كل البنوك البحرينية تقريباً لديها فرع رقمي: تطبيق جوال يحمل اسم البنك أو اسماً مستقلاً، ويمكنك من خلاله فتح حساب في دقائق، وإجراء معظم إن لم يكن كل معاملاتك المالية، هذا الأمر الذي تسعى إليه كثير من دول العالم، بما فيها دول أوروبية، بات من الماضي في البحرين، والآن انتقلت المنافسة الرقمية بين البنوك البحرينية إلى ساحات جديدة: الصيرفة المفتوحة والمحافظ المالية والعملات المشفرة المستقرة والذكاء الاصطناعي.

في الواقع، هذا يبرهن على تقدّم قطاع الخدمات المصرفية والمالية في البحرين، هذا القطاع الذي يشهد تحولات سريعة مدفوعة بالابتكار التكنولوجي وتغيّر توقعات العملاء وتطور الأطر التنظيمية، وهذه التطورات تُعيد تشكيل طريقة عمل البنوك وتفاعلها مع العملاء وتقديم القيمة في عالم يزداد رقمية.

من أبرز التحولات هو صعود المصرفية الرقمية، حيث تستثمر البنوك التقليدية بشكل كبير في البنية التحتية الرقمية لمنافسة الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المالية، وأصبحت تطبيقات الهواتف المحمولة والفروع الافتراضية وخدمة العملاء المدعومة بالذكاء الاصطناعي من الخدمات الأساسية، بالمقابل تتعاون شركات التكنولوجيا المالية مع البنوك لتقديم خدمات سلسة مثل التحويلات الفورية، وأدوات إدارة الميزانية، والقروض السريعة. المصرفية المفتوحة وواجهات برمجة التطبيقات (APIs) تشكّل بدورها مجالاً داعماً لتطور مجال التحول في القطاع المالي والمصرفي، كما تضخ البنوك الآن المزيد من الاستثمارات في مجال الذكاء الاصطناعي الذي يلعب دوراً مركزياً في اكتشاف الاحتيال، وتقييم المخاطر، وتخصيص الخدمات للعملاء. وفي هذا السباق المحموم نحو التميز في الخدمات المالية الرقمية، نلمس أن البنوك البحرينية تضع أيضاً التركيز على العوامل البيئية والاجتماعية والحوكمة في التمويل في صلب اهتماماتها.

لابد من التأكيد أيضاً على التقدم الذي يحرزه مصرف البحرين المركزي على صعيد التحول الرقمي في الخدمات المالية والمصرفية، حيث انطلقت من البحرين الكثير من شركات التكنولوجيا المالية، ولاحظنا الجهد الكبير للمصرف أيضاً في تحديث التشريعات ووضع تشريعات جديدة مثل تلك الخاصة بالعملات المشفرة المستقرة. تميز البنوك والمؤسسات المالية البحرينية في مجال التحول الرقمي يظهر بشكل واضح في خدماتها التي يشعر بها كل مستخدم، فرداً أو مؤسسة، ومن خلال الكثير من الشواهد، من بينها حضورها القوي في منتدى مستقبل التكنولوجيا المالية الذي ينطلق الأربعاء المقبل في مركز البحرين العالمي للمعارض بتنظيم من مجلس التنمية الاقتصادية، هذا الحدث يؤكد للمرة الثالثة على التوالي حرص مملكة البحرين على مواصلة التميز والريادة في قطاع الخدمات المالية الذي تجاوز عمره الآن 107 سنوات، وقدرة البحرين على جذب المزيد والمزيد من الاستثمارات في القطاع المصرفي وتحديداً في قطاع التكنولوجيا المالية.