في الفترة الماضية اتحد معظم أهالي المحرق الذين كانوا يناشدون ويطالبون عبر سنين طويلة بشاطئ عام مفتوح لهم لتحرير ساحلهم، ساحل الغوص وهو الساحل الوحيد المتبقي لهم كشاطئ عام في المحرق لإزالة العشيش التي تحجب هذا البحر عنهم، أهل المحرق في ذلك كانوا ينشدون «السعادة»، سعادة أن يتحرر هذا البحر من كل الممارسات غير المرغوب فيها التي تجري عليه والعشيش التي كانت مثل الحاجز الذي يمنعهم من الوصول إلى بحرهم هذا لتتحقق سعادتهم في العودة إلى حياتهم ونشاطاتهم مع البحر.

في أثناء صراعهم الدائر مع عدة أطراف.. طرف يود الإبقاء على «العشيش» لمصالح له وطرف يود إزالتها لمصالح تجارية، خاصة أنهم كانوا هم طرف ثالث في دوامة هذا الصراع يتمنون لو تظهر مطالبهم وتصل لمن يهمه الأمر.. أرادوا بذلك أن ينتصروا على هذين الطرفين وما أصعب إن تصارع أكثر من طرف في ذات الوقت لأجل أن تحفظ حقاً لك ولأهل منطقتك ووطنك.. حقاً عاماً يبقي على تاريخك وماضي أهلك وأهل منطقتك.

معظم أهالي المحرق اليوم يشعرون بخيبات أمل متكررة، فحديقة المحرق الكبرى على سبيل المثال التي كانت معلماً من معالمهم الحضارية والتي كانوا يعولون عليها كثيراً أن تكون مشروعاً سياحياً ترفيهياً كبيراً يجمع أهالي مملكة البحرين والسياح كافة، ها هي تمر عليها السنين وهي لاتزال مهجورة ومركونة على الهامش رغم موقعها المميز القريب من مطار البحرين الدولي ورغم أنها تعد أول الواجهات التي يمر عليها الزائر أو السائح وهو خارج من المطار.

خيبة الأمل لعدة أسباب، أولها أن هناك تنافراً في بعض القيادات التي تمثل وتتكلم عن مطالب أهالي المحرق، كما أنهم يجدون أن «بعض» هذه القيادات بالأصل أثناء صراعاتهم الدائرة فيما بينهم لا يمثلونهم بل يمثلون مصالحهم الخاصة ويتكلمون بأسمائهم في أمور لا تعبر عن واقعهم ولا ما ينشدونه حقاً ويحتاجونه، بل أحياناً ما يظهرون به بعيد عن أحاديثهم التي تجري على أرض الواقع وفي الشارع المحرقي عموماً، ولكم في أبرز مشروعات محافظة المحرق المتعطلة منذ سنين طويلة ومطالباتهم المستمرة بإيجاد شاطئ عام مفتوح خير مثال.

ما نود توضيحه أننا من هذا المنبر نرى أن هناك بصيص أمل عندما نتوجه إلى الرئيس التنفيذي لهيئة البحرين للسياحة والمعارض الشيخ خالد بن حمود آل خليفة، وكلنا أمل في مبادرته بتلبية مطالب أهالي المحرق.. هذا الرجل الذي أوجد خلال سنتين نقلة نوعية في ساحة اقتصاد وسياحة البحرين حتى أصبح المواطن البحريني يجد نفسه متفاعلاً في كل أسبوع يمضي به مع فعاليات سياحية وعائلية تعزز السياحة العائلية الداخلية النظيفة، ولعل النجاح الكبير الذي حققه مهرجان الطعام الأخير والأفكار التي احتواها يعكس أن هذا الرجل يملك نظرة ثاقبة لما تحتاج إليها سياحة البحرين، وأنه يملك استراتيجية فعالة في إبراز اسم مملكة البحرين على مستويات جديدة بالمنطقة، كما أنه يدرك كيف يحول المواقع الجديدة في البحرين إلى مواقع حيوية جذابة تستقطب الناس وتنعش الاقتصاد فيها والتي نتمنى لها أن تستمر مع المزيد من النجاح والتألق.

نحن نسأل، هل المحرق بأكملها تنقصها المماشي حتى يحول الساحل الوحيد المتبقي كشاطئ عام لأهالي المحرق إلى مشروع ممشى ومطاعم ومقاهٍ؟ على الأقل أوجدوا مطاعم ومقاهي.. نحن مع تطوير هذه المنطقة، ولكن أن يكون الأهم من كل ذلك الحرص على توفير أهم مطلب لأهالي المحرق، وأن تكون الأولوية لهم، وهو شاطئ عام يكون مفتوحاً لعامة الناس، خاصة أن ساحل الغوص يرتبط به أهالي المحرق ارتباطاً وثيقاً جداً، ولكم في تفاصيل الصراع الذي دار سنين طويلة عن هذا البحر خير مثال يعكس لكم كيف هم متمسكون به لآخر لحظة.

هناك من يقول لنا لقد انتهت خرائط المشروع والمشروع قيد التنفيذ، ونقول لمن يهمه الأمر، هذا ليس قرآناً منزلاً من السماء، هذا مشروع وبالإمكان تغييره، وتدارك الوقت لإصلاح ما تم تجاهله أو التغافل عنه، مطالب أهل المحرق بل البحرين عموماً معروفة.. منذ سنين طويلة وهم يناشدون بشاطئ عام مفتوح لهم يضمن لهم الاستمرار في هواياتهم البحرية والتواصل مع تاريخهم المعروف عند أهل الخليج العربي كافة مع البحر.

المحرق محافظة التاريخ والأصالة والعراقة، لا يمكن اليوم وهي الجزيرة التي يحيط بها البحر من كل الاتجاهات، ألا يكون فيها بحر واحد عام مفتوح للناس وتكون ملكيته للدولة! فما بالكم ببحرهم العزيز عليهم بحر «حالة بوماهر؟»، هل معقول في كل شبر من المحرق نجد ممشى والناس أصلاً تشبعت من المماشي، في حين لا يوجد بحر واحد؟»، أرجوكم كفوا عن استفزاز مشاعر المواطنين، حرمان المواطن من حرفته البحرية وتاريخه وهوايته التي يجد من خلالها متنفساً له يعني زيادة التراكمات التي قد توصله إلى مرحلة الانفجار!