«طالما هناك أرض تحتلها إسرائيل (...)، وطالما أن الجيش اللبناني لا يتمتع بالقوة الكافية لمواجهة إسرائيل، فنحن نشعر بضرورة وجود هذا السلاح، لأنه مكمل لعمل الجيش ولا يتعارض معه، سلاح «حزب الله» لا يتناقض مع مشروع الدولة (...) فهو جزء أساسي من الدفاع عن لبنان، وعدم استعمال السلاح في الداخل اللبناني حقيقة قائمة».
هكذا أطلق الرئيس اللبناني ميشال عون تصريحاته النارية من القاهرة، مبرراً سلاح «حزب الله» المدعوم من إيران باعتباره «مكملاً لعمل الجيش ولا يتعارض معه، بدليل عدم وجود مقاومة مسلحة في الحياة الداخلية اللبنانية»، على حد قوله، في تناقض واضح وصريح مع خطاب القسم الذي أدلى به عون حين تولى الرئاسة، بتعهده أن يكون رئيساً توافقياً، مبدلاً قسمه تبديلاً، متوقعاً أن تمر تلك التصريحات مرور الكرام، دون أن تثير ضجة كبيرة، ليست في الأوساط اللبنانية فحسب، بل امتدت إلى الأوساط الخليجية والعربية، وهو الأمر الذي استدعى رداً من رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، حينما شدد على أن «ما يحمي البلد هو أن هناك إجماعاً حول الجيش والقوى الشرعية والدولة، وفقط الدولة»، مؤكداً أن «سلاح «حزب الله» غير شرعي».
لكن الغريب في الأمر أن الجنرال عون لم يدرك أنه بتصريحاته المثيرة للجدل كرئيس للدولة اللبنانية – وليس رئيس التيار الوطني الحر المؤيد للحزب – يمنح شرعية لسلاح «حزب الله»، الحزب المصنف إرهابياً بحرينياً وخليجياً وعربياً وأمريكياً.
ومن المعلوم أن ترسانة الأسلحة التي يملكها «حزب الله» والتي تمولها إيران خارج سيطرة الدولة وهي محل خلاف إذ يدعو الكثير من الأحزاب السياسية الرئيسة إلى تجريد الحزب من سلاحه.
في الوقت ذاته، تسابق محللون ومراقبون لبنانيون إلى الرد على عون ليخالفوه الرأي في قضية أن سلاح الحزب غير موجود بالداخل، مؤكدين أن السلاح موجود بالداخل بدليل انتشار عصابات «سرايا المقاومة» على امتداد لبنان بترهيب المخالفين لها بالرأي.
ولم يكن ذلك هو التناقض الوحيد في تصريحات عون، لكن التناقض برز أيضاً حينما دعا القاهرة إلى إطلاق مبادرة عربية لمكافحة الإرهاب، مشيراً إلى أن «الآمال المعقودة على الدور الذي يمكن لمصر القيام به كبيرة»، مؤكداً أن مصر «يمكنها إطلاق مبادرة إنقاذ عربية تقوم على استراتيجية لمحاربة الإرهاب (..) والعمل على إيجاد الحلول السياسية للأزمات الملحة في الوطن العربي وبالأخص في سوريا»، دون أن يضع في اعتباره أن «حزب الله» الذي يعطي الشرعية لسلاحه مصنف على قائمة الإرهاب البحرينية والخليجية والعربية، فعن أي مكافحة للإرهاب يتحدث الرئيس الجنرال، والحزب الذي يدافع عنه موصوم بالإرهاب!!
وواصل الرئيس عون تناقضاته حينما اعتبر أن «بقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد في السلطة جنب سوريا خطر أن تلقى مصير ليبيا وأن الدول المشاركة في مفاوضات أستانة اعترفت بضرورة بقاء الأسد»، وهنا يغمز الجنرال من قناة شرعية تدخل «حزب الله» مبرراً انغماسه في الحرب السورية بذريعة رد الإرهاب عن لبنان، مدافعاً بشكل ضمني عن تورط الحزب في الداخل السوري، ونسي الجنرال أن من تابع خطاب قسمه بعدما تولى رئاسة لبنان يتذكر جيداً أنه شدد على أن «يكون رئيساً جامعاً للبنانيين»، فكيف يجمع الجنرال اللبنانيين على كلمة سواء، وهو يدافع عن شرعية حزب أدخل لبنان في دوامة لا تعرف البلاد كيف تخرج منها؟! وأين دعوته إلى تحييد السياسة اللبنانية عن الأزمة السورية التي أعلن عنها خلال تسويته مع الحريري وتضمنها البيان الوزاري للحكومة وخطاب القسم الرئاسي؟!
