القرارات الكبرى لا تُقاس فقط بآثارها الإجرائية، بل تُقاس بما تحمله من رسائل إنسانية عميقة، تعيد الاعتبار لقيمة الإنسان في وطنه، وتضع الكرامة الإنسانية في صدارة الأولويات. وهذا ما يجسده التوجيه الملكي السامي الصادر عن حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم حفظه الله ورعاه بتجديد جوازات سفر المواطنين البحرينيين الذين أسقطت عنهم الجنسية الكويتية.
إنه توجيه أبوي بامتياز، يعكس رؤية جلالة الملك المعظم التي لا تنحصر في إدارة شؤون الدولة، بل تمتد لتكون رعاية حانية لعائلة كبيرة اسمها البحرين. فجلالته لم يتعامل مع هذه القضية كمسألة قانونية أو إدارية، بل تعامل معها كأبٍ رأى في بعض أبنائه من تعثرت ظروفهم، فمد لهم يده وأعاد لهم الطمأنينة التي يستحقونها.
لقد حمل هذا القرار في جوهره أبعاداً إنسانية واجتماعية تتجاوز النصوص واللوائح، ليثبت أن البحرين ليست مجرد وطن نعيش فيه، بل وطن يعيش فينا، يصون حريتنا وحقنا في التنقل، ويؤكد أن كرامة المواطن لا يمكن أن تكون محل مساومة أو تقييد. إنها رسالة واضحة بأن البحرينيين جميعاً، مهما اختلفت الظروف، لهم حق ثابت في الانتماء لهذا الوطن، وأن هذا الحق مصان بإرادة ملكية سامية لا تتبدل.
إن إشادة البحرينيين اليوم بهذا القرار السامي، ليست إلا انعكاساً لما لمسوه من قرب القيادة منهم، ومن صدق الرعاية التي تضع مصلحة الإنسان قبل أي اعتبار. فما جرى لم يكن مجرد استجابة لحاجة عملية، بل كان درساً متجدداً في أن الحكم يمكن أن يكون مدرسة في الإنسانية، وأن القيادة حين تستمد قوتها من القيم، فإنها تترجم تلك القيم في قرارات تصنع الفارق في حياة الأسر والمجتمع.
لقد أراد جلالة الملك المعظم أن يبعث برسالة طمأنينة لكل بيت بحريني: أن الدولة حاضرة، والقيادة قريبة، والوطن باقٍ في قلوب أبنائه بفضل حكمة وحنكة من يقوده. وهكذا تواصل البحرين، بقيادتها الرشيدة، تقديم نموذج فريد في جعل الإنسان هو الجوهر، وجعل القيم الإنسانية مرجعية ثابتة في كل خطوة تُتخذ.
عبدالله إلهامي