أعز ما على قلبي أن يميز هويتي انتمائي للوطنين، الأصغر كصحافية، والأكبر كمواطنة، إلا أنه من الصحي المحبب إلي أن أخرج من الدائرة أحياناً، وأن أرتدي قبعة «ديكارت» الذي اعتمد الشك مذهباً، حتى شكّ بنفسه ما دعاه للقول لاحقاً «أنا أفكر إذاً أنا موجود». وهو ما دعاني للشك في غاية وجودي وزملائي في مهنة الصحافة، ودور الصحف في المجتمعات، والنظر للأمور من خارج الدائرة التي يفكر داخلها زملائي الذين أكن لهم كل احترام وتقدير. وكم يؤسفني أن تنخفض قيمة الصحيفة المعنوية حتى لا يقتنيها قارئ، فيحجبها عن الوصول إليه مسؤول!!
أتفهم جيداً الأزمة الاقتصادية التي تمر بها دول الخليج العربية، وكيف أنها ألقت بظلالها السوداء على كثير من القطاعات العامة والخاصة ومنها الإعلام الذي اهترأت أرباحه منذ زمن، ولكن ما لم أستوعبه أن تُحجب المعلومة مؤقتاً في صحافتنا المحلية، بينما ينفلت تداولها من قبل العالم كله في مواقع التواصل الاجتماعي والصحف الخارجية، والقارئ البحريني لن يعجزه الوصول إليها بكبسة زر أو مداعبة شاشة جهاز ذكي، لكن هذا القارئ سيفقد صلته بمصادر معلوماته المحلية التي كان يعول عليها، ليتجه لمصادر أخرى تقدم له ما حُرم منه -ولو جزئياً- في الداخل، ما يجعل البحث عن الربح بهكذا طريقة قراراً إدارياً كارثياً كان من الأجدى دراسته جيداً قبل اتخاذه.
الأمر الآخر.. أن الحديث عن الاشتراكات وإتاحة الفرص لاقتناء نسخ ورقية من الصحف في السوق المحلية فيه نوع من الإقرار المعيب بالبعد المحلي للصحافة البحرينية، بينما نحسب أن متابعينا ليسوا من البحرين وحدها، وهم يستحقون مزيداً من الالتفات لأهمية وصولهم للمعلومات والأخبار وخصوصاً عن البحرين من مصادرها الرسمية أو الموثوقة بدلاً من إتاحة الفرصة لإشاعة الإشاعة في ظل تغييب المواد مضمونة المصداقية أو تأجيل وصولها للقارئ.
يدعوني هذا أيضاً للاعتراف بفشل صحافتنا المحلية، في مواكبة إلكترونية الصحافة، وهو ما كنت قد نبهت إليه في وقت سابق، في مقال «الصحافة الخليجية التعبيرية»، عندما طرحت بعض الاقتراحات لتجديد شكل المادة الصحفية فضلاً عن مضمونها، لتواكب المستجدات الإلكترونية سواء على الورق أو بما يحلق في الفضاء السيبيري، وكان مما طرحت أن «الإعلام الإلكتروني ظهر ليجمع كافة أشكال الإعلام بصوره المختلفة -المقروء، المسموع، المرئي، والتفاعلي- في سلة واحدة، وليقدم لجمهوره الكلمات معززة بالفيديو والصوت، وبقيت الصحافة على شكلها السابق الخالي من التعبير الحركي غير التعبير من خلال الكلمات».
ولعلي أضيف تنبيهاً آخر يقوم على نظرية «ملء الفراغ»، فإن تخلت الصحافة البحرينية عن دورها ولو جزئياً، أو عطلته لنصف يوم، فإن هناك الكثير ممن سيملؤون هذا الفراغ من خلال أدوات التواصل الاجتماعي، أو من قبل صحف خارجية إقليمية تهيئ نفسها لأن تكون واحة القارئ البحريني عندما لم يجد ما يطفئ عطش معرفته في وطنه. وعلينا ألا ننسى أن إتاحة الفرصة لمشاهير التواصل الاجتماعي وقادة الرأي العام هناك، بمختلف توجهاتهم ومعالجاتهم للقضايا والأخبار، ستخلق موجات رأي عام مضطربة، فضلاً عن كون هؤلاء سيسيطرون وبسهولة على الإعلام بما يعجز الصحافة عن العودة من جديد.
