في جولة سريعة على الأسواق لن تحتاج إلى عدسة مكبرة لتكتشف الحقيقة الصادمة؛ الأسعار تواصل الصعود، وكأنها في سباق مع صواريخ إيلون ماسك، المواد الغذائية تحديداً قررت أن تمارس هوايتها الرمضانية المفضلة بالطيران، ورغم محاولات بعض المحلات إغراءنا بـ«عروض رمضان»، إلا أن هذه العروض غالباً ما تشمل منتجات قد تكون آخر اهتمامات المواطن العادي.صدمتي الأولى كانت في الخيار؛ هل يعقل أن يصل سعر الكيلو لأكثر من دينار؟ وماذا عن الكوسا التي تجاوزت الدينار ونصف؟ أما البيض، فقد قرر أن يكون ابن المائدة المدلل بسعر أكثر من دينارين و700 فلس! الحليب، السكر، الأرز، اللحوم.. و.. و.. و.. و..، الكل انضم إلى هذا السباق الماراثوني وبلا خط نهاية.دعوني أعود إلى الوراء قليلاً، وأستذكر معكم أنه في منتصف فبراير الماضي، أعلن خبر سار قال إن أكثر من 200 تاجر وقعوا وثيقة بعدم رفع الأسعار خلال رمضان! جميل جداً، لكن المشكلة أن هذا المشهد ليس بجديد، فقد تم نشر الخبر نفسه تقريباً في 11 مارس 2024، وفي 19 مارس 2023، وكذلك في 23 أبريل 2019.. ولو كان لدي وقت كافٍ للبحث، ربما لوجدت نسخة من هذا التعهد ضمنت مقتنيات متحف البحرين الوطني!الخلاصة؛ الأسعار تستمر في الارتفاع رغم التوقيعات والتعهدات، والتاجر الذي يفترض أنه «التزم» بعدم رفع الأسعار، يبدو أنه قرأ الوثيقة بالمقلوب! أتفهم أن ترتفع أسعار السلع التي يتم استيرادها بشكل يومي بسبب تقلبات السوق، لكن أن تزيد أسعار المنتجات التي تم الاتفاق عليها منذ شهور؟ هنا يجب أن نتوقف قليلاً، ونضع أكثر من علامة استفهام وتعجب.إذا كان أكثر 200 تاجر قد وقعوا على التعهد، فمن الذي يرفع الأسعار بهذا الشكل؟ هل هناك سوق موازية يديرها تجار فضائيون؟أعرف أن نظام السوق عندنا في البحرين حر، والدولة لا تتدخل إلا في حالات محددة، ولكن من الظلم أن يدخل المواطن إلى السوق متحمساً للعروض «الاستثنائية»، ليكتشف أن الاستثناء الوحيد هو قدرته على الشراء!نحن لا نعترض على مبدأ العرض والطلب، ونعلم أن التجار أحرار في تحديد هامش الربح، لكن أليس من المفترض أن يعكس رمضان روح التكافل والرحمة؟ أين هي هذه القيم عندما يتحول شراء طبق بيض إلى مغامرة؟ أين الرحمة عندما يحتاج المستهلك إلى قرض ليشتري مستلزمات إفطار عائلته؟إضاءةقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء».
970x90
رمضان.. عروض وهمية وارتفاع صاروخي للأسعار!
الأربعاء 12-03-2025
50
970x90