ويبدو أن الحريري الذي تعرض لانتقادات حادة خلال المرحلة الماضية خاصة بعدما وصف بأنه «شريك عون» في التسوية التي أنهت الفراغ الرئاسي بلبنان، كان مضطرا للخروج عن صمته، لاسيما وأنه كان متهماً خاصة من قبل أنصاره المحافظين داخل «تيار المستقبل» بأنه «فاوض وساوم على الثوابت»، وهو ما دفعه إلى التأكيد في الذكرى الـ 12 لاغتيال والده رفيق الحريري إلى التأكيد على أنه «فاوض وساوم من أجل الحفاظ على الاستقرار»، رافضاً مبدأ المساومة على الثوابت، وبينها المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي تنظر في قضية التفجير الذي أودى بحياة والده و22 شخصاً في 2005، والمتهم فيها 5 عناصر من «حزب الله» الذي يدافع عنه الرئيس عون!!
ولذلك وجد الحريري الفرصة سانحة للتأكيد على جرائم الأسد في سوريا وموقفه من السلاح غير الشرعي لـ «حزب الله» وتورط ميليشيات الحزب في سوريا، دون أدنى اكتراث بأن تلك التصريحات تكشف بشكل صريح وواضح عن أول خلاف علني بينه وبين عون «شريك التسوية».
لقد توقفت كثيراً أمام التصريحات الأخيرة للرئيس اللبناني، وبالرغم من أنني لم أستغرب ما قاله، إلا أنني لا أدري، كيف يسعى الجنرال إلى عودة العلاقات القوية والوطيدة مع دول مجلس التعاون الخليجي خاصة السعودية، وفي الوقت ذاته، يعطي شرعية لسلاح «حزب الله» الذي يهاجم أمينه العام دول الخليج خاصة البحرين والسعودية أناء الليل وأطراف النهار، ناهيك عن تدخلاته المستمرة في شؤون المنامة، وتحريضه الذي لا يتوقف، وسهامه التي تؤجج الفتنة الطائفية؟!
* وقفة:
عفواً أيها الرئيس عون.. بَدَّلْتَ قسمك تبديلاً حينما أعطيت شرعية لسلاح «حزب الله» وبررت تدخله في سوريا.. أين تحييد لبنان.. أين الرئيس التوافقي؟! كيف تخطب ود دول الخليج وفي ذات الوقت تستميت في الدفاع عن حزب مدرج على قوائمها الإرهابية؟!
هكذا أطلق الرئيس اللبناني ميشال عون تصريحاته النارية من القاهرة، مبرراً سلاح «حزب الله» المدعوم من إيران باعتباره «مكملاً لعمل الجيش ولا يتعارض معه، بدليل عدم وجود مقاومة مسلحة في الحياة الداخلية اللبنانية»، على حد قوله، في تناقض واضح وصريح مع خطاب القسم الذي أدلى به عون حين تولى الرئاسة، بتعهده أن يكون رئيساً توافقياً، مبدلاً قسمه تبديلاً، متوقعاً أن تمر تلك التصريحات مرور الكرام، دون أن تثير ضجة كبيرة، ليست في الأوساط اللبنانية فحسب، بل امتدت إلى الأوساط الخليجية والعربية، وهو الأمر الذي استدعى رداً من رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، حينما شدد على أن «ما يحمي البلد هو أن هناك إجماعاً حول الجيش والقوى الشرعية والدولة، وفقط الدولة»، مؤكداً أن «سلاح «حزب الله» غير شرعي».
لكن الغريب في الأمر أن الجنرال عون لم يدرك أنه بتصريحاته المثيرة للجدل كرئيس للدولة اللبنانية – وليس رئيس التيار الوطني الحر المؤيد للحزب – يمنح شرعية لسلاح «حزب الله»، الحزب المصنف إرهابياً بحرينياً وخليجياً وعربياً وأمريكياً.
ومن المعلوم أن ترسانة الأسلحة التي يملكها «حزب الله» والتي تمولها إيران خارج سيطرة الدولة وهي محل خلاف إذ يدعو الكثير من الأحزاب السياسية الرئيسة إلى تجريد الحزب من سلاحه.
في الوقت ذاته، تسابق محللون ومراقبون لبنانيون إلى الرد على عون ليخالفوه الرأي في قضية أن سلاح الحزب غير موجود بالداخل، مؤكدين أن السلاح موجود بالداخل بدليل انتشار عصابات «سرايا المقاومة» على امتداد لبنان بترهيب المخالفين لها بالرأي.
