من يتابع خطوات صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، يلحظ أن تحركاته الخارجية تمثل جزءاً من مشروع متكامل لفتح أبواب جديدة أمام الاقتصاد البحريني، وربط المملكة بشبكة من الشراكات النوعية مع القوى الاقتصادية الكبرى في العالم، في خطوة تعكس إصرار البحرين على تنويع مصادر النمو واستثمار موقعها الحيوي لبناء جسور تعاون مستدام مع العالم.

وفي هذا الإطار؛ فقد مثلت الزيارة الأخيرة التي قام بها سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء إلى اليابان، على رأس وفد رفيع المستوى، علامة فارقة في مسار العلاقات البحرينية-اليابانية، إذ حملت معها إعلاناً نوعياً برفع مستوى هذه العلاقات من شراكة شاملة إلى شراكة استراتيجية.

هذا التطور في علاقات البلدين الصديقين يعكس الإدراك المتبادل لحجم الفرص والمصالح المشتركة، فاليابان، بثقلها الاقتصادي والتكنولوجي، أكبر من كونها مجرد شريك تقليدي، بل بوابة إلى عالم من الابتكار والتحول الرقمي والطاقة المستدامة.

والبحرين، برؤيتها الاقتصادية الطموحة وموقعها الحيوي كمركز مالي وتجاري في المنطقة، تُقدّم بدورها نموذجاً لدولة صغيرة بحجمها، كبيرة في طموحاتها وقدرتها على صياغة شراكات متقدمة.

رفع مستوى العلاقات إلى شراكة استراتيجية يعني أن الملفات المطروحة لم تعد مقتصرة على التبادل التجاري أو الاستثمارات فحسب، بل شملت الملفات السياسة والدبلوماسية وتنسيق المواقف الدولية، إلى جانب التعاون في مجالات العلوم والتكنولوجيا، والصحة، والفضاء، والطاقة. إنه توسيع لأفق العلاقة، من التعاون إلى التكامل في ملفات تتجاوز الحاضر لتستشرف المستقبل.

اللافت أن هذه الخطوة تأتي في سياق تحرك أوسع تقوده البحرين بقيادة سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، لفتح آفاق جديدة مع القوى الاقتصادية الكبرى في العالم، من آسيا إلى أوروبا وأمريكا، بما ينسجم مع أهداف التنمية الاقتصادية وجذب الاستثمارات النوعية، فالاقتصاد البحريني، وهو يسعى لتنويع مصادر دخله، يحتاج إلى شركاء يمتلكون مفاتيح التكنولوجيا والمعرفة، واليابان واحدة من أبرز هؤلاء.

كما أن تاريخ العلاقات البحرينية اليابانية، الذي يمتد لعقود طويلة من التعاون والاحترام المتبادل، يمنح هذه الشراكة بُعداً إنسانياً وثقافياً يُضاف إلى بعدها الاقتصادي والسياسي، إنها علاقة صاغها الزمن برصيد من الثقة، وجاءت هذه الزيارة لتكتب فصلاً جديداً عنوانه «الشراكة الاستراتيجية المشتركة».

ولا شك، فإن ما تمّ الإعلان عنه في طوكيو يُمثّل خارطة طريق تعكس إدراكاً متبادلاً بأن المستقبل لا يُبنى بالصداقات العابرة، بل بالشراكات العميقة، والبحرين، وهي ترتقي بعلاقاتها مع اليابان إلى هذا المستوى، تؤكد مرة أخرى أنها لاعب فاعل يعرف كيف يستثمر موقعه وتطلعاته ليضع نفسه على خريطة التحالفات الدولية الكبرى.