لقي مقالي السابق، المتعلق بالقطاع العقاري باعتباره أحد الروافد الرئيسية للاقتصاد الوطني، ردود فعل إيجابية عكست صدىً واضحاً لدى عدد من مُلاّك العقارات، ولا سيما في المشروعات السكنية التي تضم اتحادات مُلاّك. وقد لمس هؤلاء في ذلك المقال غيضاً من فيض المشكلات التي يعانون منها، نتيجة بعض الممارسات الصادرة عن مجالس إدارة تلك الاتحادات.
وكشف أحد المُلاّك في مجمع سكني فاخر أن أحد اتحادات المُلاّك يقوم باستخدام أموال الاتحاد في تنظيم فعاليات واحتفالات، دون الرجوع إلى المُلاّك المموّلين أو استئذانهم في صرف أموالهم على مثل هذه الأنشطة، فضلاً عن عدم تقديم أي كشف حساب تفصيلي بشأن تلك المصروفات، رغم أن ذلك يُعدّ حقاً أصيلاً لكل من يساهم في التمويل.
وأضاف أن القائمين على هذه الفعاليات ينسبون الفضل لأنفسهم ولأعضاء مجلس إدارة الاتحاد، بدلاً من نسبه إلى المجمع السكني ذاته.
وتساءل هذا المستثمر: إذا كان لدى بعض أعضاء مجلس الإدارة عشرات الشركات الخاصة، فلماذا لا تُموَّل مثل هذه المناسبات من خلال تلك الشركات؟ مؤكداً أن اتحاد المُلاّك هو كيان غير ربحي يتمتع بشخصية اعتبارية، وليس جهة ريعية أو منظماً للفعاليات والاحتفالات.
وتُعد هذه الشكوى مثالاً على استغلال بعض المناسبات كذريعة لإنفاق أموال المُلاّك دون مبرر واضح، لاسيما أن هناك مستثمرين أجانب لا ناقة لهم ولا جمل في مثل هذه الاحتفالات، بل وقد يُنظر إلى هذه الممارسات على أنها استغلال غير مبرر لأموالهم، بما قد ينعكس سلباً على ثقتهم بالاستثمار.
وفي السياق ذاته، أشار قارئ آخر إلى بند «المصروفات النثرية» الوارد في بعض ميزانيات اتحادات المُلاّك، والذي يُعد من أكثر البنود استنزافاً لأموال المُلاّك، إلى جانب بند «مكافآت أعضاء مجالس الإدارة» والعاملين الإداريين في الاتحاد، لافتاً إلى وجود صلات قرابة أو صداقة تربط بعضهم بأعضاء مجلس الإدارة. وأكد أن هناك مصروفات تستوجب المراجعة والتدقيق من جهة خارجية، يتم الاتفاق عليها من قِبل دافعي الرسوم، وتخضع لرقابة الجهات المختصة.
أما قارئ ثالث، فقد رأى أن السبب الرئيسي في عدم التوصل إلى حلول جذرية داخل بعض هذه التجمعات العقارية يعود إلى عدم معرفة المُلاّك ببعضهم البعض، إضافة إلى عزوف البعض عن خوض ما يعتبرونه معارك خاسرة، واستسلام آخرين للأمر الواقع ودفع الرسوم دون الاستفسار عن أسبابها. كما أشار إلى أن عدداً كبيراً من مُلاّك الوحدات العقارية يقيمون خارج المملكة، ما يصعّب التواصل معهم وتوحيد المواقف، وهو ما يصبّ في نهاية المطاف في مصلحة أصحاب المصالح.
قضايا كثيرة طُرحت في هذا الشأن، قد تتشابه في جوهرها وتختلف في بعض تفاصيلها، غير أن ما جمعته هنا يمثل خلاصة لما تكرر على ألسنة الكثيرين. وهذه المقالة تُعد رسالة مجمعة تعكس واقع شريحة من مُلاّك العقارات، الذين يأملون في حلول قائمة على العدالة والشفافية. ونحن على ثقة بأننا في بلدٍ جعلت قيادته الحكيمة العدالة ركيزة أساسية في إدارة شؤونه.
ومن موقعي هذا، أشهد أن العديد من القضايا التي طُرحت عبر الصحافة قد وجدت آذاناً صاغية لدى المسؤولين، وهو ما يؤكد أننا في وطنٍ يقوده ملك عظيم، وسمو ولي عهد رئيس مجلس وزراء حكيم، يحرصان على مصالح هذا الشعب وتحقيق تطلعاته. حفظ الله البحرين وقيادتها الرشيدة.
* قبطان - رئيس تحرير صحيفة «ديلي تربيون» الإنجليزية