«السلام» اسم تسمى به الخالق جلا وعلا، و«السلام» تحية الإسلام «وتحيتُهم فيها سلام»، والجنة دار «السلام»، والقرآن الكريم يقول «فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف». إن آفة البشر هي جهلهم بحقيقة وجودهم ومغزى خلقهم! والأسباب التي من أجلها يتآلفون أو يتصارعون! والنهاية الأخيرة التي تنتظرهم إن خيراً أو شراً! فقضية الإنسان الكبرى في هذا الوجود هي «السلام»، كيف يوفره لذاته، ولعائلته، ولمجتمعه، بل للإنسانية جميعاً؟ ألا ترى كل إنسان وحتى الحيوان والطير ينشد الطمأنينة والاستقرار؟ هل وجد أحد ضالته في الألم والحزن كي يصبح سعيداً؟ ومن ادّعى إن الحروب هي التي تحقق سعادة بشر ما؟ إن سوء طالع الإنسان هو ابتلاؤه بمن أودع وفيه قناعة ضرورة الصراع كي يحيا مع غيره! أو أن البقاء للأقوى! وعليك أن تكون ذئباً وإلا أكلتك الذئاب! إن الحرب ملأت كتب التاريخ على حساب السلام! حتى وجدت لها منظرين وفلاسفة منذ هرقليطس «في القرن السادس قبل الميلاد»، حيث يسمي الحرب «بمبدأ التعارض»، وأنها «الأم التي تلد كل الكائنات»، أما «هوميروس» فكان يصلي من أجل تدمير البشر من دون أن يدري حين أطلق مقولته «ليت الخلاف يضمحل بين الآلهة والبشر»، ولم يكن الأمر حصراً على الفلاسفة الغربيين القدماء بل وجدنا المحدثين منهم يرددون صدى مقولاتهم فهذا «هوبز»، يعتبر حالة الإنسان الطبيعية هي الحرب المستمرة قائلاً «الإنسان ذئب لأخيه الإنسان»، ولم يكن لأنصار نظرية السلام إلا قلة من أمثال «روسو»، الذي اعتبر الحرب دليل على الفساد الإنساني، وأن السلام هو الضامن للتطور والنماء البشري بلا منازع.
في عام 1790 طرح «كانط» فكرتين أساسيتين من أجل سلام دائم: أولاً: الاقتناع بأن التطور سيصب في نهاية الأمر في خانة الأفضل والأجمل، وثانياً: أن الغلبة ستكون لقوى الخير والقيم الإنسانية الرفيعة، ورغم المقاربات الفكرية الكثيرة وعلاقاتها بواقع الإنسان وصراعاته على المستوى الدولي والإقليمي والمحلي، إلا أن قوى التسامح والخير والبناء لا تزال تخوض معركتها بعيداً عن مقولات «تصدع التاريخ» و«صراع الحضارات»، و«نهاية العالم»، وغيرها من نظريات الجدلية المادية التي تختزل أحلام الإنسان وأشوقه في الحياة الآمنة في قليل من الرغبات والحاجات المادية التافهه. ماذا كانت رسائل الأنبياء والمصلحين إلى البشر إلا أن يغمروا قلوبهم وعقولهم بالمحبة والسلام، بل كانت قيم التسامي والتسامح هي سمات النبوة التي يرتقي فيها بعض البشر إلى سلم درجاته هي الدرجات العلا حيث لا يرتقي إليها إلا من كان ذا فضل عظيم، يقول القرآن الكريم «ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم، وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم، وهناك نصوص أخرى عديدة ينبعث منها النور إلى كل المبشرين بقيم السلام والمحبة والرحمة مؤداها أن «البشر إخوة – أبوهم واحد وأمهم واحدة»، وأن مسؤوليتهم أن يتعارفوا كي يتآلفوا فيعيشوا في كنف بعضهم البعض أحبةً مطمئنين. فلا تنمو أيديولوجيا الحرب إلا في فوضى العبثية، تلك العبثية القائمة على التصارع وليس التنافس الشريف، إنها الفوضى التي تخرب القلوب قبل الأجساد، وتهدم الأرواح البشرية داخل الأفراد، قبل أن تجعلهم ذئاباً يقتلون بعضهم بعضاً.
