إذا كان المجال الحيوي هو مساحة الدولة الجغرافية «اللائقة بها»، فما هي المساحة اللائقة بدول مجلس التعاون، وما هو المجال الحيوي المطلوب لايران؟ لتجاوز هذا السؤال التحريضي رفع الجغرافيون شعار لا بد أن يفكر رجل الشارع جغرافياً وأن يفكر الساسة جيوبوليتيكياً، أي دراسة تأثير السلوك السياسي في تغيير الأبعاد الجغرافية للدولة. بل رأى البعض أن الجغرافيا السياسية والجيوبوليتيك علمان مشبوهان يسعيان إلى زرع العداء ويكرسان الأطماع القومية. وعليه فالإجابة هي أن المساحة الجغرافية اللائقة بنا هي مساحتنا ومعها مساحة إيران كما فعل سعد بن أبي وقاص، وفي المقابل تحتل إيران قرار 4 عواصم عربية وتسعى لضم الخليج لمجالها الحيوي كما فعلت الإمبراطورية الساسانية مع المناذرة. ولكون تاريخ دولة ما هو في الوقت نفسه جزء من تاريخ الدولة المجاورة لذا لم يخلُ الأدب بين الطرفين من الجغرافيا. فقد شكل سعد بن أبي وقاص وفداً لكسرى فارس «يزدجرد» الذي قال لهم: أمن أجل أنا تشاغلنا عنكم اجترأتم علينا؟ فتحدث المغيرة بن زرارة، مخاطباً كسرى: اختر إن شئت الجزية عن يد وأنت صاغر، وإن شئت فالسيف، أو تُسْلِم فتنجي نفسك.
كسرى: وما معنى صاغر؟
المغيرة: أن تعطي الجزية ونرفضها، فتعطيها فنرفضها، فترجونا أن نقبلها، فنقبلها منك.
فصعق كسرى، وأمر حرسه أن يملؤوا كيساً كبيراً من التراب وأن يحملوه على ظهر أشرف عضوٍ بالوفد العربي ليهينهم، فتقدم عاصم بن عمرو وقال: أنا أشرفهم! احملوه علي! وحمله كأنه يحمل كنزاً ثميناً، فاستغرب كسرى تطوع العربي لقبول الإهانة.
وفي المناطق الرمادية تقفز الجغرافيا في التاريخ العربي - الفارسي، فيورد عبدالكريم جرادات في ورقته «صورة الآخر العربي في الرواية الإيرانية» أن الجغرافيا مازالت حاضرة في الأدب الإيراني الحديث، فعبد الحسين زرين كوب يقول «ففي تلك الصحاري القاحلة المخيفة لا ترى أثراً للآدميين سوى عصبة من العرب الجياع العراة يتقاتلون على شربة ماء وضمة عشب». فهل أكل الجراد إلا لفقر الطبيعة الجغرافية! وهو ليس دليلاً على الفقر الحضاري، فطعام الإنسان لا يعبر عن مستواه الثقافي. أما صادق هدايت أعظم كتاب إيران المنتحر بباريس 1951 ففي كل أدبه «العرب المتوحشون، أرضهم صحراء وشمسهم حارقة» فأي نقد هذا حين ينتقد جغرافية وطبيعة جزيرة العرب؟ ثم يتوسع في أقسام الجغرافيا كهيئة وملبس ولغة العرب في كربلاء والنجف فهم سود البشرة، سيئو المظهر بلحاهم وعباءاتهم، يرتدون طرابيش حمراء ملفوفة بقماش أخضر، ولغتهم العربية غليظة تخرج من قعر الحلق وباطن الأمعاء.
* بالعجمي الفصيح:
استدعى كسرى قائد جيوشه رستم وقال ساخراً: أرأيت قوماً أشرفهم أحمقهم! سألتهم من أشرفهم حتى أحمله التراب، فخرج أحدهم متطوعاً وقال أنا أشرفهم!
صُعق رستم وقال: بل هو أعقلهم، «لقد أعطيته للتو أرض فارس» مجالهم الحيوي.
{{ article.visit_count }}
كسرى: وما معنى صاغر؟
المغيرة: أن تعطي الجزية ونرفضها، فتعطيها فنرفضها، فترجونا أن نقبلها، فنقبلها منك.
فصعق كسرى، وأمر حرسه أن يملؤوا كيساً كبيراً من التراب وأن يحملوه على ظهر أشرف عضوٍ بالوفد العربي ليهينهم، فتقدم عاصم بن عمرو وقال: أنا أشرفهم! احملوه علي! وحمله كأنه يحمل كنزاً ثميناً، فاستغرب كسرى تطوع العربي لقبول الإهانة.
وفي المناطق الرمادية تقفز الجغرافيا في التاريخ العربي - الفارسي، فيورد عبدالكريم جرادات في ورقته «صورة الآخر العربي في الرواية الإيرانية» أن الجغرافيا مازالت حاضرة في الأدب الإيراني الحديث، فعبد الحسين زرين كوب يقول «ففي تلك الصحاري القاحلة المخيفة لا ترى أثراً للآدميين سوى عصبة من العرب الجياع العراة يتقاتلون على شربة ماء وضمة عشب». فهل أكل الجراد إلا لفقر الطبيعة الجغرافية! وهو ليس دليلاً على الفقر الحضاري، فطعام الإنسان لا يعبر عن مستواه الثقافي. أما صادق هدايت أعظم كتاب إيران المنتحر بباريس 1951 ففي كل أدبه «العرب المتوحشون، أرضهم صحراء وشمسهم حارقة» فأي نقد هذا حين ينتقد جغرافية وطبيعة جزيرة العرب؟ ثم يتوسع في أقسام الجغرافيا كهيئة وملبس ولغة العرب في كربلاء والنجف فهم سود البشرة، سيئو المظهر بلحاهم وعباءاتهم، يرتدون طرابيش حمراء ملفوفة بقماش أخضر، ولغتهم العربية غليظة تخرج من قعر الحلق وباطن الأمعاء.
* بالعجمي الفصيح:
استدعى كسرى قائد جيوشه رستم وقال ساخراً: أرأيت قوماً أشرفهم أحمقهم! سألتهم من أشرفهم حتى أحمله التراب، فخرج أحدهم متطوعاً وقال أنا أشرفهم!
صُعق رستم وقال: بل هو أعقلهم، «لقد أعطيته للتو أرض فارس» مجالهم الحيوي.