الدول كلها تتجه إلى إعادة توزيع الموارد والبحث في سبل زيادتها، إلى جانب ضبط الإنفاق، فلسنا وحدنا من يعلن عن إجراءات تقشفية، وغالبية تلك الإجراءات تطال جيب المواطن، والكل مشغول بهذه الآلية للتعامل مع المتغيرات والصدمات الاقتصادية حتى في دول كالكويت والسعودية وقطر، ونحن هنا نتحدث عن دول نفطية ذات إنتاج ضخم، ولكن نحن وحدنا من يتجاهل الوزراء في دولتهم شركاءهم المواطنين في هذه العملية، وحدنا.. الوزراء يرفضون التحدث مع الناس، وكذلك وحدنا من ينفرد بسوء التوقيت، ووحدنا من يتميز بعدم ضبط أنشطته مع الأجندة الوطنية، أي مع المزاج العام.
بمعنى أن أي جهة تنوي إجراءً تقشفياً لا تعرف نبض الشارع، ولا تقيسه وليست معنية به من أساسه. فهي جهة تتحمل رد الفعل وزيادة درجات السخط على النظام. وهنا في البحرين لا نرى أي مؤشر لهذه العناية، أضف لها أن هذه الجهة تعمل بمعزل عن جهات أخرى في الدولة، وتريد تطبيق القانون وتتوقع رد فعل غاضب تجاه قرارها الأمني وأحكامها القضائية، وتحتاج أن تستعد لرد الفعل وتهيئة الرأي العام له وضبط ردود فعله، ويعمل الاثنان بمعزل عن جهة تريد الترويج لنشاط رياضي نخبوي ربما سيفرح به الناس ويتفاعلون معه حباً في دولتهم وحباً في شخوص الرموز التي تعنى بهذه الأنشطة لو صدر الإعلان عنه في وقت آخر. فأن يتحرك الثلاثة في ذات التوقيت وفي ذات الأسبوع وكل في اتجاه معاكس والمواطن في منتصف تلك القرارات التي تمسه وتمس أمنه، تحدث قنبلة فراغية صوتية تصم أذان المواطن فلا يعرف أين يتجه، وعلى من يردُّ، ومع من يتجاوب، فيحمل في نفسه طاقة غضب وتمرد وسخط، ويقف مذهولاً «اتصفق به الطوف» أي تصطدم الجدران به وهو ثابت كاللوح، أي أن الجدران هي التي تتحرك وتضغط عليه، فتسقط حواجز الاحترام والتقدير بينه وبين من له مكانة اجتماعية، ويخرج حتى عن أدب الحوار في الاعتراض عن كل ما يجري حوله ويريد أن يقول «لا» فيقولها على كل شيء، حتى لمن هو متفق معه، وأصبح الاعتراض متنفسه الوحيد. وحين يعترض حتى مع النعم.. لا تلمه، فقد طفح به الكيل.
هذه هي البحرين، غياب تام عن دراسة وتهيئة الرأي العام، غياب تام عن التنسيق والعمل كفريق بين الأجهزة الحكومية، وغياب تام عن مجسات النبض عند مسؤولي الإعلام في مكاتب القيادات وأصحاب السمو التي يجب أن تضع الترويج للأنشطة ضمن السياق العام للأجندة الوطنية، فلا تغرد وحدها بعيداً عن الهم العام. فالدول الأخرى تتخذ ذات الإجراءات التقشفية، ولكنها تدرسها وتعد لها مسبقاً، ويعمل الفريق الحكومي كله تحت قيادة مركزية تعمل وتضبط كل إيقاعات الأجهزة والقرارات معاً وتضع نصب أعينها متى وكيف تخاطب المجتمع، في حين تعمل كل هذه الأجهزة عندنا بمعزل عن بعضها البعض وبمعزل عن المجتمع.
الخلاصة.. نتمنى أن يصدر أمر واضح ومباشر من رئاسة الوزراء، ومن النائب الأول، لمعالي وسعادة الوزراء جميعهم دون استثناء للتنسيق فيما بينهم قبل اتخاذ قرارات تمس الناس وتحتاج إلى ضبط إيقاع ردود الفعل. كما نتمنى ثانياً أن يصدر عنهم أمر مباشر للتحدث للرأي العام وتهيئته احتراماً لهذا الإنسان المدعو «بحريني»، من أجل شرح ما يجري والتباحث معه عبر نوابه وعبر وسائل الإعلام وعبر وسائل التواصل الاجتماعي وعبر حضور الندوات والاجتماعات العامة، والتفاعل مع أسئلة الناس وردود فعلهم، فقد عينوا تكليفاً لهم لا تشريفاً فحسب من أجل خدمة هذا الإنسان الذي يتجاهلونه، ودون أن يكون هناك أمر مباشر فلن يتحدثوا بل سيرمون الكرة للوكلاء والوكلاء سيغلقون هواتفهم، وقد يصدرون أوامر حث المديرين بعدم الاستجابة!!
إن كنا مقدمين على إجراءات تقشفية فلابد أن تكون على قدر المواجهة والمشاركة والاستماع للناس.
