شهر ديسمبر في البحرين ليس مجرد شهر في التقويم؛ إنه موسم حياة مختلف، شهر الأعياد الوطنية والفعاليات التي تصنع حراكاً اجتماعياً واقتصادياً وسياحياً استثنائياً، وكل عام يحمل نكهة خاصة والسر دائماً: “البحريني المبدع”.

هذا العام انطلقت ليالي المحرق وفتح سوق المزارعين أبوابه، إلى جانب مراعي، وننتظر جميعاً هوى المنامة، إضافة إلى فعاليات أخرى تمتد من حلبة البحرين الدولية، حيث المنافسة بين متسابق كويتي وشقيقه السعودي، مروراً بمهرجان القهوة، ووصولاً إلى الاحتفالات في الدانة وغيرها وكلها تشترك في شيء واحد: إبراز الإبداع البحريني.

ما يحدث في ليالي المحرق قصة نجاح متكررة، لكن عليها كل عام بصمة جديدة، زخم جماهيري غير مسبوق منذ اليوم الأول للانطلاق، وكل نسخة تقول للأخرى «الزود عندي».

بيوت بحرينية قديمة استعادت نبضها بعدما تحولت إلى مطاعم ومتاجر عصرية، يزينها البحريني بذوقه الخاص من ديكورات المقاهي، إلى ابتكار المنتجات، إلى مزج التراث القديم بلمسات الشباب.

مطعم إيطالي يحوّل “البرجة” إلى ديكور «فنان» يقدم النكهة الإيطالية ببهارات بحرينية، نموذج واحد من عشرات النماذج التي تروي قصة المكان.

كل زاوية في ليالي المحرق لها حكاية إبداع، والجميل أن كل سنة ننتظر الجديد، ويأتي أجمل مما توقعنا.

في سوق المزارعين يتجلى الإبداع البحريني بصورة مختلفة ذرة بنفسجية، عصير “الجح” بأسلوب تايلندي، خضروات محلية تعرض بطريقة مبتكرة، كلها تدعم الأمن الغذائي، وتفتح فرصاً تجارية جديدة للمزارع البحريني، ومبادرة مراعي تمثل الوجه الآخر للهدف ذاته، بتقديم منتجات محلية بجودة عالية.

هوى المنامة يستعد ليأخذنا في رحلة إلى تاريخ سوق المنامة، السينما القديمة، المطاعم الشعبية، والشوارع التي شكلت قلب العاصمة، هي محاولة جميلة لإعادة الحياة إلى وسط المنامة بصورة عصرية تحافظ على روح المكان.

حتى حلبة البحرين الدولية كان لها نصيب من الإبداع المحلي، السباق الذي جمع بين الأخ محمد التورة والأخ هشام الملا صباح السبت الماضي، رغم أنه عالم السباقات ليست من اهتماماتي، إلا أن حجم الزخم فاجأني، فكرة بحرينية تبناها شاب مؤثر في عالم السيارات عمار عبدالعال، قدّمها للجهة المعنية، فاحتضنها الشيخ سلمان بن عيسى آل خليفة رئيس نادي لامبورغيني البحرين.

حدث حراك بالقطاع الفندقي، فنادق حجزت بالكامل ونسبة الأشغال عالية، تذاكر دخول السباق تجاوز سعرها 100 دينار ونفدت، وزوار من داخل وخارج البحرين، كل ذلك انطلق من فكرة بحرينية استطاعت استقطاب حدث يليق بمكانة المملكة.

من ليالي المحرق إلى سباق الحلبة، من سوق المزارعين إلى هوى المنامة، الإبداع البحريني هو القاسم المشترك، وهو “البراند” الحقيقي الذي يجعل ديسمبر في البحرين شهراً مختلفاً، مليئاً بالحياة والألوان والفرص والقصص التي تستحق أن تُروى.