في زمن تتسابق فيه الأمم لتثبت حضورها على خارطة العالم، تبرز مملكة البحرين كمنارة للسلام والتعايش، تحمل رؤية ملكية سامية جعلت منها نموذجاً يُحتذى به في احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية. فمنذ أن تولى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم، مقاليد الحكم، والمملكة تسير بخطى واثقة نحو بناء نهضة حديثة تقوم على قيم العدالة والكرامة، راسخة السلام كأساس للتنمية والازدهار.
لم يكن هذا النهج وليد اللحظة، بل هو امتداد لقيم حضارية عريقة، تجسدت في منظومة تشريعية عصرية وخطة وطنية متكاملة، وضعت البحرين في صدارة الأمم التي تجمع بين الأصالة والمعاصرة.
وما أجمل أن يتزامن الاحتفاء باليوم العربي لحقوق الإنسان مع الذكرى الحادية والعشرين لاعتماد الميثاق العربي لحقوق الإنسان، ورئاسة المملكة لمجلس جامعة الدول العربية، ونجاحها في إطلاق مبادرة اليوم الدولي للتعايش السلمي، بل وحتى إطلاق القمر الصناعي «المنذر»، ليؤكد ذلك دورها الريادي إقليمياً ودولياً في خدمة الإنسانية والمعرفة والابتكار.
إن مسيرة مملكة البحرين الحقوقية ليست مجرد شعارات، بل واقع يتجلى في إرساء دولة القانون والمؤسسات على أسس العدالة والمساواة، بدعم من استقلالية القضاء، ومؤسسات كالمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، والأمانة العامة للتظلمات، ومفوضية حقوق السجناء، ووحدة التحقيق الخاصة، إلى جانب المجتمع المدني وحرية الإعلام. وكيف لا، وقد تفوقت المملكة في تمكين المرأة، ودعم الشباب، وحماية الأطفال، وتطبيق برامج إصلاحية كقانون العقوبات البديلة والسجون المفتوحة، حتى حازت تصنيف الفئة الأولى في مكافحة الاتجار بالأشخاص لسبع سنوات متتالية، وفق تقرير الخارجية الأمريكية.
لكن الطموح البحريني لم يقتصر على حدوده الوطنية، بل تجاوزها ليصبح صوتاً عالمياً للسلام. ففي «قمة البحرين»، التي حملت اسم «إعلان البحرين»، طرحت المملكة مبادرات طموحة كالدعوة لمؤتمر دولي للسلام، وإقامة الدولة الفلسطينية على أساس حل الدولتين، وتوفير الخدمات الصحية والتعليمية لضحايا النزاعات، وتعزيز التعاون العربي في التكنولوجيا والابتكار، لتؤكد حرصها على إحلال السلام العادل في المنطقة.وفي هذا السياق، يتألق مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي كجسر عالمي يتخطى النطاق الجغرافي للمملكة، حاملاً رسالة السلام إلى شعوب العالم.
فالمركز، برؤيته في تعزيز الوئام بين المجتمعات، لا يكتفي بنشر الوعي بقيم التعايش المتأصلة في المجتمع البحريني، بل يقدم مبادرات تصل أصداؤها إلى أرجاء المعمورة. من خلال برامج التعليم والتدريب، يلهم الشباب عالمياً، ويمنحهم منحاً وزمالات لقادة استثنائيين ليصبحوا سفراء للسلام، بينما يدعم الأبحاث التي تعمق فهم هذه القيم، ويبني جسوراً بين الثقافات عبر المشاركة المجتمعية، موصلاً صوت البحرين الإنساني إلى كل بقعة تحتاج إلى وئام. وما اعتماد الأمم المتحدة لمبادرته بإقرار اليوم الدولي للتعايش السلمي في 28 يناير، إلا شهادة على هذا الدور العابر للحدود.
إن مملكة البحرين، وهي تحتفي بإنجازاتها الحقوقية، تؤكد أن السلام ليس شعاراً يُرفع، بل ممارسة يومية تتجلى في كل خطوة. فمع تحقيق 63% من مشاريع الخطة الوطنية لحقوق الإنسان (2022-2026)، وتطلعها لخطة أكثر طموحاً للأعوام (2027-2031)، تثبت أنها ليست فقط بلدًا يحترم حقوق الإنسان، بل رائدة تسعى لعالم أكثر عدلاً وسلاماً. وهكذا، تبقى البحرين، بقيادة جلالة الملك المعظم، نموذجاً يُلهم الأمم، وشعلة تضيء دروب التعايش والإنسانية، مدعومة بمبادرات مركز الملك حمد التي تحمل رسالة السلام إلى ما وراء الحدود، لتصبح صوتاً عالمياً للخير والتآلف.