أصدرت وزارة التربية والتعليم تعميماً يوصي المدرسين والمدرسات بضرورة استخدام اللغة العربية في الحصص الدراسية وفي الطابور الصباحي.
وكطبيعة الشارع البحريني «مؤخراً» والذي أصبح يأخذ كل القضايا والأمور على محمل «الفكاهة» و«التحلطم» فقد أطلق الشارع البحريني بعض الفيديوهات للسخرية من هذا التعميم الذي أعتبره تعميماً «تأخر» إصداره، فاللغة العربية يجب أن تمارس في محيط المدرسة لأنها بالفعل بدأت تختفي وتتراجع، ويقل استخدامها.
في السابق كانت اللغة العربية حاضرة وبقوة، سواء في البرامج التي كنا نتابعها، أو في الرسوم المتحركة التي كانت مدبلجة بلغة عربية رصينة. أما الآن فقد حلت اللهجات المحلية العربية في معظم البرامج، ومعظم الرسوم المتحركة أصبحت مدبلجة بلهجات عربية، أضاعت حقيقة اللغة العربية.
مازلت أتذكر أخي الصغير عندما كان لا يفقه الكلمات والحديث باللغة العربية الفصحى، ويطلب مني أن أعيد له شرح الدرس باللغة العامية، مازلت أتذكر عندما كنت أتابع معه أحد دروس مادة التاريخ للمرحلة الإعدادية وأقول له «انتهز أبو مسلم الخرساني فرصة انشغال المسلمين» فقال لي «ما معنى كلمة «انتهز» قلت له «يعني «استغل» فقال وما معنى استغل؟! ليست هنا الصدمة فحسب، بل تروي لي صديقتي أن ابنتها كانت تقول لها «ماما أعطني «مصاري» كي أشتري من المدرسة!! تقول الأم، اندهشت من مصطلح «مصاري» وهو لفظ لا نستخدمه في البحرين مطلقاً ونستخدم عوضاً عنه كلمة «الفلوس» أو «بيزات»!! فسألت ابنتي «مصاري»، قالت لها نعم «مصاري» وسألتها ابنتها: ماما أنتِ لا تعرفين التحدث باللغة العربية الفصحى؟ فقالت لها الأم: بلى، أعرف التحدث باللغة العربية الفصحى، ولكن ما شأن «مصاري» باللغة العربية الفصحى، فقالت لها إن الرسوم المتحركة التي أشاهدها يقال فيها «مصاري».
ومن خلال مشاهداتي كأم فإنني لاحظت أن ابني لا يجيد التحدث باللغة العربية للأسف، وعندما أسأله عن السبب يقول لي «إنها لغة صعبة لا أفهمها»، فقلت له «إنها لغة سهلة وجميلة جداً» – من باب تحبيبه باللغة – فقال لي «سهلة»!! لا أعتقد ذلك تقولين لي «خشم» والمدرسة تقول «أنف» والمدرسة الأخرى تقول «منخار» وأنا مازلت لا أعرف أي اسم هو الصحيح!! في اللغة الإنجليزية يقال nose فقط.
قلت له إن اللغة العربية غنية جداً، فقال لي تقولين لي «شلونك» ومدرستي تقول لي «كيفك» والأخرى تقول لي «ازيك» وأخرى تقول لي «شحوالك» ... أما جميع المدرسات الأجانب، فالجميع يقول لي: How are you!!
لا ألومه البتة على وصفه اللغة العربية باللغة الصعبة، فلقد ضاع ابني كما ضاع غيره بين اللهجات وبين اللغة العربية الأصيلة، لذلك أنا مع هذا التعميم الذي سيجعل ابني يفقه الفرق بين اللهجات وبين اللغة العربية، لغة القرآن الكريم.
وكم أتمنى أن يصاحب هذا التعميم، تبسيط لمناهج اللغة العربية، وزيادة المحتوى الإعلامي باللغة العربية، كم أتمنى أن تكون لنا يد في دبلجة البرامج والمسلسلات لتكون باللغة العربية، وليست باللهجات الدارجة، مع أنني أؤمن بأن اللهجة هي جزء أصيل من اللغة، ولكن تبقى اللغة العربية هي الأسمى.
نشأت كما ذكرت سابقاً على مسلسلات كارتونية كانت تستخدم اللغة الفصحى، وكبرت وأنا أعرف أبجديات اللغة من خلال هذه المسلسلات، فمن لا يذكر جورجي، وفلونة، وصاحب الظل الطويل، والكابتن ماجد، كانت هذه المسلسلات الكارتونية تتحدث بلغة عربية بعيدة عن اللهجات العربية، وكنا على إثرها نستطيع هضم اللغة العربية، أما الآن فتغير المحتوى للمسلسلات الكارتونية وأصبحت الدبلجة بلهجات عربية متنوعة.
وهذا هو الوضع داخل مدارسنا سواء الحكومية منها أو الخاصة، كل مدرس يستخدم لهجته الخاصة به، فيضيع الطالب في بحر اللهجات ولا يتمكن من فهم واستخدام اللغة العربية بالطريقة المطلوبة.
هذا التعميم هو تعميم رائد، يستحق الإشادة، وسنتلمس نحن أولياء الأمور عودة الاهتمام باللغة العربية عند أبنائنا الطلبة، فشكراً على هذا التعميم الذي يسعى إلى تعزيز اللغة العربية والهوية العربية.
