كان الجسم الصحفي في مملكة البحرين، يوم السبت الماضي، على موعد جديد مع الديمقراطية المهنية، وهو يختار أعضاء مجلس إدارته وسط أجواء يسودها التفاهم وروح الزمالة، والتي مثلت استمراراً لمسيرة مهنية عمرها خمسة وعشرون عاماً، رسخت خلالها الجمعية تقليداً فريداً من التعاون والالتفاف حول المهنة.

وقد تميزت هذه الدورة الانتخابية، كسابقاتها، بالتنافس الشريف وروح الزمالة، لكن ما منح هذا المشهد بعده الأجمل هو التهنئة السامية من حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، لرئيس مجلس الإدارة وأعضاء المجلس المنتخب، حيث تجاوزت التهنئة الملكية كونها مجرد رسالة بروتوكولية إلى تعبير صادق عن تقدير جلالة الملك لمكانة الصحافة البحرينية، واعتزاز جلالته بالدور الكبير الذي يقوم به الصحفيون في خدمة وطنهم ومجتمعهم، حيث كانت الصحافة البحرينية جزءاً أصيلاً من المشروع الوطني، وصوتها لا يقل أهمية عن أي مؤسسة أخرى تسهم في التنمية والبناء.

إن تأكيد جلالته على أهمية العمل الصحفي والإعلامي، وثناؤه على ما حققته جمعية الصحفيين طوال خمسة وعشرين عاماً، يحمل في طياته رسالة واضحة بأن الصحافة الوطنية ليست مجرد ناقل للأخبار أو شاهد على الأحداث، بل شريك أساسي في مسيرة التنمية، ودرع يحمي الوحدة الوطنية، وصوت يبرز منجزات البحرين ومكتسباتها، كما يعكس هذا التقدير الملكي إيمان القيادة بأن الإعلام الحر والمسؤول هو خط دفاع متقدم عن مصالح الوطن وأمنه واستقراره.

ولعل ما أشار إليه جلالته من إسهامات الأجيال المتعاقبة من الصحفيين البحرينيين، يعكس بجلاء أيضاً عمق التجربة الصحفية في البحرين، وتجذرها في خدمة القضايا الوطنية والمجتمعية، فالجمعية كانت عبر تاريخها تمثل منبراً يخرج الكوادر، ويصقل فيه الشباب الطموح، وتلتقي فيه الرؤى لتشكل خارطة طريق للصحافة البحرينية.

اليوم، ومع انتخاب مجلس إدارة جديد، يقوده الأستاذ عيسى الشايجي بخبرته الطويلة، فإن التحدي الحقيقي يكمن في مواصلة هذه الرسالة النبيلة، وتعزيز حضور الصحافة البحرينية إقليمياً ودولياً، مع الحفاظ على نهجها القائم على المهنية والموضوعية، فالثقة الملكية وثقة الصحفيين أنفسهم، تمثل رصيداً لا يقدر بثمن، لكنها أيضاً مسؤولية تتطلب جهداً مضاعفاً وعملاً جماعياً.

تهنئة جلالة الملك المعظم هي تكريم لرئيس وأعضاء مجلس الإدارة، كما أنها وسام شرف يعلق على صدر كل صحفي بحريني، وهي تذكير أيضاً بأن البحرين، بحجمها وقيمتها، تراهن دائماً على أبنائها المخلصين، بالكلمة الحرة والفعل المسؤول.

ومن هنا، تبقى الكرة في ملعب الجمعية وأعضائها، ليواصلوا العمل بروح الفريق الواحد، ويحافظوا على الإرث الذي صنعه المؤسسون، ويبنوا عليه ما يليق بالبحرين وصورتها المشرقة.