* اختلاج النبض:
الحق كل الحق مع المستثمر في الإعلام، عندما يستمر لسنوات دون تحقيق أرباح أو يقع في خسارات متتالية، ولكن ليس ثمة حق للحكومات في ألا تدعم الصحافة بينما تحملها مسؤوليات جساماً للذود عن البلاد في ظل ما تمر به المنطقة من مهددات، وعلى الطرفين الاتفاق على حلول لا يكون القارئ فيها متضرراً بكافة الأحوال، فالقارئ لا يبحث عن المعلومة فقط، وإنما يبحث عن الثقة في مصادره، وعن دفء العلاقة والثقة مع صحيفته التي يتابعها.
أتفهم جيداً الأزمة الاقتصادية التي تمر بها دول الخليج العربية، وكيف أنها ألقت بظلالها السوداء على كثير من القطاعات العامة والخاصة ومنها الإعلام الذي اهترأت أرباحه منذ زمن، ولكن ما لم أستوعبه أن تُحجب المعلومة مؤقتاً في صحافتنا المحلية، بينما ينفلت تداولها من قبل العالم كله في مواقع التواصل الاجتماعي والصحف الخارجية، والقارئ البحريني لن يعجزه الوصول إليها بكبسة زر أو مداعبة شاشة جهاز ذكي، لكن هذا القارئ سيفقد صلته بمصادر معلوماته المحلية التي كان يعول عليها، ليتجه لمصادر أخرى تقدم له ما حُرم منه -ولو جزئياً- في الداخل، ما يجعل البحث عن الربح بهكذا طريقة قراراً إدارياً كارثياً كان من الأجدى دراسته جيداً قبل اتخاذه.
الأمر الآخر.. أن الحديث عن الاشتراكات وإتاحة الفرص لاقتناء نسخ ورقية من الصحف في السوق المحلية فيه نوع من الإقرار المعيب بالبعد المحلي للصحافة البحرينية، بينما نحسب أن متابعينا ليسوا من البحرين وحدها، وهم يستحقون مزيداً من الالتفات لأهمية وصولهم للمعلومات والأخبار وخصوصاً عن البحرين من مصادرها الرسمية أو الموثوقة بدلاً من إتاحة الفرصة لإشاعة الإشاعة في ظل تغييب المواد مضمونة المصداقية أو تأجيل وصولها للقارئ.
يدعوني هذا أيضاً للاعتراف بفشل صحافتنا المحلية، في مواكبة إلكترونية الصحافة، وهو ما كنت قد نبهت إليه في وقت سابق، في مقال «الصحافة الخليجية التعبيرية»، عندما طرحت بعض الاقتراحات لتجديد شكل المادة الصحفية فضلاً عن مضمونها، لتواكب المستجدات الإلكترونية سواء على الورق أو بما يحلق في الفضاء السيبيري، وكان مما طرحت أن «الإعلام الإلكتروني ظهر ليجمع كافة أشكال الإعلام بصوره المختلفة -المقروء، المسموع، المرئي، والتفاعلي- في سلة واحدة، وليقدم لجمهوره الكلمات معززة بالفيديو والصوت، وبقيت الصحافة على شكلها السابق الخالي من التعبير الحركي غير التعبير من خلال الكلمات».
ولعلي أضيف تنبيهاً آخر يقوم على نظرية «ملء الفراغ»، فإن تخلت الصحافة البحرينية عن دورها ولو جزئياً، أو عطلته لنصف يوم، فإن هناك الكثير ممن سيملؤون هذا الفراغ من خلال أدوات التواصل الاجتماعي، أو من قبل صحف خارجية إقليمية تهيئ نفسها لأن تكون واحة القارئ البحريني عندما لم يجد ما يطفئ عطش معرفته في وطنه. وعلينا ألا ننسى أن إتاحة الفرصة لمشاهير التواصل الاجتماعي وقادة الرأي العام هناك، بمختلف توجهاتهم ومعالجاتهم للقضايا والأخبار، ستخلق موجات رأي عام مضطربة، فضلاً عن كون هؤلاء سيسيطرون وبسهولة على الإعلام بما يعجز الصحافة عن العودة من جديد.
* اختلاج النبض:
الحق كل الحق مع المستثمر في الإعلام، عندما يستمر لسنوات دون تحقيق أرباح أو يقع في خسارات متتالية، ولكن ليس ثمة حق للحكومات في ألا تدعم الصحافة بينما تحملها مسؤوليات جساماً للذود عن البلاد في ظل ما تمر به المنطقة من مهددات، وعلى الطرفين الاتفاق على حلول لا يكون القارئ فيها متضرراً بكافة الأحوال، فالقارئ لا يبحث عن المعلومة فقط، وإنما يبحث عن الثقة في مصادره، وعن دفء العلاقة والثقة مع صحيفته التي يتابعها.