وأنا أبحث بين فيديوهات اليوتيوب عما يملأ الفراغ اليومي، لفتت نظري حلقات برنامج غيث، الشاب الإماراتي الذي اجتهد في مساعدة الفقراء والمساكين حول العالم، الحلقات كانت مخصصة لمساعدة لاجئي الحرب في المخيمات من أيتام ومساكين وفقراء، سلطت مجموعة الحلقات الضوء على أهم احتياجات ساكني هذه المخيمات، التي جاء الخبز أولها وتوالت الاحتياجات بين مدافئ وماء وحطب، وهل يحتاج الإنسان إلى أكثر من قوت يومه وسقف يأويه؟
غريبة هي حياتنا، في الوقت الذي يشهد فيه العالم تطوراً على جميع الأصعدة، أحدث تقنيات في تطوير ما هو موجود لخدمة الإنسان مازلنا نعجز رغم هذا التطور على إنهاء الفقر في العالم، تهافت الجميع في عصرنا على اقتناء أهم وأغلى وأجمل وأحلى ما يوجد، ونسينا أو تناسينا أن هناك إنساناً، يكاد يموت كل يوم من الجوع والفقر والخوف والبرد، مؤمنة أنا كثيراً أننا نشكل عالمنا بيدنا، نحن من نقرر ما نريد وما لا نريد في عالمنا، فإذا قررت أن تلغي شخصاً من عالمك، يكفي أن تحظره من جميع مواقع التواصل ووسائل الاتصال فلا تعود تعرف عنه وعن أخباره، وفي لحظة يختفي، ويُمحى من عالمك للأبد، هذا ما فعلناه حرفياً مع هؤلاء الناس هم مسجلون على قيد الحياة على الورق فقط، هم يعيشون على هامش حياة، تغاضى الإعلام عنهم فنسيناهم، مسحنا وجودهم من حياتنا ومن عقلنا، بل وتجبرنا، وإذا نبهنا أحدهم لوجودهم ترفعنا، وأطلقنا ثقافتنا المزيفة في الدفاع عن أنفسنا فقلنا عليهم أن يساعدوا أنفسهم وأن يعملوا، عليهم أن يتحملوا المسؤولية، نحن نعمل ونتعب ونستحق الحياة.
نعم يعملون في مكان لا عمل فيه، ولا معين بين جدران من قماش وسقف من ورق، طبقنا حرفياً ما قاله الله عز وجل في القرآن الكريم في سورة "يس" الآية رقم 47 "وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله قال الذين كفروا للذين آمنوا أنطعم من لو يشاء الله أطعمه، إن أنتم إلا في ضلال مبين"، هذا فعلياً ما طبقناه عندما أشحنا نظرنا عنهم وتخلينا عنهم بحجه انشغالاتنا بالعمل والحياة حينها لا نرى أنهم مظلومون ولا مساكين.
بل شاءت أقدارهم أن يعيشوا هذه التجربة الأليمة، في حين نحن عند أقل ظلم يقع علينا نقول بصوت عالٍ الحياة ظالمة، أهي حقاً الحياة ظالمة؟ أم نحن؟ هل يحق لنا أن ننسى وجود هؤلاء؟ أليس لهم حق علينا؟ ونحن أكثر من غيرنا، فنحن مسلمون تقع علينا مسؤوليتهم وسيحاسبنا الله على فقير غضضنا الطرف عنه وتجاهلنا وجوده واحتياجاته ونحن نعرف، سيحاسبنا الله لأننا نعرف، نحن نعلم ولو كنا لا نعلم لكان أخف، لن يطلب منك أحد الذهاب فعلياً لهذه المخيمات لتقديم يد المساعدة، بل يكفي أن تسعى في مساعدة غيرك من محتاجين ومساكين وفقراء.
الخلاصة: خذ عهداً على نفسك أن تُساعد روحاً كل يوم، ساعدها بمال، بطعام، بلباس، بكلمة طيبة، بنصيحة، أجبر خاطراً لروح متعبة، ساعد، حتى لو بإيصال معاناتهم لغيرك من المقتدرين الراغبين في تقديم المساعدة ومد يد العون لهم، علم من لا يعلم، قدم مساعدة لإنسان آخر كل يوم، حاول على الأقل أن تغير شيئاً في نفسك، لعلك بذلك تغير ما حولك، وما هي الحياة التي نعيشها إلا أيام وما هي السعادة إلا في مساعدة الغير وإسعادهم، وختاماً أقول ما يقوله غيث دائماً لا تنسى "الناس للناس".