ناقشنا في المقال الأول من هذه السلسلة كيف أن التدخلات السافرة من مسؤولين أجانب ومنظمات حقوقية أجنبية في شؤون دول العالم الثالث ودولنا العربية تدخل من منافذ متنوعة منها التعليق على الأحكام القضائية أو من خلال شعارات الديمقراطية والتغيير وحقوق الأقليات، وكلها مداخل ثبت فشلها لأنها شعارات خالية من المصداقية وكان وراءها أجندات أجنبية وأطماع خارجية.. وإذا كان السيناريو الأول وهو سيناريو الصمت الإعلامي تجاه هذه التعليقات والتقارير يجعل مصدروها يقتنعون بمصداقية ما يدعون، فما السيناريوهات الإعلامية البديلة التي يمكن تنفيذها للرد على هذه الادعاءات الباطلة؟
ويتمثل السيناريو الثاني في توجيه أجهزة الإعلام المحلية بالدول العربية والإسلامية الرد والهجوم على هذه المنظمات لتدخلها في شؤونها الداخلية للدول وإظهار بطلان افتراءاتهم عبر المقالات والبرامج والنشر في المواقع الإلكترونية، وهذه الكتابات هي في الغالب تتوجه بلغاتها المحلية لجمهور داخلي وهو جمهور في الأصل مؤيد لوجهة النظر التي تتبناها هذه الوسائل، ولذا تزداد نسب المؤيدين عبر الشرح والإيضاح لأبعاد الموقف، إلا أن هذه الكتابات لم تخاطب المستهدف الأساس وهو الجمهور الخارجي ومنتسبو هذه المنظمات الدولية الذين أنتجوا هذه الافتراءات وأرسلوها كقذائف إعلامية من خارج البلاد العربية والإسلامية، بالإضافة إلى أن أنصار هذه المنظمات كثيراً ما يشككون في إعلام العالم الثالث من منظور التبعية للأجهزة الرسمية وتبني الرؤية الرسمية في المعالجة الإعلامية للقضايا المختلفة، وهذه النظرة الغربية تتناسى عمداً أن الإعلام في العالم الثالث له دور تنموي في بناء هذه الدول، ولا بد أن يكون سنداً أساسياً بجانب الأجهزة الرسمية حتى يكون له دور في توحد المجتمعات وتقدمها ونموها ومعالجة مشاكل الفقر والجهل والأمية، كما أنها تحكم على الإعلام في الدول النامية من المنظور الغربي وتريد أن تلبسه العباءة الغربية وليس خصوصية المجتمعات التي يعمل فيها، وتناسوا أيضاً أن الإعلام الغربي تابع لرأس المال وأصحاب النفوذ الاقتصادي والسياسي في مجتمعاتهم لدرجة تكوين إمبراطوريات إعلامية ضخمة ليس على مستوى دولهم فقط إنما يتعدى تأثيرها ونفوذها إلى النطاق العالمي.. ولذا فإن هذا السيناريو رغم أهمية الجهد المبذول فيه ووطنية أصحابه وإخلاصهم لأوطانهم إلا أنه لن يؤدي إلى تغيير المواقف التي تبنتها هذه المنظمات الدولية كثيراً، حيث لن يتعدى عدة تقارير تكتبها سفارات هذه الدول عما يكتب في الوسائل الإعلامية المحلية ليطلع عليها بعض مسؤولي وزارات الخارجية في دولهم الأصلية، ومن ثم فلن تؤثر كثيراً في تغيير مواقف القائمين على هذه المنظمات ولن ترد افتراءاتهم لدى الرأي العام في دولهم، والذين قرؤوا نتائج هذه التقارير والتصريحات في صحفهم ووسائل إعلامهم قبل أن تصل إلينا. ولذا فإن هذا السيناريو يصلح استخدامه في القضايا المحلية الداخلية حين يكون الطرف الآخر طرفاً محلياً أو إقليمياً، عندها يكون هناك دور وطني لأجهزة الإعلام المحلية في الهجوم على الأطراف التي تعمل على تنفيذ ما يضر المجتمع ومصالحه المختلفة وتمارس دوراً سلبياً ضد المجتمع، ولذا فإن هذا يدفعنا للاستمرار في البحث والتفكير في سيناريوهات بديلة نستخدمها في مواجهة الافتراءات التي ترغب بعض الأطراف الخارجية في ترسيخها لدى الرأي العام العالمي عن دولنا وقضايانا العادلة. للحديث بقية.