ولم يكن ذلك هو التناقض الوحيد في تصريحات عون، لكن التناقض برز أيضاً حينما دعا القاهرة إلى إطلاق مبادرة عربية لمكافحة الإرهاب، مشيراً إلى أن «الآمال المعقودة على الدور الذي يمكن لمصر القيام به كبيرة»، مؤكداً أن مصر «يمكنها إطلاق مبادرة إنقاذ عربية تقوم على استراتيجية لمحاربة الإرهاب (..) والعمل على إيجاد الحلول السياسية للأزمات الملحة في الوطن العربي وبالأخص في سوريا»، دون أن يضع في اعتباره أن «حزب الله» الذي يعطي الشرعية لسلاحه مصنف على قائمة الإرهاب البحرينية والخليجية والعربية، فعن أي مكافحة للإرهاب يتحدث الرئيس الجنرال، والحزب الذي يدافع عنه موصوم بالإرهاب!!
وواصل الرئيس عون تناقضاته حينما اعتبر أن «بقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد في السلطة جنب سوريا خطر أن تلقى مصير ليبيا وأن الدول المشاركة في مفاوضات أستانة اعترفت بضرورة بقاء الأسد»، وهنا يغمز الجنرال من قناة شرعية تدخل «حزب الله» مبرراً انغماسه في الحرب السورية بذريعة رد الإرهاب عن لبنان، مدافعاً بشكل ضمني عن تورط الحزب في الداخل السوري، ونسي الجنرال أن من تابع خطاب قسمه بعدما تولى رئاسة لبنان يتذكر جيداً أنه شدد على أن «يكون رئيساً جامعاً للبنانيين»، فكيف يجمع الجنرال اللبنانيين على كلمة سواء، وهو يدافع عن شرعية حزب أدخل لبنان في دوامة لا تعرف البلاد كيف تخرج منها؟! وأين دعوته إلى تحييد السياسة اللبنانية عن الأزمة السورية التي أعلن عنها خلال تسويته مع الحريري وتضمنها البيان الوزاري للحكومة وخطاب القسم الرئاسي؟!
ويبدو أن الحريري الذي تعرض لانتقادات حادة خلال المرحلة الماضية خاصة بعدما وصف بأنه «شريك عون» في التسوية التي أنهت الفراغ الرئاسي بلبنان، كان مضطرا للخروج عن صمته، لاسيما وأنه كان متهماً خاصة من قبل أنصاره المحافظين داخل «تيار المستقبل» بأنه «فاوض وساوم على الثوابت»، وهو ما دفعه إلى التأكيد في الذكرى الـ 12 لاغتيال والده رفيق الحريري إلى التأكيد على أنه «فاوض وساوم من أجل الحفاظ على الاستقرار»، رافضاً مبدأ المساومة على الثوابت، وبينها المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي تنظر في قضية التفجير الذي أودى بحياة والده و22 شخصاً في 2005، والمتهم فيها 5 عناصر من «حزب الله» الذي يدافع عنه الرئيس عون!!
ولذلك وجد الحريري الفرصة سانحة للتأكيد على جرائم الأسد في سوريا وموقفه من السلاح غير الشرعي لـ «حزب الله» وتورط ميليشيات الحزب في سوريا، دون أدنى اكتراث بأن تلك التصريحات تكشف بشكل صريح وواضح عن أول خلاف علني بينه وبين عون «شريك التسوية».
لقد توقفت كثيراً أمام التصريحات الأخيرة للرئيس اللبناني، وبالرغم من أنني لم أستغرب ما قاله، إلا أنني لا أدري، كيف يسعى الجنرال إلى عودة العلاقات القوية والوطيدة مع دول مجلس التعاون الخليجي خاصة السعودية، وفي الوقت ذاته، يعطي شرعية لسلاح «حزب الله» الذي يهاجم أمينه العام دول الخليج خاصة البحرين والسعودية أناء الليل وأطراف النهار، ناهيك عن تدخلاته المستمرة في شؤون المنامة، وتحريضه الذي لا يتوقف، وسهامه التي تؤجج الفتنة الطائفية؟!
* وقفة:
عفواً أيها الرئيس عون.. بَدَّلْتَ قسمك تبديلاً حينما أعطيت شرعية لسلاح «حزب الله» وبررت تدخله في سوريا.. أين تحييد لبنان.. أين الرئيس التوافقي؟! كيف تخطب ود دول الخليج وفي ذات الوقت تستميت في الدفاع عن حزب مدرج على قوائمها الإرهابية؟!