بوادر الخلاف بين رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ورئيس هيئة الأركان في الجيش الإسرائيلي إيال زامير أصبحت واضحة جداً، وتناقلتها صحف ومواقع مشهورة مثل «نيويورك تايمز» وBBC، وسبب الخلاف هو غزة.
وعلى ما يبدو أن الجيش الإسرائيلي الذي ينفذ عملية «عربات جدعون» منذ منتصف مايو الماضي، والتي تتعلق باحتلال أجزاء من أراضي غزة وتهجير أهلها منها، فإن هذه العملية قد تتوقف ولن تُستكمل، في ظل رفض رئيس أركان الجيش أمر نتنياهو باحتلال كامل قطاع غزة.
والاختلاف في وجهات النظر بين نتنياهو وزامير الذي وصل إلى بوادر خلاف، تتعلق بفكرة نتنياهو في إطلاق سراح المحتجزين لدى «حماس» في قطاع غزة، وهذا لن يتأتى -بحسب نتنياهو– إلا بعد احتلال القطاع بالكامل، وهذه الفكرة يرفضها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي لاعتبارات منها: خطورة احتلال القطاع على الرهائن أنفسهم -كما أشار موقع BBC- خاصة مع تهديدات «حماس» بقتل جميع المحتجزين في حال إقدام إسرائيل على احتلال القطاع، وأيضاً انخفاض كبير في معنويات الجيش الإسرائيلي، وشعورهم باليأس والإحباط، لدرجة إقدام 16 جندياً على الانتحار هذا العام، بحسب ما نقلته هيئة البث الإسرائيلية، بسبب المشاهد الصعبة التي تعرض لها الجنود خلال الحرب، وفقدان الأصدقاء، وعدم القدرة على احتواء هذه الحرب المستمرة منذ عامين تقريباً.
وذكر الجيش الإسرائيلي في آخر إحصائية أصدرها قبل نحو أسبوعين، ونشرتها صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، أن الجيش خسر 893 جندياً منذ بداية الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023 ، بينهم 451 قُتلوا في المعارك البرية في القطاع، إلى جانب إصابة 6099 جندياً، بينهم 2800 مصاب في المعارك البرية داخل غزة، بينهم 15 جندياً بحالة خطرة، و148 بحالة متوسطة، و4 بحالة طفيفة.
ولعل هذه الإحصاءات جعلت من رئيس الأركان يرفض تنفيذ قرار رئيس الحكومة في احتلال كل قطاع غزة، بل إنه ألغى حالة الطوارئ للجيش التي كانت سارية منذ 7 أكتوبر 2023، حرصاً منه على عناصر الجيش وما يمرون به من أزمات نفسية ومعنويات منخفضة وإحباط كبير، فيما يرى رئيس الوزراء ضرورة المواصلة في العمليات العسكرية؛ بسبب الضغوط التي يتعرض لها من أهالي الرهائن بالذات.
هذا الاختلاف قسّم إسرائيل إلى نصفين، موقف مؤيد لنتنياهو، وثانٍ مؤيد لرئيس الأركان، وهذا الأخير يقف معه كبار ضباط الجيش وبشدة، مما يجعل موقف نتنياهو في حرج بالغ، خاصة وأنه لم ينفذ تهديده بعد بإقالة رئيس الأركان بسبب مخالفته لـ«الأوامر»، لأن هذه الإقالة قد تزيد من الخلاف، وربما تؤدي إلى الشقاق وانقلاب الجيش على نتنياهو وحكومته، فهل سيبلغ الأمر إلى هذا الحد؟