{{ article.visit_count }}
وكطبيعة الشارع البحريني «مؤخراً» والذي أصبح يأخذ كل القضايا والأمور على محمل «الفكاهة» و«التحلطم» فقد أطلق الشارع البحريني بعض الفيديوهات للسخرية من هذا التعميم الذي أعتبره تعميماً «تأخر» إصداره، فاللغة العربية يجب أن تمارس في محيط المدرسة لأنها بالفعل بدأت تختفي وتتراجع، ويقل استخدامها.
في السابق كانت اللغة العربية حاضرة وبقوة، سواء في البرامج التي كنا نتابعها، أو في الرسوم المتحركة التي كانت مدبلجة بلغة عربية رصينة. أما الآن فقد حلت اللهجات المحلية العربية في معظم البرامج، ومعظم الرسوم المتحركة أصبحت مدبلجة بلهجات عربية، أضاعت حقيقة اللغة العربية.
مازلت أتذكر أخي الصغير عندما كان لا يفقه الكلمات والحديث باللغة العربية الفصحى، ويطلب مني أن أعيد له شرح الدرس باللغة العامية، مازلت أتذكر عندما كنت أتابع معه أحد دروس مادة التاريخ للمرحلة الإعدادية وأقول له «انتهز أبو مسلم الخرساني فرصة انشغال المسلمين» فقال لي «ما معنى كلمة «انتهز» قلت له «يعني «استغل» فقال وما معنى استغل؟! ليست هنا الصدمة فحسب، بل تروي لي صديقتي أن ابنتها كانت تقول لها «ماما أعطني «مصاري» كي أشتري من المدرسة!! تقول الأم، اندهشت من مصطلح «مصاري» وهو لفظ لا نستخدمه في البحرين مطلقاً ونستخدم عوضاً عنه كلمة «الفلوس» أو «بيزات»!! فسألت ابنتي «مصاري»، قالت لها نعم «مصاري» وسألتها ابنتها: ماما أنتِ لا تعرفين التحدث باللغة العربية الفصحى؟ فقالت لها الأم: بلى، أعرف التحدث باللغة العربية الفصحى، ولكن ما شأن «مصاري» باللغة العربية الفصحى، فقالت لها إن الرسوم المتحركة التي أشاهدها يقال فيها «مصاري».
ومن خلال مشاهداتي كأم فإنني لاحظت أن ابني لا يجيد التحدث باللغة العربية للأسف، وعندما أسأله عن السبب يقول لي «إنها لغة صعبة لا أفهمها»، فقلت له «إنها لغة سهلة وجميلة جداً» – من باب تحبيبه باللغة – فقال لي «سهلة»!! لا أعتقد ذلك تقولين لي «خشم» والمدرسة تقول «أنف» والمدرسة الأخرى تقول «منخار» وأنا مازلت لا أعرف أي اسم هو الصحيح!! في اللغة الإنجليزية يقال nose فقط.
قلت له إن اللغة العربية غنية جداً، فقال لي تقولين لي «شلونك» ومدرستي تقول لي «كيفك» والأخرى تقول لي «ازيك» وأخرى تقول لي «شحوالك» ... أما جميع المدرسات الأجانب، فالجميع يقول لي: How are you!!
لا ألومه البتة على وصفه اللغة العربية باللغة الصعبة، فلقد ضاع ابني كما ضاع غيره بين اللهجات وبين اللغة العربية الأصيلة، لذلك أنا مع هذا التعميم الذي سيجعل ابني يفقه الفرق بين اللهجات وبين اللغة العربية، لغة القرآن الكريم.
وكم أتمنى أن يصاحب هذا التعميم، تبسيط لمناهج اللغة العربية، وزيادة المحتوى الإعلامي باللغة العربية، كم أتمنى أن تكون لنا يد في دبلجة البرامج والمسلسلات لتكون باللغة العربية، وليست باللهجات الدارجة، مع أنني أؤمن بأن اللهجة هي جزء أصيل من اللغة، ولكن تبقى اللغة العربية هي الأسمى.
نشأت كما ذكرت سابقاً على مسلسلات كارتونية كانت تستخدم اللغة الفصحى، وكبرت وأنا أعرف أبجديات اللغة من خلال هذه المسلسلات، فمن لا يذكر جورجي، وفلونة، وصاحب الظل الطويل، والكابتن ماجد، كانت هذه المسلسلات الكارتونية تتحدث بلغة عربية بعيدة عن اللهجات العربية، وكنا على إثرها نستطيع هضم اللغة العربية، أما الآن فتغير المحتوى للمسلسلات الكارتونية وأصبحت الدبلجة بلهجات عربية متنوعة.
وهذا هو الوضع داخل مدارسنا سواء الحكومية منها أو الخاصة، كل مدرس يستخدم لهجته الخاصة به، فيضيع الطالب في بحر اللهجات ولا يتمكن من فهم واستخدام اللغة العربية بالطريقة المطلوبة.
هذا التعميم هو تعميم رائد، يستحق الإشادة، وسنتلمس نحن أولياء الأمور عودة الاهتمام باللغة العربية عند أبنائنا الطلبة، فشكراً على هذا التعميم الذي يسعى إلى تعزيز اللغة العربية والهوية العربية.