إن هؤلاء الداعين للفوضى الخلاقة يريدون هدم الأفراد أولاً ثم يخربون المجتمع بعد ذلك، إذ من سيكون راضياً بالفوضى والدمار إلا شخص تم انتزاع الرحمة من قلبه والسلام من روحه، ولذا كان لزاماً مواجهة هؤلاء «الفوضويين» الداعين للتخريب النفسي والروحي للأفراد تهيئة لتدمير المجتمعات بعد ذلك، إذ المنطق الحصيف يدعو إلى «تآلف اختلاف واجتماع الأضداد»، فكما أن أعضاء الجسم الواحد لها هيئة مختلفة وتعمل متآلفة، فإن التكامل الوظيفي هو ما يحقق التبادلية والتناسقية في حضارة إنسانية ترقى بالإنسان من خلال غرس السلام في روحه وقلبه فيعيش مطمئناً، خالياً من الحسد والحقد والكراهية، يشعر أن العالم كلّه بيته وأن مليارات البشر إخوته، وأن السلام خبزٌ وماءٌ وهواءٌ للجميع. ويبقى للإنسان قلبه.. مساحةً خضراء زاهية، تجري فيها الجداول وتترقرق فيها ينابيع الأمل.. أما الطيور فتنشد فيه بألحانها آمنة «بالسلام».
وللحديث بقية
في عام 1790 طرح «كانط» فكرتين أساسيتين من أجل سلام دائم: أولاً: الاقتناع بأن التطور سيصب في نهاية الأمر في خانة الأفضل والأجمل، وثانياً: أن الغلبة ستكون لقوى الخير والقيم الإنسانية الرفيعة، ورغم المقاربات الفكرية الكثيرة وعلاقاتها بواقع الإنسان وصراعاته على المستوى الدولي والإقليمي والمحلي، إلا أن قوى التسامح والخير والبناء لا تزال تخوض معركتها بعيداً عن مقولات «تصدع التاريخ» و«صراع الحضارات»، و«نهاية العالم»، وغيرها من نظريات الجدلية المادية التي تختزل أحلام الإنسان وأشوقه في الحياة الآمنة في قليل من الرغبات والحاجات المادية التافهه. ماذا كانت رسائل الأنبياء والمصلحين إلى البشر إلا أن يغمروا قلوبهم وعقولهم بالمحبة والسلام، بل كانت قيم التسامي والتسامح هي سمات النبوة التي يرتقي فيها بعض البشر إلى سلم درجاته هي الدرجات العلا حيث لا يرتقي إليها إلا من كان ذا فضل عظيم، يقول القرآن الكريم «ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم، وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم، وهناك نصوص أخرى عديدة ينبعث منها النور إلى كل المبشرين بقيم السلام والمحبة والرحمة مؤداها أن «البشر إخوة – أبوهم واحد وأمهم واحدة»، وأن مسؤوليتهم أن يتعارفوا كي يتآلفوا فيعيشوا في كنف بعضهم البعض أحبةً مطمئنين. فلا تنمو أيديولوجيا الحرب إلا في فوضى العبثية، تلك العبثية القائمة على التصارع وليس التنافس الشريف، إنها الفوضى التي تخرب القلوب قبل الأجساد، وتهدم الأرواح البشرية داخل الأفراد، قبل أن تجعلهم ذئاباً يقتلون بعضهم بعضاً.
إن هؤلاء الداعين للفوضى الخلاقة يريدون هدم الأفراد أولاً ثم يخربون المجتمع بعد ذلك، إذ من سيكون راضياً بالفوضى والدمار إلا شخص تم انتزاع الرحمة من قلبه والسلام من روحه، ولذا كان لزاماً مواجهة هؤلاء «الفوضويين» الداعين للتخريب النفسي والروحي للأفراد تهيئة لتدمير المجتمعات بعد ذلك، إذ المنطق الحصيف يدعو إلى «تآلف اختلاف واجتماع الأضداد»، فكما أن أعضاء الجسم الواحد لها هيئة مختلفة وتعمل متآلفة، فإن التكامل الوظيفي هو ما يحقق التبادلية والتناسقية في حضارة إنسانية ترقى بالإنسان من خلال غرس السلام في روحه وقلبه فيعيش مطمئناً، خالياً من الحسد والحقد والكراهية، يشعر أن العالم كلّه بيته وأن مليارات البشر إخوته، وأن السلام خبزٌ وماءٌ وهواءٌ للجميع. ويبقى للإنسان قلبه.. مساحةً خضراء زاهية، تجري فيها الجداول وتترقرق فيها ينابيع الأمل.. أما الطيور فتنشد فيه بألحانها آمنة «بالسلام».
وللحديث بقية