نورا الفيحاني

مع دخول تقنيات الذكاء الاصطناعي في العديد من المجالات، أعتقد أننا ندشن مرحلة جديدة من التعليم بمراحله المختلفة، والذي سيتأثر بصورة كبيرة من تقنيات الذكاء الاصطناعي، بالسلب والإيجاب، وأرجو ألا يطغى التأثير السلبي على الإيجابي.

لكن دعونا نستعرض إشكاليات الذكاء الاصطناعي واحتماليات تأثيره على التعليم من الناحية السلبية، فقد بدأت محاولات استخدام التقنيات للحصول على درجات علمية أو اجتياز اختبارات منذ زمن طويل، لكن اليوم ترتفع نسبة الخطورة مع وجود الذكاء الاصطناعي والأدوات المساعدة على استخدامه في اجتياز الاختبارات، وهو ما يطرح تساؤلاً حول كيفية الاستخدام الآمن للذكاء الاصطناعي.

فمجرد عمليات تحليل الاختبارات والمشاريع، بحيث يمكن للطلبة استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل الأسئلة والإجابات، والحصول على كافة الاحتمالات للإجابات النموذجية، وهو ما يمنحهم فرصة أفضل للنجاح دون الاستفادة من التعلم الحقيقي، والتفوق على أقرانهم ممن استعانوا بعقولهم وذكائهم الطبيعي لتحقيق الدرجة العلمية.

ومن المؤكد أن القيم الأكاديمية ستتضرر بصورة كبيرة، حيث يعتمد الأكاديمي على الدرجات لتقييم الأداء الأكاديمي للطلبة، وإذا كانت الدرجات تحقق بواسطة الذكاء الاصطناعي، فإن هذا يمكن أن يضر بالقيم الأكاديمية ويخفض من حاجة الطلبة للتعلم والتطوير الذاتي.

ولا يقتصر الأمر على المعضلة الأكاديمية، بل سيتجاوزها إلى التحديات التي من الممكن مواجهتها، لأن استخدام الذكاء الاصطناعي للحصول على درجات يمكن أن يثير مسائل، وهو ما يستدعي المدارس والجامعات أن تضع سياسات صارمة لمنع هذا النوع، وإيجاد آليات فاعلة لتطبيق هذه السياسات بشكل فعال.

وإذا استمر الوضع في التطور فقد يؤدي ذلك إلى تغييرات كبيرة في النظام التعليمي، وقد يتعين على الجامعات والمؤسسات التعليمية إعادة وضع استراتيجيات خاصة بتقييم الأداء الأكاديمي والبحث باستخدام طرق جديدة لضمان العدالة والإنصاف.

وهذا يوجهنا إلى التحديات الفنية التي ستواجهها المؤسسات التعليمية لتطوير وتنفيذ نظم تحليل الذكاء الاصطناعي للدرجات والذي سيتطلب تقنيات متقدمة ومعقدة، وهذا يعني أن هذه المؤسسات ستحتاج إلى استثمارات كبيرة في التكنولوجيا وأنواع خاصة من الأمن السيبراني للتعامل مع هذه التحديات.

وحتى لا تكون الصورة كلها قاتمة فلابد من ذكر بعض محاسن الذكاء الاصطناعي لو تم استخدامه بصورة حسنة، حيث يمكنه تحسين التعلم الشخصي، وتقديم تجربة تعليمية مخصصة لكل طالب، مما يساعد على فهم المواد بشكل أفضل، كما يمكنه تحليل أداء الطلبة وتقديم توصيات لتحسينه، خاصة وأنه يمنح فرصة واسعة أمام الطالب لتحصيل العلوم بطرق سهلة، ويستطيع الذكاء الاصطناعي تقديم تقييمات دقيقة ومفصلة للطلبة، مما يساعد على فهم نقاط القوة والضعف.

ربما وجب علينا أن نطرح بعض الحلول، ومنها ضرورة إيجاد تفاعل اجتماعي بين الطلبة ومعلميهم وأيضاً زملائهم من خلال النقاشات والمناقشات، كما أن التجارب العملية والتطبيق العملي والمشاريع المشتركة يمكن أن تعطي صورة صادقة عن حالة الطلبة.