في خطوة تُعزّز مسيرة التنظيم المستدام لثروات البحرين البحرية، يصدر القرار رقم (4) لسنة 2025 بشأن تنظيم ترخيص الصياد البحريني لممارسة الصيد التجاري، ليمثل نقلة نوعية في حوكمة قطاع الصيد البحري، وضمان استدامته للأجيال القادمة.

هذا القرار الذي دخل حيّز النفاذ في 28 أغسطس 2025، يأتي تتويجاً لجهود حثيثة قادها المجلس الأعلى للبيئة، انسجاماً مع التوجيهات الملكية السامية ودعماً لرؤية الحكومة في الحفاظ على الثروات الطبيعية وتعزيز الأمن الغذائي.

يضع القرار الصياد البحريني في صلب اهتماماته، كشريك أساسي في عملية الحفاظ على الموارد البحرية وتنميتها، فمن خلال اشتراطات واضحة ومحددة، يسعى القرار إلى رفع مستوى الاحترافية في القطاع، وجعله أكثر جاذبية للشباب البحريني، بما يحفظ مهنة الأجداد من الاندثار ويضمن استمراريتها بمهنية عالية.

ومن أبرز هذه الاشتراطات أن يكون المتقدم بحريني الجنسية، وألا يقل عمره عن 18 عاماً، وأن يثبت كفاءته في مزاولة الصيد، مع التأكيد على الالتزام بالأخلاقيات المهنية من خلال اشتراط عدم صدور حكم جنائي في حقه ما لم يُردّ اعتباره.

كما يضمن القرار عدالة وتنظيماً دقيقاً لتوزيع القوى العاملة على سفن الصيد، حيث يُحدد عدد الصيادين البحرينيين وأفراد الطاقم المسموح بهم على متن كل سفينة وفقاً لطولها، بما يتراوح بين 3 أفراد للسفن الصغيرة و9 لأكبر السفن مثل «البانوش».

هذا التوزيع المدروس لا يحافظ على حقوق الصيادين فحسب، بل يسهم في الحد من الصيد الجائر وغير القانوني، مما ينعكس إيجاباً على حجم المخزون السمكي واستدامته.

ولضمان سهولة الوصول والالتزام، أتاح المجلس الأعلى للبيئة استكمال إجراءات الترخيص عبر البوابة الوطنية (bahrain.bh)، مما يعكس حرصاً على تبسيط الإجراءات ومواكبة التحول الرقمي.

كما أن الترخيص السنوي القابل للتجديد يُشكل أداة مرنة تسمح بتقييم مستمر لأداء الصيادين والتزامهم بالمعايير، مع ضمان أن يكون الترخيص شخصياً وغير قابل للتحويل، مما يحد من الممارسات غير النظامية.

لاشك في أن نجاح هذا القرار مرهون بمدى التعاون بين الصيادين والجهات المعنية، وتعزيز الثقة بينهما كشركاء في تحقيق الاستدامة، فالصياد البحريني هو حجر الزاوية في هذه المعادلة، وهو المستفيد الأول من حماية ثروات بلده البحرية، وعبر هذه الشراكة، يمكن لمملكة البحرين أن تحقق أهدافها في الأمن الغذائي، والحفاظ على التوازن البيئي، وتمكين الشباب في قطاع حيوي يربط الماضي بالمستقبل.

يمثل هذا القرار خطوة متقدمة نحو تنظيم قطاع الصيد البحري بشكل يضمن استدامته وجودة مخرجاته، ويعكس إرادة وطنية حقيقية لموازنة بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على الثروات الطبيعية للأجيال القادمة.