في مملكةٍ لا تتوقف عن الحلم، تتفتح المشاريع كما تتفتح اللآلئ في بحرها الأزرق، في لحظةٍ تتماهى فيها التنمية مع الرؤية، جاء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، ليفتتح المرحلة الثانية من توسعة مجمع الأفنيوز – البحرين؛ كرمزٍ لتاريخٍ من الإصرار على أن تكون البحرين كبيرة الطموح.

ما حدث في الأفنيوز لم يكن مجرد إضافة معمارية من 40 ألف متر مربع إلى مساحة بلغت 80 ألفاً، بل كان توسيعاً في معنى الاقتصاد ذاته، فكل مترٍ جديد هو حكاية عملٍ وابتكار، وكل واجهةٍ زجاجيةٍ تحكي انعكاس رؤيةٍ وطنية تنطلق من فلسفة التنمية المستدامة التي أرساها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، وتُدار بعقليةٍ تنفيذيةٍ مرنةٍ يقودها صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء.

الفكرة الأعمق من المشروع ليست في البنيان، بل في «المنطق الاقتصادي الجديد» الذي تتبناه البحرين: اقتصاد يقوم على التنويع، وعلى الشراكة، فحين أشار سموه إلى «شراكة القطاع الخاص» لم يكن توصيفاً تقليدياً، بل إشارة إلى تحوّل جوهري في مفهوم الدولة من «المُنفِّذ» إلى «المُمكِّن»، ومن اقتصاد الموارد إلى اقتصاد الفرص.

وإذا تأملنا الأرقام، نجد أن التوسعة أضافت 244 وحدة تجارية جديدة، ومواقف تسع 1300 مركبة، وممشى بحري امتد إلى 1.3 كيلومتر، مما يجعل من «الأفنيوز» نموذجاً مصغراً لتجربة البحرين الكبرى في تحويل المساحات المحدودة إلى آفاق غير محدودة، إنها معادلة البحرين الدائمة: مضاعفة القيمة دون مضاعفة المساحة.

هذه الرؤية لا تُقاس بالمتر والإيراد فقط، بل بقدرتها على خلق بيئة اقتصادية تُشبه البحرين في روحها: منفتحة، أنيقة، مضيافة، فالاقتصاد البحريني اليوم لا يبحث فقط عن الاستثمار المالي، بل عن الاستثمار في «الانطباع»؛ في الصورة التي ترسمها المملكة لنفسها أمام العالم كمركزٍ ذكي وجاذب ومستدام.

الأفنيوز إذن ليس مجرد مجمعٍ تجاري، بل نافذة بحرينية على المستقبل، ففي كل حجرٍ من أحجاره تتردد فلسفةٌ وطنية عميقة: أن التنمية ليست سباقاً في الأرقام، بل في الأفكار؛ وأن الازدهار الحقيقي لا يُقاس بالمساحات المؤجّرة بل بمدى إشراق الوجوه التي تمشي على أرصفتها.إنها البحرين حين تبني، تبني بوعيٍ ثقافيٍ وجماليٍ واقتصاديٍ في آنٍ واحد، لتقول للعالم: إن التوسع الحقيقي ليس في المساحات فقط، بل في الرؤى التي تتسع لكل حلمٍ ممكن.

* إعلامية وباحثة أكاديمية