نشرنا في العدد الماضي من صحيفة «الوطن» البحرينية في عمودنا الأسبوعي إشراقة مقالاً بعنوان: «ساحات الحي تنادي أبناءكم، فلبوا النداء»، وذلك في العدد 7175 الصادر يوم السبت الموافق 2 أغسطس 2025، حيث تحدثنا فيه عن ساحات الأحياء أو الفرجان، كونها المكان الذي يجتمع فيه أطفال الحي ليلعبوا لألعاب الجماعية، ومن خلال هذه الألعاب يكتسبون المهارات الاجتماعية والاتصالية المتنوعة مثل: المهارات القيادية، ومهارات التواصل، والقدرة على بناء العلاقات والصداقات، وغيرها من المهارات الاجتماعية التي يصعب تعلمها من خلال قاعات الدراسة، ومقاعد التدريب. وتلك العلاقات التي تنشأ في ملاعب الأطفال ما هي إلا امتدادا لعلاقات الجيران بعضهم مع بعض، وتمتد تلك العلاقات إلى أن يكبروا وربما إلى أن ينتقلوا إلى أحياء أخرى، لتظل العلاقة بين أطفال الجيران علاقة مستمرة متماسكة.

وقد لاقى هذا المقال تجاوباً من القراء، ولعل أكثر ردود الفعل كانت بالتعبير عن مشاعر السعادة والفرح لمجرد استرجاعهم لذكريات اللعب مع أبناء الجيران، فيقول أحد القراء: بارك الله في جيراننا الذين كانوا يصبرون على إزعاجنا في جميع الأوقات كوقت الظهيرة وهو وقت الراحة، ويتحملون إزعاجنا وقت العصر والمغرب حيث نستمر في اللعب والإزعاج إلى قبل أذان المغرب، كم كانوا يتحملون صراخنا، وركلنا للأبواب ونحن نلعب كرة القدم، وصراخنا عند لعب الكرة أو الصعقير أو الكلينة، رحم الله من توفى منهم، وأطال في عمر الأحياء منهم .

أما القارئة سهام الخشرمي وهي من القراءات المتفاعلات مع الأطروحات الاجتماعية التربوية، فتقول: أطفال اليوم يقضون ساعات طويلة بشكل يومي أمام شاشات «الآي باد» الهواتف النقالة حتى يكاد ينقطع تواصلهم مع من حولهم، ولكن لحسن الحظ أن التجمع العائلي الأسبوعي للعائلات لازال قائما، فالملاعب الجماعية للأطفال لا زالت موجودة ولكن بصورة أخرى فالأحفاد يجتمعون في عطلة نهاية الأسبوع، في حديقة أو «حوش» بيت الجد ليلعبوا معاً الألعاب الجماعية كلعب كرة القدم أو السكينة أو غيرها، ليكتسبوا من خلال هذا اللعب والتفاعل الجماعي الكثير من المهارات، فيعلوا صراخهم الذي يعج بعبق السعادة والفرح.

وكتبت الناشطة الاجتماعية نعيمة جابري: كم تعجبني المواضيع التي تطرحينها، فهي من صلب الحياة المجتمعية، والتي تربط أواصر المحبة والاتحاد بين عائلات متجاورة شاءت الأقدار أن يتجاوروا، سواء كان ذلك عن قصد أم دون قصد وذلك لا يشكل فارقاً. التفاعل بين الجيران نعمة كبيرة، وتنفع في السراء والضراء، ومن بينها التفاعل بين أطفال وشباب الحي الواحد لمساندة بعضهم البعض والعمل الدؤوب لتلبية احتياجات ومتطلبات الحي المشترك. الأطفال هم أكثر المستفيدين من هذا التفاعل بين الجيران في الحي الواحد، فكما أشرت أنهم يتعلمون كيفية التعامل مع الآخرين والعمل الجماعي وسلوكيات المطلوبة في التعامل.

أما الشابة أريج خالد فتقول: قد لا يجتمع أطفال هذه الأجيال في ساحات الحي، ولكنهم يجتمعون افتراضياً في مجموعات «واتس أب» فيتفاعلون ويتحاورون معاً، فكل جيل له خصائصه واهتماماته.

ومن خلال طرح آراء القراء الكرام نجد أنهم يرون أن التجمع بين الأطفال والتفاعل الجماعي قد لا يكون في ساحات الحي، ولكن له صور أخرى بديلة كالتجمع في بيوت الأجداد، أو في العالم الافتراضي وفي كل الأحوال هم يتواصلون ويتفاعلون، وأقول إنني أتفق معهم، ولكن في الوقت نفسه أتمنى ألا تغيب ساحات الحي فأثرها إيجابي على تنشئة الأجيال.. ودمتم سالمين.