سألتني مذيعة قناة الشرق كيف تفسرين سرعة حل الملف السوري في القمة السعودية الأمريكية؟ رفع العقوبات ولقاء الرئيس الأمريكي بالشرع خلال أربع وعشرين ساعة؟ لِمَ لم يحدث ذات الشيء في الملف الفلسطيني مثلاً؟
أجبت لعدة أسباب أولها من يتحدث عن سوريا رجل واحد (رغم تهديدات الانقسام إلا أن هناك اتفاقاً دولياً على عدم تقسيم سوريا على عكس رغبة إسرائيل) والتعامل مع رأس واحد في أي دولة يسهل عملية التفاهم والاتفاق.
أما السبب الأقوى من وجهة نظري هو الثقة المطلقة التي أولاها الرئيس الشرع للأمير محمد بن سلمان في حل هذه المشكلة مع الولايات المتحدة الأمريكية والتحدث باسم سوريا مع ترامب، لذلك نجح الأمير في إقناع ترامب لأنه كان يتحدث بأريحية عن كل ما يتطلبه من شروط لرفع العقوبات وتحمّل مسؤولية الضمانات تحملاً شخصياً، وقد حصل.
الشرع -وهذا هو الفارق- يضع قيام سوريا من جديد والنهضة والنمو والعودة للحياة الطبيعية أولوية على قضايا الصراعات الإقليمية، متفقاً تماماً مع رؤية سمو الأمير محمد بن سلمان، لذلك تحمّل سمو الأمير مسؤولية الضمانات ولذلك سهل الوصول لاتفاق.
أما بالنسبة للوضع الفلسطيني فهو بعيد كل البعد عن الوضع السوري، ناهيك عن وجود احتلال إسرائيلي كطرف خارجي يعمل على عدم الوصول لحل وهو ما يتوافق مع الملف السوري، إلا أن الذي عقّد الأمور أكثر أن هناك أكثر من جهة فلسطينية تدّعي أنها تتحدث باسم الفلسطينيين، إحدى تلك الجهات وهي حماس جعلت من إيران وكيلة لها ومنحتها صك التحدث باسمها ولم تقبل بطرف عربي، فتعقدت الأمور أكثر وحمل الشعب الفلسطيني مسؤولية وزر هذا الارتباط، وارتبط مصيره بمصير إيران المهددة مصيرياً الآن.
ولطالما حاولت المملكة العربية السعودية تولي الملف الفلسطيني ولكنها محاولات تنتهي بخرق الضمانات الممنوحة من الفلسطينيين للمملكة، فتعود الأمور للمربع الأول من جديد، مما يدل على أن هناك من يستفيد من بقاء الملف الفلسطيني دون حل!
الرئيس الشرع كان ذكياً ووظف العلاقة المتميزة بين أردوغان والأمير محمد بن سلمان مع ترامب لصالح سوريا حين وجد أن هناك اتفاقاً وتفاهماً على الأولويات بينه بين وسطائه، فمنحهم الحرية للتحدث باسم سوريا.
الجواب هو الثقة المتبادلة والضمانات التي منحتها سوريا للمملكة العربية السعودية ووحدة الكلمة معها، فجاءت النتيجة كما شاهدنا بحركة الامتنان التي قام بها سمو الأمير محمد لترامب، إذ لم يكن الأمير محمد بن سلمان ليتصدر الموقف ويطلب من ترامب رفع العقوبات لولا أنه كان ضامناً لسوريا الجديدة.
ولولا وجود حزب الله في لبنان كطرف مخالف لكان حل الملف اللبناني بذات السرعة وبضمانات سعودية أيضاً.
من الذكاء أن تقرأ المتغيرات بسرعة وتوظفها لصالحك ومن أهمها هذه العلاقة المتميزة بين ترامب شخصياً والأمير محمد بن سلمان والتي لم يحصر فائدتها الأمير محمد لنفسه أو للمملكة العربية السعودية فقط، بل فتح ذراعيه للإخوة العرب ووظفها لصالح من وثق به من الشعوب العربية، فكانت هذه الثقة في محلها وكان جني الثمار بالسرعة التي شهدنا.. لذلك هناك اتفاق من جميع الاطراف الآن على حرق المراحل في نهضة سوريا الجديدة.