غازي الغريري

وأنا أتصفح هاتفي وأتنقل بين وسائل التواصل الاجتماعي استوقفني موضوع لأحد الناشطين في الشأن الاجتماعي وهو يعرض وينتقد بعض الذين يظهرون على هذه الوسائل، حيث أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي منصّة مفتوحة لكل من يسعى إلى الشهرة سواء أكان يمتلك محتوى هادفاً أو خلافه، ولكن وللأسف وفي السنوات الأخيرة برزت فئة من الأشخاص يطلقون على أنفسهم «مشاهير السوشيال ميديا» و»الفاشنستات» الذين يسعون فقط ليكونوا «ترند» بمحتواهم الهابط بل والمنحط الذي لا يراعي الذوق العام ويضرب بالقيم والعادات والتقاليد الأصيلة عرض الحائط، وهذه الفئة أصبحت خطراً على المجتمع ولها تأثير سلبي على الشباب والفتيات باعتبارهم قدوة لهم من خلال الترويج لسلوكيات دخيلة على مجتمعاتنا ونراهم يتجاوزون الخطوط الحمراء أخلاقياً بهدف إثارة الجدل لجذب الانتباه وزيادة عدد المشاهدات والمتابعين، في حين أن من لديهم محتوى هادف ومبدع، يسعون من خلاله لتقديم رسالة مفيدة،

مهمَلون لا أحد يتابعهم ويشجعهم للانتشار لعكس الصورة الحقيقية للمجتمع من حيث الأخلاق والاحترام والانتماء.

حقيقة أرى أن المشكلة لا تكمن في هذه الفئة ذات «المحتوى الهابط» فهناك الكثير من هذه النماذج التي تقتات وتستغل وسائل التواصل الاجتماعي للشهرة وجني الأموال، وإنما المسؤولية تقع على عاتق من يتابع وينشر هذا المحتوى من خلال التعليقات وإعادة إرسال محتواهم ولو من باب السخرية، فمن يقوم بذلك يساهم ويروج بشكل أو بآخر في انتشار مثل هذه السلوكيات التي لا تتماشى مع القيم المجتمعية المحافظة، وتقع هنا المسؤولية على عاتق الجميع في تعرية هؤلاء كما فعل الناشط الاجتماعي والتحذير من المساس بالقيم والأخلاق والتوعية من هذه الأشكال التي لا تمتّ لمجتمعنا بأي صلة، وكذلك يأتي الدور على الأسرة والمؤسسات التعليمية ووسائل الإعلام في توعية الجيل الجديد خصوصاً وتمكينه من التمييز بين المحتوى ذي القيمة وبين المحتوى السطحي، فالمسؤولية فردية وجماعية في آن واحد، فمن يتابع منصات التواصل الاجتماعي لديه اختياراته وقناعاته، فإما أن يساهم في رفع مستوى ما يقدم في هذه المنصات من محتوى أو أن يدعم من يلهث خلف الترند بلا مضمون.

ما نكتبه في الواقع يأتي انطلاقاً من مسؤوليتنا الوطنية والمجتمعية، خصوصاً عندما نرى كمتابعين وكتّاب رأي التعمّد من هؤلاء الأشخاص تجاوز الحدود الأخلاقية واستخدام ألفاظ خادشة للحياء وتصرفات غير لائقة لجذب الانتباه دون مراعاة للتأثير السلبي على فئة الشباب والمراهقين. وهنا سنقف ونكتب ونفضح مثل هذا النوع من المحتوى الذي يعتمد على الاستفزاز والإثارة بهدف الوصول إلى الترند وتحقيق الشهرة ولو كان ذلك على حساب احترام خصوصية المجتمع. وفي المقابل سوف نقف مع الأصوات الواعية وندعمها في تسليط الضوء على خطورة هذه الفئة التي أصبحت ظاهرة في الانحدار الأخلاقي والتي عليها احترام قيم المجتمع، وأجزم بأن أغلب المواطنين يؤكدون ويطالبون بوضع حد لهذا التدهور في نوعية المحتوى عبر وسائل التواصل الاجتماعي ولابد من وقفة مجتمعية جادة. وفي المقابل أيضاً نطالب الجهات المعنية بالرقابة والمحاسبة القانونية لمن يعرّض المجتمع والنشء لمثل هذا المحتوى الهابط وضرورة احترام النظام العام والآداب العامة وفرض عقوبات على من يخالف ذلك، وذلك للحد من انتشار هذا النوع وضمان عدم استغلال هذه المنصات لنشر محتوى مسيء أو خادش للحياء.

همسة..حرية التعبير لا تعني تجاوز حدود الأدب أو الاستهزاء بالقيم، وبالتالي لابد من ردع أصحاب «المحتوى الهابط» ومحاسبتهم قانونياً لاستغلالهم منصات التواصل الاجتماعي للإساءة للمجتمع وتشويه صورته.