كان الصوت قوياً للغاية ومخيفاً، خيل لي في بادئ الأمر أنه صوت مدفع! لكن نحن لسنا في رمضان حتى نسمع صوت المدفع مثلاً أو يتم استخدامه!!

شعرت لوهلة ما بالصدمة وأنا أكتشف الصوت الذي سمعته هو صوت انفجار مبنى في عراد! يا الله مبنى كامل ينفجر! يا الله رحمتك ولطفك وسترك، رحت أتأمل وأنا التقط الأخبار من هنا وهناك وأسمع أن هناك ضحايا ولربما حالة وفيات وقعت كيف بدقيقة واحدة فقط، دقيقة واحدة فقط كفيلة بتغيير مجرى الحياة بالكامل!

المنطقة طوقت أمنياً والقوات المتخصصة جميعها تحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه وتلافي تطور الأمور بأن تكون هناك المزيد من الخسائر أو التبعات أو الانعكاسات على ما جرى فالأمر خطير للغاية؛ أنت لا تدري إن كان هذا الانفجار سيؤثر على المباني الأخرى، فيسقط جزء منها مثلاً على الناس المتجمهرة أو تسرب الغاز يؤدي لانفجار آخر أيضاً، فتقع كارثة أكبر لا سمح الله فالبيوت والمباني المحيطة تضررت وتكسرت نوافذها ومنظر السيارات المحطمة والمتضررة مخيف.

الكل كان في سباق مع الوقت فبالتأكيد هناك أشخاص تحت الأنقاض، وهذا أسوأ ما في الأمر! عليك أن تتصارع مع الوقت الذي يمر لأجل تلتقط شخصاً قد يكون يصارع الحياة تحت هذه الأنقاض الكبيرة جداً! بعض كبار القيادات الأمنية وعدد من المسؤولين هرعوا للمكان؛ الكل يتابع مجرى التحقيقات وعمليات البحث والإنقاذ، وهناك 6 مصابين نقلوا إلى مستشفى الملك حمد.

كنت أفكر وأنا ألتقط الخبر كم الحياة تبدو ضئيلة للغاية، أكان المواطن علي الأحمد رحمه الله وهو يدخل إلى الحلاق شاهيل رحمه الله يدركان أن هذه اللحظات الأخيرة من حياتهما؟ إن الشارع الذي عبره وهو يخرج من المنزل ستكون المرة الأخيرة الذي يمر به! أكان يدرك شاهيل وهو جالس داخل صالون الحلاقة أنها اللحظات الأخيرة من كل شيء!

وأكان أي من المصابين من يدرك وهو متواجد عند المبنى أو داخله ولربما يستعد للخروج، أو يطالع التلفاز بملل، أو يتكلم بالهاتف، أو يرتشف فنجان من القهوة، ويقلب في صفحات الإنستغرام أنه خلال دقيقة واحدة، دقيقة واحدة فقط ستنقلب الحياة رأساً على عقب!

المفاجأة التي سمعتها لاحقاً أن والد صديقتي كان يود الاتجاه لنفس الحلاق في تمام الساعة السابعة مساء، أي قبل توقيت الانفجار، إلا أن لطف الله قد دفع ابنه لاقتراح تأجيل زيارة الحلاق إلى اليوم التالي! هنا يزداد اليقين لدى كل مؤمن بمفاهيم القدر و«المنية».ويزداد يقينك أكثر، وأنت تطالع كل هذا أنه فعلاً لا أحد يستطيع أن يضمن حياته أو ما سيحصل له بعد دقيقة من الآن.

دائماً ما أقول إنه في كل عام هناك رسالة ربانية تأتي قبل قدوم رمضان، يأتي رمضان لنا هذا العام ليحمل لنا هذه العبرة والرسالة الربانية التذكيرية بأن نستودع الله أنفسنا وحياتنا وأحباءنا وبيوتنا ومناطقنا، وأن نتذكر دائماً، ونحن نمضي في شؤون هذه الحياة أنه لا ضمان لأي شيء وعليك العمل دائماً بمبدأ اعمل لآخرتك كأنك تموت غداً!

مقترح أخير لمن يهمه الأمر: نتمنى لو تشكل في كل محافظة لجنة بالتعاون مع بلدية ومجلس بلدي المنطقة تختص بمتابعة مباني سكن العمال والرقابة على ملاكها ومتابعة متطلبات السلامة لديهم بشكل دوري، حتى نضمن أن لا يتكرر سيناريو انفجار مبنى عراد.