و أخيراً نتمنى من مسؤولي الإعلام والعلاقات العامة لأصحاب السمو أن يضعوا ضمن مهامهم قياس التوقيت وردود الفعل واختيار ما يتناسب مع الجو العام للإعلان عن أي من الأنشطة العامة، من أجل الحفاظ على تلك العلاقة الودية والاجتماعية التي تضعهم في مكانهم الذي يليق بهم في مجتمعهم الذي يحبهم ويكن لهم الاحترام.
{{ article.visit_count }}
بمعنى أن أي جهة تنوي إجراءً تقشفياً لا تعرف نبض الشارع، ولا تقيسه وليست معنية به من أساسه. فهي جهة تتحمل رد الفعل وزيادة درجات السخط على النظام. وهنا في البحرين لا نرى أي مؤشر لهذه العناية، أضف لها أن هذه الجهة تعمل بمعزل عن جهات أخرى في الدولة، وتريد تطبيق القانون وتتوقع رد فعل غاضب تجاه قرارها الأمني وأحكامها القضائية، وتحتاج أن تستعد لرد الفعل وتهيئة الرأي العام له وضبط ردود فعله، ويعمل الاثنان بمعزل عن جهة تريد الترويج لنشاط رياضي نخبوي ربما سيفرح به الناس ويتفاعلون معه حباً في دولتهم وحباً في شخوص الرموز التي تعنى بهذه الأنشطة لو صدر الإعلان عنه في وقت آخر. فأن يتحرك الثلاثة في ذات التوقيت وفي ذات الأسبوع وكل في اتجاه معاكس والمواطن في منتصف تلك القرارات التي تمسه وتمس أمنه، تحدث قنبلة فراغية صوتية تصم أذان المواطن فلا يعرف أين يتجه، وعلى من يردُّ، ومع من يتجاوب، فيحمل في نفسه طاقة غضب وتمرد وسخط، ويقف مذهولاً «اتصفق به الطوف» أي تصطدم الجدران به وهو ثابت كاللوح، أي أن الجدران هي التي تتحرك وتضغط عليه، فتسقط حواجز الاحترام والتقدير بينه وبين من له مكانة اجتماعية، ويخرج حتى عن أدب الحوار في الاعتراض عن كل ما يجري حوله ويريد أن يقول «لا» فيقولها على كل شيء، حتى لمن هو متفق معه، وأصبح الاعتراض متنفسه الوحيد. وحين يعترض حتى مع النعم.. لا تلمه، فقد طفح به الكيل.
هذه هي البحرين، غياب تام عن دراسة وتهيئة الرأي العام، غياب تام عن التنسيق والعمل كفريق بين الأجهزة الحكومية، وغياب تام عن مجسات النبض عند مسؤولي الإعلام في مكاتب القيادات وأصحاب السمو التي يجب أن تضع الترويج للأنشطة ضمن السياق العام للأجندة الوطنية، فلا تغرد وحدها بعيداً عن الهم العام. فالدول الأخرى تتخذ ذات الإجراءات التقشفية، ولكنها تدرسها وتعد لها مسبقاً، ويعمل الفريق الحكومي كله تحت قيادة مركزية تعمل وتضبط كل إيقاعات الأجهزة والقرارات معاً وتضع نصب أعينها متى وكيف تخاطب المجتمع، في حين تعمل كل هذه الأجهزة عندنا بمعزل عن بعضها البعض وبمعزل عن المجتمع.
الخلاصة.. نتمنى أن يصدر أمر واضح ومباشر من رئاسة الوزراء، ومن النائب الأول، لمعالي وسعادة الوزراء جميعهم دون استثناء للتنسيق فيما بينهم قبل اتخاذ قرارات تمس الناس وتحتاج إلى ضبط إيقاع ردود الفعل. كما نتمنى ثانياً أن يصدر عنهم أمر مباشر للتحدث للرأي العام وتهيئته احتراماً لهذا الإنسان المدعو «بحريني»، من أجل شرح ما يجري والتباحث معه عبر نوابه وعبر وسائل الإعلام وعبر وسائل التواصل الاجتماعي وعبر حضور الندوات والاجتماعات العامة، والتفاعل مع أسئلة الناس وردود فعلهم، فقد عينوا تكليفاً لهم لا تشريفاً فحسب من أجل خدمة هذا الإنسان الذي يتجاهلونه، ودون أن يكون هناك أمر مباشر فلن يتحدثوا بل سيرمون الكرة للوكلاء والوكلاء سيغلقون هواتفهم، وقد يصدرون أوامر حث المديرين بعدم الاستجابة!!
إن كنا مقدمين على إجراءات تقشفية فلابد أن تكون على قدر المواجهة والمشاركة والاستماع للناس.
و أخيراً نتمنى من مسؤولي الإعلام والعلاقات العامة لأصحاب السمو أن يضعوا ضمن مهامهم قياس التوقيت وردود الفعل واختيار ما يتناسب مع الجو العام للإعلان عن أي من الأنشطة العامة، من أجل الحفاظ على تلك العلاقة الودية والاجتماعية التي تضعهم في مكانهم الذي يليق بهم في مجتمعهم الذي يحبهم ويكن لهم الاحترام.