- في مسيرة الحياة، نتخذ قرارات لا حصر لها، بعضها يصيب، وبعضها يخيب، وبين هذا وذاك تكمن حنكة الإنسان، وقدر الله تعالى، ومدى إدراكنا لما يدور حولنا.

- ليس كل قرار صائب يعني أنه سيكون ناجحاً، وليس كل قرار مدروس يكتب له القبول، فالنتائج لا تتحقق دوماً بحساباتنا نحن، بل هي مرهونة بمشيئة الله الذي يسبب الأسباب، ويصرف الأمور بحكمته. وهنا يكمن الفرق بين ما نظنه صواباً وما يكون في حقيقته ابتلاءً أو دفعاً لشر أكبر.

- لا يصح أن نحمّل أنفسنا وزر كل تعثر في نتائج قراراتنا. أحياناً، يكون قرارك محسوباً بدقة، إلا أن النتائج تأتي عكس التوقعات، وهنا لا يعني أنك فشلت، بل ربما كان في الأمر خير خفي لا تدركه في حينه. في المقابل، قد تتخذ قراراً فيه ثغرات واضحة، لكن الله يلهمك الصواب، فيُفتح لك فيه أبواب النجاح.

- وقد قرأت ذات مرة حكمة واقعية تقول: "لا تتخذ قراراً وأنت غاضب، ولا تعطِ وعداً وأنت في قمة السعادة"، وهذا القول يختصر الكثير؛ ففي لحظات الغضب يفقد الإنسان اتزانه، فيقرر بعاطفة مشحونة لا تعبر عن وعيه الكامل. وفي لحظات الفرح، تصدر منه وعود من القلب لا من العقل، يصعب عليه الوفاء بها لاحقاً. وهنا تتجلى أهمية التريث وحسن تقدير المواقف قبل إطلاق الأحكام أو اتخاذ قرارات مصيرية.

- أما في تفاصيل حياتنا اليومية، فنحن كبشر ملزمون باتخاذ قرارات بشكل مستمر، بعضها بسيط، وبعضها قد يرسم مسارنا لسنوات قادمة. حتى من يعيش حياة منظمة، ويظن نفسه متمكناً في قراراته، لا يخلو من لحظة إخفاق، لأن الكمال ليس من صفات البشر.

- وإذا كنت في موقع مؤثر – مستشاراً، مسؤولاً، أو صاحب قرار نافذ – فإن مسؤوليتك تتعاظم، لأن قراراً واحداً قد يغيّر مصير أفراد أو جماعات. ومن هنا، تظهر الحاجة لوضع خطط استباقية، ودراسة الخيارات، والتفكير في أسوأ السيناريوهات قبل اختيار الأفضل منها.

- إن حسن اتخاذ القرار ليس رفاهية، بل ضرورة. وهو لا يعني فقط الدراسة الجيدة، بل يشمل أيضاً التوكل، والنية الصافية، والنظر في العواقب، والاتزان النفسي، والتأني. ففي النهاية، قرار واحد صائب قد يصنع مجداً، وقرار واحد متسرع قد يهدم ما بُني في سنوات.