ليس أدلّ على قدرات مؤسسة أو إدارة تنفيذية، من تحويلها الخسارة إلى نجاح ومكاسب، بل إن هذا المؤشر أيضاً يخضع لعامل الوقت ومقدار النجاح المتحقق بعد الخسائر بالمقارنة مع الفترة الزمنية لهذا التحول.

فقصة "ماكلارين البحرين" تعتبر نموذجاً للإدارة الناجحة عبر سيناريو بدأ منذ عام 2007، حين استحوذت ممتلكات البحرين على 30% من أسهم "ماكلارين"، لترفع حصتها بعد ذلك على مدار السنوات الـ16 وصولاً للاستحواذ الكامل على الشركة قبل عام، رغم أنها كانت تحقّق خسائر، لكن الفرصة الاستثمارية كانت جيدة، بحسب تقديرات الخبراء، وبقي العمل على حوكمة المؤسسة وتحسين كفاءتها.

وخلال فترة وجيزة بالمقارنة مع المراحل العمرية لأي مشروع، نجد أن البحرين استطاعت تحقيق فارق واسع في أداء "ماكلارين" بإدارة تنظر للتمويل الوطني على اعتبار أنه يجب أن يعود بالفائدة على الوطن والمواطن.

ولقد حاول كثيرون التشكيك في جدوى الصفقة منذ سنوات، لكنهم لم يتمكنوا من قراءة أبعادها سواء الاقتصادية أو الرياضية وكذلك تأثيرها على رفع اسم مملكة البحرين دولياً وفي أحد المحافل المتخصّصة ذات الشعبية الكبيرة.

ولا يخلو الأمر من جُرأة في القرار، لكنها جُرأة تعتمد على قراءة موضوعية لجوانب الصفقة التي ذكرتها "الاقتصادي والرياضي والسياسي"، فاليوم تحقق "ماكلارين" بعزم وإخلاص إدارتها البحرينية، إنجازات دولية لم تحققها منذ 26 سنة، رصدتها كافة وسائل الإعلام في الكرة الأرضية، وجاء اسم البحرين تاجاً فوقها.

هذا الاستثمار على وجه الخصوص، وجد دعماً خاصاً ومميزاً من القيادة، حيث استند على رؤية جلالة الملك المعظم لمستقبل الرياضة وأثرها في رفع اسم مملكة البحرين عالياً، ثم اعتمد على دعم سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء لهذا الاستثمار بصفة شخصية، حيث حرص على الحضور الشخصي ليعطي مؤشراً آخر لمفهوم "ماكلارين البحرين"، ويؤكد للمتابعين أنها اليوم سيارة سباق بحرينية تنطلق بين السيارات الأخرى وتصل إلى خط النهاية قبل الآخرين.

ولاشك في أن حدوث هذا التغيير السريع في حالة "ماكلارين" بعد استحواذ "ممتلكات البحرين" عليها، سوف يجعل الخبراء والمراقبين لأسواق الاقتصاد والصناعات الكبرى، في حالة بحث ودراسة لهذا النموذج "البحريني" الأصيل في تحويل الخسارة إلى نجاح.. ونجاح باهر وغير مسبوق، ولم يتحقق منذ أكثر من عقدين.

وأكاد أرى المراقبين في قطاع الاقتصاد وهم يتابعون ما تقرره البحرين عبر مجلس التنمية الاقتصادية و"ممتلكات" بشأن الاستثمارات القادمة، وسيكون هناك مرحلة جديدة لتصنيف مؤسساتنا الاقتصادية بناء على ما حدث خلال سنة واحدة من عمر "ماكلارين".

أخيراً وليس آخراً، أرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات إلى حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم وإلى صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس الوزراء، بمناسبة هذا الفوز الفريد، وأؤكد أن المستقبل سيحمل المزيد من الإنجازات برؤى جلالته ودعم سموه.