ما الامتحانات الوطنية للصف الثاني عشر التي رسب فيها ما يقارب الـ 90% من طلبة الحكومة في مادة الإنجليزية «84 %»، والـ 60% في اللغة العربية «63 %»، والتي على أثر تلك النتائج شكل وزير التربية لجنة تحقيق في الوزارة لتحديد أسباب تلك النتائج الكارثية؟

ونحن نعتبر تلك اللجنة بداية الحل، إن لم تكن شكلية، بل فعلية، تقر أولاً بالمشكلة، نحن في مرحلة نحتاج فيها فقط أن نقر بأن لدينا مشكلة لا نريد أكثر من ذلك، لأننا إلى الآن نقيس نتائجنا على نجاحات الاستثناءات التي نجحت لا القاعدة الأكبر التي رسبت.

رب قائل إنه قد تزيد نسبة النجاحات لو أن الطلبة مثلاً تعاملوا بجدية مع الامتحانات الوطنية، وهذه هي حجة الوزارة، بأن الطلبة يرون في هذه الامتحانات تضييع وقت فلا يتعاملون معها بجد، لأن نتائجها لا تحتسب ضمن علاماتهم في الشهادة، ولكن كم تبلغ نسبة هؤلاء؟ وهل سيغيرون كثيراً في النتيجة النهائية؟ لدينا رقم كارثي يشكل الغالبية الساحقة، هو رقم يجعلنا نقر بأن لدينا مشكلة وهذا هو أول الدواء والعلاج.

أن تأخذ وزارة التربية والتعليم نتائج الامتحانات الوطنية على محمل الجد وأن يأخذ المجتمع برمته بإعلامه وبمؤسساته المدنية تلك الامتحانات على محمل الجد، فالاهتمام الإعلامي الذي حظيت به نتائج الامتحانات هو الذي دفع وزارة التربية لتشكيل لجنة تحقيق داخلية للمرة الأولى، ونريد أن يبقى هذا الاهتمام في دائرة الضوء فلا يفتر عن الرقابة الشعبية.

فما هي تلك الامتحانات التي تجريها هيئة ضمان جودة التعليم ولماذا على الرأي العام متابعتها والاهتمام بها خاصة وأنها ستجرى قريباً في شهر مارس.

الامتحانات الوطنية التي أجريت للصف الثاني عشر أو التوجيهي في الحكومة لا تمتحن الطلبة في مناهجهم، بل تقيس المهارات الرئيسة الواجب أن يكتسبها الطلبة بعد استكمالهم 12 عاماً من التعليم ما قبل الجامعي في مملكة البحرين، وبعد أن كلفهم ما يقارب 36 ألف دينار كحكومة، وأكثر من ذلك كلف الأسر التي تدرس أبناءها في المدارس الخاصة.

صممت الامتحانات الوطنية وفق المعايير الدولية لا المعايير البحرينية، بحيث يمكن مقايستها بمستويات الشهادات الدولية، لأنها تقيس مهارات عامة لا تقيس مدى استيعابه منهج محدد، فالامتحان يظهر نتائج النظام التعليمي لا يظهر نتائج مهارات الطلبة لأنه يمتحن الوزارة مثلما يمتحن الطالب.

فاللغة العربية وحل المشكلات تم مقايسة كل منهما بالمستوى البريطاني «AS»، أما اللغة الإنجليزية فقد تمت مقايستها بمستوى «B2» الخاص بالإطار الأوروبي الموحد للغات «CEFR».

الهدف الأساسي هو قياس مدى قدرته على التقدم والحصول على وظيفة ومدى قدرته على المنافسة في السوق العالمية والقبول في الجامعات، لا قدرته على الإجابة على أسئلة الوزارة.

نسبة الرسوب التي أظهرتها هذه الامتحانات ممكن بسببها إعلان حالة الطوارئ في أي دولة، ورغم ظهورها منذ الصيف الماضي، إلا أن الأمر بقي في إطار المعالجة الداخلية بين الحكومة وبين الهيئة، فاقترح مجلس الوزراء كحل لسد الفارق بين نتائج الامتحانات البحرينية التي تجريها وزارة التربية وبين نتائج الامتحانات التي تجريها هيئة ضمان الجودة أن توحد تلك الامتحانات، حتى يقل الفارق بينهما، إذ إن الفارق كبير، فالنتائج التي نراها ونقرأها أيام التخرج لا تعني أبداً أن الطالب اكتسب المهارات المطلوبة بل تعني أنه اجتاز امتحان الوزارة فقط.

ما الفرق؟ ما الذي يسألونه وما الذي يقيسونه بالضبط وسقط فيه أكثر من ثمانين في المائة في اللغة الإنجليزية وأكثر من ستين في المائة في اللغة العربية؟

في الامتحانات الوطنية يمتحنون قدرته على التفكير وقدرته على استخدام ما تعلمه، فهو قد درس النحو والإملاء ولكن هل يعرف كيف يكتب؟ هل يستعمل المفردات المناسبة لمقاصد الخطاب؟ هل يستعمل الأسلوب الملائم لمقام التخاطب؟ هل يوظف البيانات لإعداد تقارير لجمهور محدد؟ هل هو قادر على أن ينظم الحجج والأفكار بشكل منطقي؟ هل يوظف النحو وقواعد الإملاء توظيفاً سليماً؟ هل ينظم الفقرات تنظيماً ملائماً؟ هل يستعمل علامات الترقيم استعمالاً سليماً؟

هنا ظهرت الحقيقة أن 37 % منهم فقط نجحوا في الاستفادة مما تعلموه والبقية رسبوا، ولم نعرف بعد درجات من نجح، كم منهم حصل على امتياز أو جيد أو مرضي من هؤلاء السبعة والثلاثين في المائة؟

من جديد لسنا نبحث عن أخطاء ونتصيدها نحن نبحث عن حلول، نضع يدنا في يد وزارة التربية وكل الإمكانات الإعلامية لمساعدتها في تخطي هذه الكارثة إن هي أقرت بها وقالت ساعدونا في تخطيها، ونضع يدنا بيد الحكومة وهي تحاول أن توفق بين رأسين في التعليم «ضمان الجودة»، و«وزارة التربية والتعليم»، فمن المصلحة الوطنية أن نعترف بنتائج تلك الهيئة وننطلق منها للأمام.