* أستاذ الإعلام
المساعد بجامعة البحرين
ويتمثل السيناريو الثاني في توجيه أجهزة الإعلام المحلية بالدول العربية والإسلامية الرد والهجوم على هذه المنظمات لتدخلها في شؤونها الداخلية للدول وإظهار بطلان افتراءاتهم عبر المقالات والبرامج والنشر في المواقع الإلكترونية، وهذه الكتابات هي في الغالب تتوجه بلغاتها المحلية لجمهور داخلي وهو جمهور في الأصل مؤيد لوجهة النظر التي تتبناها هذه الوسائل، ولذا تزداد نسب المؤيدين عبر الشرح والإيضاح لأبعاد الموقف، إلا أن هذه الكتابات لم تخاطب المستهدف الأساس وهو الجمهور الخارجي ومنتسبو هذه المنظمات الدولية الذين أنتجوا هذه الافتراءات وأرسلوها كقذائف إعلامية من خارج البلاد العربية والإسلامية، بالإضافة إلى أن أنصار هذه المنظمات كثيراً ما يشككون في إعلام العالم الثالث من منظور التبعية للأجهزة الرسمية وتبني الرؤية الرسمية في المعالجة الإعلامية للقضايا المختلفة، وهذه النظرة الغربية تتناسى عمداً أن الإعلام في العالم الثالث له دور تنموي في بناء هذه الدول، ولا بد أن يكون سنداً أساسياً بجانب الأجهزة الرسمية حتى يكون له دور في توحد المجتمعات وتقدمها ونموها ومعالجة مشاكل الفقر والجهل والأمية، كما أنها تحكم على الإعلام في الدول النامية من المنظور الغربي وتريد أن تلبسه العباءة الغربية وليس خصوصية المجتمعات التي يعمل فيها، وتناسوا أيضاً أن الإعلام الغربي تابع لرأس المال وأصحاب النفوذ الاقتصادي والسياسي في مجتمعاتهم لدرجة تكوين إمبراطوريات إعلامية ضخمة ليس على مستوى دولهم فقط إنما يتعدى تأثيرها ونفوذها إلى النطاق العالمي.. ولذا فإن هذا السيناريو رغم أهمية الجهد المبذول فيه ووطنية أصحابه وإخلاصهم لأوطانهم إلا أنه لن يؤدي إلى تغيير المواقف التي تبنتها هذه المنظمات الدولية كثيراً، حيث لن يتعدى عدة تقارير تكتبها سفارات هذه الدول عما يكتب في الوسائل الإعلامية المحلية ليطلع عليها بعض مسؤولي وزارات الخارجية في دولهم الأصلية، ومن ثم فلن تؤثر كثيراً في تغيير مواقف القائمين على هذه المنظمات ولن ترد افتراءاتهم لدى الرأي العام في دولهم، والذين قرؤوا نتائج هذه التقارير والتصريحات في صحفهم ووسائل إعلامهم قبل أن تصل إلينا. ولذا فإن هذا السيناريو يصلح استخدامه في القضايا المحلية الداخلية حين يكون الطرف الآخر طرفاً محلياً أو إقليمياً، عندها يكون هناك دور وطني لأجهزة الإعلام المحلية في الهجوم على الأطراف التي تعمل على تنفيذ ما يضر المجتمع ومصالحه المختلفة وتمارس دوراً سلبياً ضد المجتمع، ولذا فإن هذا يدفعنا للاستمرار في البحث والتفكير في سيناريوهات بديلة نستخدمها في مواجهة الافتراءات التي ترغب بعض الأطراف الخارجية في ترسيخها لدى الرأي العام العالمي عن دولنا وقضايانا العادلة. للحديث بقية.
* أستاذ الإعلام
المساعد بجامعة البحرين