عندما تجرى الانتخابات ويتم الاحتكام إلى صوت الشعب لتحديد الخيارات في أي دولة فهذا دليل على انتهاجها للديمقراطية، وممارسة الشعب لحقوقه السياسية واحترام رغباته واختياراته، إلا في إيران، فإن عملية الانتخابات الرئاسية هناك مختلفة، فما يسمى بالمرشد الأعلى للثورة الإسلامية هو من يحدد الرئيس، وما عملية الانتخابات الرئاسية التي سيكون موعدها 19 مايو، إلا شكلية أو صورية.
إن منصب رئيس الجمهورية في إيران و«المنتخب» من الشعب، لا يعني الهيبة والسلطة والنفوذ كما هو معروف ومتعارف عليه في الدول الأخرى، حيث إن «وضع الرئيس» في إيران «مختلف» تماماً، فهو لا يملك سلطة اتخاذ القرار وتحديداً «القرار السياسي»، أي أنه «لا يحل» و«لا يربط» من أمور الجمهورية، لأنه يخضع خضوعاً تاماً لما يسمى بـ«المرشد الأعلى للثورة الإسلامية» الذي بيده تصريف أمور الجمهورية الإيرانية وما رئيس الجمهورية إلا أداة تنفيذ لا أكثر.
ثم إن شخصية الرئيس الإيراني لا تعد الأولى والأهم في البلاد، بل يسبقه إلى ذلك شخصيات أخرى مثل المرشد الأعلى «طبعاً»، ورئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام، ورئيس مجلس خبراء القيادة، وهو المجلس الذي يختار المرشد الأعلى للجمهورية ويترأسه أحمد جنتي، وهو نفسه رئيس مجلس صيانة الدستور الإيراني، ورئيس مجلس الشورى، فرؤساء هذه المجالس كلهم، هم «رؤساء لرئيس الجمهورية» الذي لا يشكل فوزه بقوة الشعب أي فارق، وإلا كيف لرئيس جمهورية أن «يترأسه» كل هؤلاء؟
وعودة إلى مجلس صيانة الدستور، فهذا المجلس لديه صلاحيات كبيرة ومنها رفض أو قبول طلبات الترشيح لرئاسة الجمهورية، والتدقيق على المرشحين للانتخابات وفقاً لشروط الدستور الإيراني، ولهذا لم يقبل هذا المجلس سوى 6 مرشحين فقط للرئاسة «بمن فيهم الرئيس الحالي» وذلك من أصل 1336 مرشحاً، أي بمعنى آخر أن 1330 مرشحاً لم يوافق عليهم هذا المجلس الذي رأى فيهم عدم الأهلية للترشح لهذا المنصب.
والترشح لرئاسة الجمهورية يتم وفق شروط تكرس المعنى الحقيقي للطائفية والعنصرية في هذه الجمهورية، ومنها أن يكون المرشح رجلاً، ومسلماً شيعياً اثني عشرياً، بمعنى آخر يمنع على النساء وعلى الطوائف والمذاهب الأخرى الترشح للرئاسة، إذا أخذنا في الاعتبار أن الشعب الإيراني ليس كله على هذا المذهب، بل توجد مذاهب وطوائف أخرى عديدة مثل التركمان والأكراد والبلوش والعرب وغيرها، فكل هؤلاء مجرد «عدد» عند النظام الإيراني، ليس لهم حق الترشح لرئاسة الجمهورية، بالرغم من أننا نتحدث عن قرابة 17 مليون نسمة لا ينتمون لمذهب الجمهورية وهم يشكلون 25% تقريباً من سكانها.
وهذا ما دفع بعض الشخصيات البارزة في إيران والتي لا تنتمي لمذهب الجمهورية إلى انتقاد هذه الآلية الطائفية للترشح لمنصب الرئاسة، ومنهم عبدالحميد إسماعيل زهي، أحد أبرز علماء السنة في إيران، الذي طالب في كلمة ألقاها بمدينة سروان مؤخراً بتغيير مادة في دستور البلاد تمنع السنة من الترشح للانتخابات الرئاسية في إيران، مؤكداً أن مواد الدستور ليست أوامر إلهية، داعياً إلى عدم التمييز بين السنة والشيعة وبين كافة الأعراق في إيران أمام القانون.
ولكن لماذا تلجأ إيران للانتخابات إذا كان الأمر كله مجرد «مسرحية»، وأن المرشد الأعلى هو في النهاية من سيختار الرئيس؟ هذا سؤال مهم، وجوابه في اعتقادي أن إيران تتعرض لضغوط دولية كبيرة، خاصة فيما يتعلق بالتمييز وتدني الحقوق والحريات، لذلك تأتي هذه الانتخابات «الشكلية» لتؤكد أن إيران دولة «تعرف الدرب» إلى صناديق الاقتراع، وأن للشعب صوتاً وحرية اختيار، ولكن هذا الشعب نفسه قادر أيضاً على «الثورة» إذا جاء التصويت مخالفاً لاختياراته كما حدث في 2009 والتي تمكن النظام من القضاء عليها لتنتصر في الأخير «رغبات» المرشد الأعلى.
