيال ميديا، حيث كان يُنظر إليها بأنها مجرّد «موضة» أو «فقاعة» إعلامية وستنتهي، إلا أنها أصبحت اليوم من أساسيات الحياة. ومع الوقت، تبيّن أن مواقع التواصل الاجتماعي تمتلك تأثيراً حقيقياً وقوياً، بل وأصبحت صناعة الإعلام والتواصل الاجتماعي من الصناعات الأكثر تأثيراً في الاقتصاد العالمي، حتى مع الانتقادات التي تُوجّه إليها. إلا أن المنتقدين يرون أن الذكاء الاصطناعي ينطوي على أخطار عديدة، منها فقدان العديد من الوظائف البشرية لصالح الآلات، وتزايد الاعتماد على الأنظمة الآلية، مما قد يؤدي إلى تداعيات اجتماعية واقتصادية خطيرة. كما يشير البعض إلى أن الذكاء الاصطناعي لايزال عاجزاً عن «الفهم» الحقيقي أو اتخاذ القرارات المبنية على الوعي والشعور، وهو ما يجعله، في رأيهم، محدوداً وقد يُستغنى عنه في المستقبل لصالح تطورات جديدة.