منذ فجر التاريخ، كانت مملكة البحرين لؤلؤة حقيقية في محيط التجارة والجمال، تضيء بحرفية أبنائها الذين صاغوا الذهب كما يصوغون الحكايات، ففي أسواق البحرين القديمة كان لمعان اللؤلؤ يختلط برائحة البحر وصوت الغواصين، فكانت المجوهرات البحرينية تتحدث بلغة لا تعرفها سوى الأيادي التي ورثت مهنة الآباء والأجداد، لتصبح البحرين اليوم من أهم المراجع العالمية في صناعة المجوهرات، ومصدر فخر في عالم اللؤلؤ الطبيعي الذي تتسابق عليه أرقى دور المجوهرات في العالم.

في هذا السياق التاريخي المضيء؛ يأتي معرض الجواهر العربية في نسخته الثالثة والثلاثين، في نوفمبر المقبل، ليؤكد من جديد أن البحرين، كانت ولا تزال وستبقى، منصة عالمية تتلاقى فيها الأصالة مع الابتكار، حيث يقام هذا الحدث العالمي برعاية كريمة من صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، ليكون احتفالاً بالجمال والصناعة والإبداع معاً.

هذا الحدث الذي يستقطب أكثر من 700 علامة تجارية من مختلف أنحاء العالم، ويجذب أكثر من 50 ألف زائر، يمثل تجسيداً حياً لمكانة البحرين كمركز رائد لصناعة المجوهرات والعطور الراقية، ففي كل قاعة من القاعات الست التي تحتضن المعرض، تروى قصة بحرينية بلغة الذهب والماس، من سوق الذهب البحريني الذي يحتفي بالتصاميم التقليدية والمعاصرة، إلى ورشة الجواهر العربية التي تقدم للزوار تجربة فريدة لتعديل أو تلميع القطع الثمينة فوراً.

وليس بعيداً عن عالم الجواهر، يضيء معرض العطور العربية بنسخته الثالثة ليكمل المشهد، جامعاً بين عبق الروح وأناقة الحضور، في تناغم جميل مع فلسفة البحرين التي تجمع بين الفن والتجارة، وبين الأصالة والانفتاح.

إن استمرار معرض الجواهر العربية بهذا الزخم والتميز يمثل انعكاساً لرؤية اقتصادية وسياحية واضحة تسعى إلى ترسيخ مكانة البحرين كمحور إقليمي لصناعة الفخامة، ومركز لاستقطاب كبرى العلامات العالمية، وكما أشارت السيدة سارة بوحجي، الرئيس التنفيذي لهيئة البحرين للسياحة والمعارض، فإن هذا الحدث «يمثل إضافة نوعية لقطاع السياحة في المملكة»، ليس فقط من حيث أعداد الزوار، بل بما يحمله من قيمة رمزية واقتصادية تُعزز الثقة بالمنتج البحريني.

ومن خلال تجربة شخصية لي في النسخ السابقة من المعرض، فإن التجول بين الأجنحة المزدانة بالذهب والماس، لا تمنح الزائر مجرد رؤية ومعرفة بالمجوهرات المعروضة، بل يمكنك أن ترى تاريخاً يتم كتابته بلغة الجمال، حيث ترى البحرين، هذه الجزيرة الصغيرة في مساحتها الكبيرة في تأثيرها، تواصل تأكيد مكانتها كدرة الخليج، ولؤلؤته التي لا تخبو بريقاً.