لقطة مصورة تداولتها الهواتف وقفت عندها في مشهد غاية في الحساسية والقوة المؤثرة، مشهد من عدة مشاهد انتشرت لسمو الشيخ خالد بن حمد آل خليفة ضمن مبادراته الإنسانية لتحقيق أمنيات الأطفال محاربي السرطان. اللقطة كانت في مستشفى تصور الطفلة "لانا" وهي مشغولة بفتح علبة لهدية مغلفة وكانت الفرحة بادية عليها والحماس مشتعلاً أربكها وهي تحاول فتح العلبة بسرعة وتتوقع تلفوناً كانت قد عبّرت عن أمنيتها بامتلاكه، وفجأة يدخل الشيخ خالد عليها ويقول لها عندي لك مفاجأة أكبر من التلفون شوفي من (يبت لج) أي أحضرت لك....... ليفاجئها بصحبة الفنان حسن محمد وكانت أمنيتها أن تراه.

اللقطة التي وقفت عندها وكان لها الأثر الأجمل هي رجوع سمو الشيخ خالد إلى الوراء خطوات ابتعد فيها عن الكادر وترك المساحة الضوئية للكاميرا للاثنين فقط (الطفلة وأمنيتها) وهي تجري صارخة من الفرحة تحتضنه بقوة وتبكي فرحاً (فلاناً) وهو اسم الطفلة وحدها حكاية تشبعك حماساً لأن ما تملكه يزيد عن حاجتها فتبثه لمن حولها حفظها الله وشفاها.

أما صدق الفعل وعفويته بابتعاد الشيخ خالد للوراء لأنها كانت هي بطلة المشهد الآن، هو ما لفت نظري، وهو ما وقفت عنده، إذ يثبت بأن جبر خاطرها كان صادقاً وحقيقياً، وأن الابتعاد للمشهد الأهم، ولم يدرِ أنه ابتعاده كان هو الأصدق.

جبر الخواطر فعلٌ كبير يحتاج إلى (صدر وسيع) مثل ما نقول، وبال طويل، وصبر وقوة تحمل عظيمَين، جبر الخواطر، إن لم يكن رياءً، فلا يعنيه المدح قدر ما يهمه الابتسامة، أو الفرحة إن رُسمت على من جبر بخاطره، وهو ما يحثنا عليه ديننا وأخلاقنا وسنعنا وطيبة معدننا وأصالته.

وحين جبر الشيخ خالد بخاطر لانا تنحى جانباً وتركها تفرح براحتها، ففرحت حتى بكت وأبكت من حولها بمن فيهم هو. وعديدة هي المشاهد التي جبر فيها الشيخ خالد خاطر أطفال السرطان محققاً لهم أمنياتهم ومتابعته لهم حتى بعد التشافي، ومنهم الطفل الذي لعب معه (البلايستشن) ومن ثم صحبه لدورة الألعاب الآسيوية.

جبر الخواطر بقدر ما هو فعل خير ومهمة إنسانية إلا أننا نطمح أن تكثر وتزيد وتستمر ونرى العديد من المبادرات الإنسانية الجابرة للخواطر من أبناء جلالة الملك المعظم حفظه وحفظهم الله، فهو دور هام تضطلع به الملكية السامية ببعديها الإنساني والسياسي، دور يعزّز من قوة النظام السياسي وله شأن عظيم في ذلك، خاصة إن كان بتلك العفوية والتلقائية المحببة.