إن منصب رئيس الجمهورية في إيران و«المنتخب» من الشعب، لا يعني الهيبة والسلطة والنفوذ كما هو معروف ومتعارف عليه في الدول الأخرى، حيث إن «وضع الرئيس» في إيران «مختلف» تماماً، فهو لا يملك سلطة اتخاذ القرار وتحديداً «القرار السياسي»، أي أنه «لا يحل» و«لا يربط» من أمور الجمهورية، لأنه يخضع خضوعاً تاماً لما يسمى بـ«المرشد الأعلى للثورة الإسلامية» الذي بيده تصريف أمور الجمهورية الإيرانية وما رئيس الجمهورية إلا أداة تنفيذ لا أكثر.
ثم إن شخصية الرئيس الإيراني لا تعد الأولى والأهم في البلاد، بل يسبقه إلى ذلك شخصيات أخرى مثل المرشد الأعلى «طبعاً»، ورئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام، ورئيس مجلس خبراء القيادة، وهو المجلس الذي يختار المرشد الأعلى للجمهورية ويترأسه أحمد جنتي، وهو نفسه رئيس مجلس صيانة الدستور الإيراني، ورئيس مجلس الشورى، فرؤساء هذه المجالس كلهم، هم «رؤساء لرئيس الجمهورية» الذي لا يشكل فوزه بقوة الشعب أي فارق، وإلا كيف لرئيس جمهورية أن «يترأسه» كل هؤلاء؟
وعودة إلى مجلس صيانة الدستور، فهذا المجلس لديه صلاحيات كبيرة ومنها رفض أو قبول طلبات الترشيح لرئاسة الجمهورية، والتدقيق على المرشحين للانتخابات وفقاً لشروط الدستور الإيراني، ولهذا لم يقبل هذا المجلس سوى 6 مرشحين فقط للرئاسة «بمن فيهم الرئيس الحالي» وذلك من أصل 1336 مرشحاً، أي بمعنى آخر أن 1330 مرشحاً لم يوافق عليهم هذا المجلس الذي رأى فيهم عدم الأهلية للترشح لهذا المنصب.
والترشح لرئاسة الجمهورية يتم وفق شروط تكرس المعنى الحقيقي للطائفية والعنصرية في هذه الجمهورية، ومنها أن يكون المرشح رجلاً، ومسلماً شيعياً اثني عشرياً، بمعنى آخر يمنع على النساء وعلى الطوائف والمذاهب الأخرى الترشح للرئاسة، إذا أخذنا في الاعتبار أن الشعب الإيراني ليس كله على هذا المذهب، بل توجد مذاهب وطوائف أخرى عديدة مثل التركمان والأكراد والبلوش والعرب وغيرها، فكل هؤلاء مجرد «عدد» عند النظام الإيراني، ليس لهم حق الترشح لرئاسة الجمهورية، بالرغم من أننا نتحدث عن قرابة 17 مليون نسمة لا ينتمون لمذهب الجمهورية وهم يشكلون 25% تقريباً من سكانها.
وهذا ما دفع بعض الشخصيات البارزة في إيران والتي لا تنتمي لمذهب الجمهورية إلى انتقاد هذه الآلية الطائفية للترشح لمنصب الرئاسة، ومنهم عبدالحميد إسماعيل زهي، أحد أبرز علماء السنة في إيران، الذي طالب في كلمة ألقاها بمدينة سروان مؤخراً بتغيير مادة في دستور البلاد تمنع السنة من الترشح للانتخابات الرئاسية في إيران، مؤكداً أن مواد الدستور ليست أوامر إلهية، داعياً إلى عدم التمييز بين السنة والشيعة وبين كافة الأعراق في إيران أمام القانون.
ولكن لماذا تلجأ إيران للانتخابات إذا كان الأمر كله مجرد «مسرحية»، وأن المرشد الأعلى هو في النهاية من سيختار الرئيس؟ هذا سؤال مهم، وجوابه في اعتقادي أن إيران تتعرض لضغوط دولية كبيرة، خاصة فيما يتعلق بالتمييز وتدني الحقوق والحريات، لذلك تأتي هذه الانتخابات «الشكلية» لتؤكد أن إيران دولة «تعرف الدرب» إلى صناديق الاقتراع، وأن للشعب صوتاً وحرية اختيار، ولكن هذا الشعب نفسه قادر أيضاً على «الثورة» إذا جاء التصويت مخالفاً لاختياراته كما حدث في 2009 والتي تمكن النظام من القضاء عليها لتنتصر في الأخير «رغبات» المرشد الأعلى.