هل فكّرت يوماً أن الـ«لايك» الذي تضغطه قد يجرح أحدهم؟ أو أن «صمتك الرقمي» على رسالة ما، يُترجم لدى الطرف الآخر كإهانة؟ في زمنٍ صارت فيه علاقاتنا تمرّ عبر الشاشات، يصبح من الضروري أن نتوقف قليلاً ونسأل: هل نُجيد استخدام أدواتنا الرقمية بأدب؟ دعنا نقول الآن مرحباً بك في عالم الإتيكيت الرقمي.. عالم الأخلاقيات في زمن النقرات السريعة.. عالمٌ من السلوكيات التي لا تُدرَّس في المدارس، لكنها تصنع فرقاً في كل محادثة إلكترونية نُجريها
الإتيكيت الرقمي هو فن التعامل المهذب والمسؤول في البيئات الرقمية، سواء على وسائل التواصل الاجتماعي، أو عبر البريد الإلكتروني، أو في مجموعات «الواتساب»، أو أثناء الاجتماعات الافتراضية. إنه القواعد غير المكتوبة التي تُظهر احترامك للآخر، حتى لو لم تلتقِ به وجهاً لوجه.هو ببساطة أن تكون إنساناً «راقياً» في العالم الافتراضي، مثلما أنت في العالم الواقعي أو كما يُفترض!
فهناك مواقف يومية.. تكشف أخلاقنا الرقمية! كالرسالة الزرقاء المُهملة: فكم مرة فتحت رسالة ثم تجاهلت الرد؟ في عالم الإتيكيت الرقمي، هذا يُسمى «القراءة الصامتة». الرد السريع، أو حتى الاعتذار عن التأخير، هو لُبّ الذوق.
أيضاً في النقاشات العامة المتفجرة يمكن أن تختلف كما تشاء، لكن لا تصرخ عبر لوحة المفاتيح. لا أحد يربح من تعليق مليء بالغضب، لكن الجميع يتذكّر من ناقش بأدب. أيضاً «الطقطقة» والتعليقات الجارحة السخرية والتهكم ليسا خفة دم دائماً. فخلف كل شاشة قلب، وخلف كل منشور مشاعر. الإتيكيت الرقمي لا يُقصي النكتة، لكنه يضع لها حدوداً تحترم الكرامة.
من ناحية أخرى الإشارة العشوائية (Tag) لأشخاص لا يخصهم الأمر يعد مضاداً للإتيكيت الرقمي فليست كل مناسبة تتطلب أن تجرّ الآخرين نحوها فاحترام الخصوصية يبدأ بخيار بسيط: «هل هذا مناسب لهم؟».
الحقيقة أن القواعد الذهبية للإتيكيت الرقمي تشتمل على قدرتك أن تفكر قبل أن تنشر. فلا شيء يُمحى فعلاً من الإنترنت، فاجعل بصمتك رقمية.. لكن مشرفة! أيضاً عليك أن تستأذن قبل النشر عن الآخرين. فتصوير صديقك بدون إذنه ونشر ذلك.. يعتبر جريمة ذوقية رقمية. واحمِ نفسك.. والآخرين. فلا تُرسل روابط مشبوهة، ولا تشارك (share) شائعات. فجزء من «الإتيكيت» هو المسؤولية الرقمية.
ولا تنسي أيضاً أن تتبنى الإتيكيت الرقمي في التفاعل الرقمي مع الآخرين عبر اختيارك وقت إرسال الرسائل.فإرسال رسالة عمل الساعة 2 صباحاً؟ إزعاج رقمي خالص. أيضاً أن تكون حذراً أثناء الاختصار فليس دائماً الاختصار ذكاء. فكتابة «ok» في رد على رسالة طويلة قد تُفهم على أنها «قلة» اهتمام وتفاعل. فلا تختصر مشاعر الآخرين بكلمة واحدة.
الحقيقة أننا نحتاج الإتيكيت الرقمي اليوم أكثر من أي وقت مضى لأن الحدود بين «الرقمي» و«الواقعي» تلاشت. كلماتك على الشاشة قد تفتح باب صداقة، أو تُغلق قلبًا إلى الأبد. و في العالم الرقمي، لا يرى الآخرون ابتسامتك أو نبرة صوتك.. كل ما يملكونه هو كلماتك. فلنجعلها راقية.. وكن جميلاً.. خلف الشاشة! فالإتيكيت الرقمي ليس رفاهية، بل هو ضرورة في زمن الاتصالات الدائمة والظهور المستمر. فكل تفاعل إلكتروني هو بطاقة تعريف بشخصك، وتاريخ منشوراتك هو سيرتك الذاتية المستقبلية، فكن ذلك الشخص الذي يُذكر: «كان دائماً مهذباً، حتى عبر الإنترنت».