«ثلاث فرص وظيفية لكل باحث عن عمل قبل نهاية العام الجاري».

توجيه من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء لوزارة العمل، وهو لا يُعدّ مجرد إجراء إداري، بل يمثل تحولاً مهماً في فلسفة التوظيف، يجب أن ينفذ بفعالية وبالشكل الذي يليق بالمواطن، فالتحدي هنا لا يكمن فقط في توفير فرص العمل، بل في ضمان ملاءمتها لمؤهلات الباحثين عنها.

إذ لا يمكن أن يُطلب من المواطن أن يقبل بوظائف لا تتناسب مع قدراته أو طموحاته.

في التجارب الدولية، نجد أن الدول المتقدمة لا تكتفي بعرض الوظائف، بل تضمن توافقها مع مؤهلات المواطنين، وفي ألمانيا مثلاً، يُربط التعليم المهني بسوق العمل بشكل مباشر، وتُمنح الأولوية في التوظيف للمواطنين عبر برامج دعم وتدريب مستمرة.

وفي سنغافورة، تُفرض قيود على استقدام العمالة الأجنبية في بعض القطاعات لضمان فرص عادلة للمواطنين، وهذه السياسات تعني تنظيم سوق العمل بما يخدم المصلحة الوطنية.

بحسب الإحصاءات الرسمية، بلغ عدد العاطلين عن العمل في البحرين عام 2024 نحو 17402 شخصًا، منهم 12196 امرأة، أي ما يعادل 70% من إجمالي العاطلين، فيما يشكل حملة شهادات البكالوريوس 83% من العاطلين.

هذه الأرقام لا تعكس فقط حجم المشكلة، بل تكشف عن فجوة في استثمار الطاقات البشرية المؤهلة، ما يجعل من هذا القرار المهم والنوعي خطوة استراتيجية نحو إعادة توجيه هذه الطاقات إلى مسارات إنتاجية، لتترجم بشكل عملي مفهوم «التمكين عند العمل».

إن التمكين من خلال الوظيفة، مفهوم مهم يشمل بناء بيئة تتيح للفرد أن يشارك بفاعلية، ويشعر بالقدرة على اتخاذ القرار، وتحقيق الذات من خلال المساهمة في التنمية.

ومن هنا، فإن تقديم ثلاث فرص لكل باحث عن عمل هو أكثر من مجرد عرض وظيفي؛ إنه دعوة للانخراط، للاختيار، وللتحكم في نوعية العرض، فهذه المبادرة تضع المواطن على طريق التنمية كما ويشعره بالكرامة والانتماء، وبهذا يتحول التوجيه إلى نموذج تمكين شامل، ليضع الإنسان في صلب التنمية بخيارات وظائف كريمة ومناسبة.

إن توجيه سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء بعرض ثلاث فرص لكل باحث عن عمل يمثل بداية واعدة لتغيير حقيقي على أرض الواقع، لكنها تحتاج إلى متابعة لضمان جودة الفرص، لا مجرد عددها.

فالتوظيف ليس مجرد إجراء، بل هو تمكين، وحق، وأساس الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.