قبل نحو عام من الآن، كنت قد كتبت في هذه الزاوية مقالاً بعنوان "صناعة الحلال.. التفكير خارج الصندوق"، وذلك بمناسبة انعقاد "منتدى مكة للحلال"، والذي أعلن آنذاك أنه من المتوقع أن يصل حجم النمو في هذا السوق إلى نحو 7.7 تريليون دولار بحلول عام 2025.
تقارير عالمية كثيرة أشارت إلى أهمية هذه الصناعة، والتي أصبحت واحدة من أبرز الصناعات العالمية التي تشهد نمواً ملحوظاً، مدفوعة بارتفاع الطلب على المنتجات التي تلتزم بالمعايير الشرعية والنقاء والجودة، فهذا القطاع لم يعد مقتصراً على الأغذية فقط؛ بل امتد ليشمل قطاعات متعددة مثل الأدوية ومستحضرات التجميل والخدمات المالية، ليبلغ حجم السوق العالمي أكثر من 2.3 تريليون دولار أمريكي سنوياً.
في هذا السياق؛ خطت مملكة البحرين إلى الأمام لتعزيز مكانتها في هذه الصناعة الواعدة، عبر القرار الذي أصدره صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، والذي يهدف إلى تحويل البحرين لمركز دولي لصناعة المنتجات الحلال، مما يعزز من موقعها الاقتصادي إقليمياً وعالمياً.
القرار ركز على إنشاء آلية رقابية متكاملة لضمان توافق المنتجات الحلال مع المعايير الشرعية والوطنية، ويشمل ذلك تحديد علامة وطنية خاصة للمنتجات الحلال، وإجراء فحوص دورية للتأكد من التزام المنتجات بالمواصفات القياسية، إلى جانب متابعة جميع مراحل الإنتاج والتوزيع، مما يضمن الحفاظ على جودة المنتجات وتميزها.
الخطوة لا تقتصر على تنظيم القطاع فقط؛ بل تهدف أيضاً إلى تعزيز قدرة المصانع المحلية على المنافسة عالمياً من خلال منحها شهادة "الحلال البحريني"، وهي شهادة تسهم في تحسين فرص المنتجات البحرينية في الوصول إلى أسواق جديدة.
ولا شك أن القرار سيفتح للبحرين فرصاً اقتصادية جديدة، إذ من المتوقع أن يسهم في تعزيز الصادرات الوطنية وجذب الاستثمارات، وتوسيع الفرص الوظيفية، إلى جانب دعم الابتكار وفتح الآفاق لرواد الأعمال والصناعات الوطنية الناشئة.
كما أن هذا القرار، وحسب وزير شؤون البلديات والزراعة، يعكس التزام مملكة البحرين بدعم هذا القطاع وتنميته، إلى جانب أنه سيسهم في تعزيز مكانة البحرين كداعم رئيسي لسوق المنتجات الحلال على الصعيدين الإقليمي والدولي، إضافة إلى دعم الصناعات الغذائية المحلية وتشجيع الابتكار.
ومع تفعيل هذا القرار؛ تتجه البحرين نحو الاستفادة من الفرص الواعدة في صناعة الحلال، فالتحول إلى مركز دولي لهذه الصناعة لا يعني فقط تعزيز الاقتصاد الوطني؛ بل أيضاً ترسيخ صورة المملكة كمزود للمنتجات ذات الجودة العالية والمعايير الشرعية.
صناعة الحلال ليست مجرد قطاع اقتصادي؛ بل هي مجال يعكس الالتزام بالمعايير التي تحظى بتقدير واسع عالمياً، ومع صدور هذا القرار تضع البحرين نفسها في مقدمة الدول الساعية للاستفادة من هذا القطاع الواعد، مستندة إلى رؤية طموحة وتخطيط محكم.