في ظل عصر العولمة الذي يُسور حياتنا، باتت للأسف بعض الأمور البسيطة اليدوية التي نقوم بها محل استهجان للبعض أو محطة إعجاب وتأمل للبعض الآخر.
الأمر باختصار منذ فترة بسيطة شعرت بألم مفاجئ ومُتعب خلال تواجدي في العمل، أنهيت دوامي وتوجهت إلى عيادة الطبيب. وصلت المكان المقصود وأنهيت أمور تسجيل اسمي لدى مكتب الاستقبال وخلال حديثي مع الموظفة سألتها مقاطعة: «عزيزتي، كم مريضاً قبلي؟» من جوابها ونظرتها المكللة بالحياء حسبت أن لدي فترة انتظار ما تعادل الساعة والنصف تقريباً. تكدرت وانزعجت فإنها فترة انتظار طويلة لا يُستهان بها أبداً. فما كان يهمني الجانب الصحي ولكن شغلني الجانب النفسي فقد كنت متأكدة أنه سيصبح أسوأ والسبب يعود بكل بساطة أن صديقي الصامت العبقري الصغير الذي أمسكه دائماً بيدي هو الآخر مريض جداً وتكاد الشحنات الأخيرة للبطارية أن تلفظ أنفاسها وقد نسيت الشاحن الكهربائي في المنزل.
توجهت إلى غرفة الانتظار وملامح الامتعاض تخيم على وجهي، وجدت الطاولة الموجودة في وسط القاعة والتي أراها كل مرة ولم أعر لها اهتماماً قط، متواجداً عليها مجموعة من المجلات المرصفة والمرتبة الواحدة على الأخرى كالعادة، رمقتهم بُسرعة، تناولت مجلة وأخذت مكاني.
بدأت أتصفح المجلة بشكل عشوائي، وأسأل نفسي لماذا أنا متكدرة وأشعر بضيق بهذا الشكل؟ فبالطبع ليس موضوع الانتظار وحده، فهذا أمر اعتدت عليه. وإنما الحقيقة تكمن أنني لا أستطع تصفّح هاتفي النقال وبدء المحادثات الصامتة.
ولكن ماذا عساي فاعلة، فلا بد أن أنسجم مع الأخبار الواردة حتى وإن كانت صلاحيتها منتهية، وإذ بي أجد نفسي رويداً رويداً أروق لما أقرأ، وتحمست أكثر فتحركت من مكاني بإيجابية واستعرت قلماً من الموظفة كي أحل الألعاب والتسالي التي تكون عادة موجودة في نهاية العدد. كل هذا يحدث معي أمام مرأى المرضى المنتظرين. فمنهم من تبسم لي مرحباً للإنجاز العظيم الذي أقوم به وأنني أمسك بيدي مجلة، ومنهم من اعتبر أنني لا أنتمي لجيل التلفونات الهادرة للوقت، وسيدة دفعت ابنتها لأن تترك هاتفها وتأخذ مجلة تقرؤها أسوة بي، وشخص خرج عن صمته ليهنئني على ما أقوم به وإن ندر الآن من نجده يقرأ كتاباً أو يتصفح مجلة، في الأماكن العامة أو الخاصة وقال، أنا سأغلق هاتفي وآخذ مجلة... فتصرفك كان دافعاً لي ومشجعاً للقراءة. وتحولت جلسة الانتظار المليئة بالتنهدات إلى جلسة حوار مليئة بالحسنات والابتسامات.
حقيقة تأملت الموقف عن بعد، فبقدر سعادتي لهذا التغيير الإيجابي والذي حدث للحظات قليلة على قدر ما كنت خجلة من نفسي وإن السبب لكل هذا يعود إلى أن «بطارية الشاحن» فارغة وليس حبي وغرامي للقراءة. ولكن بعد هذا الموقف فقد عاهدت نفسي صراحة أنه لا بد من أن أخصص يومياً -الوقت- لأنعزل عن العالم الرقمي وأعيش مع عالم الكلمات والكتب ولو لسويعات قليلة. فأنا من المؤمنين أنه قليل دائم خير من كثير منقطع... فلنأخذ المبادرة نحو التغيير وإن كانت من غير سابق إنذار أو تحذير.
الأمر باختصار منذ فترة بسيطة شعرت بألم مفاجئ ومُتعب خلال تواجدي في العمل، أنهيت دوامي وتوجهت إلى عيادة الطبيب. وصلت المكان المقصود وأنهيت أمور تسجيل اسمي لدى مكتب الاستقبال وخلال حديثي مع الموظفة سألتها مقاطعة: «عزيزتي، كم مريضاً قبلي؟» من جوابها ونظرتها المكللة بالحياء حسبت أن لدي فترة انتظار ما تعادل الساعة والنصف تقريباً. تكدرت وانزعجت فإنها فترة انتظار طويلة لا يُستهان بها أبداً. فما كان يهمني الجانب الصحي ولكن شغلني الجانب النفسي فقد كنت متأكدة أنه سيصبح أسوأ والسبب يعود بكل بساطة أن صديقي الصامت العبقري الصغير الذي أمسكه دائماً بيدي هو الآخر مريض جداً وتكاد الشحنات الأخيرة للبطارية أن تلفظ أنفاسها وقد نسيت الشاحن الكهربائي في المنزل.
توجهت إلى غرفة الانتظار وملامح الامتعاض تخيم على وجهي، وجدت الطاولة الموجودة في وسط القاعة والتي أراها كل مرة ولم أعر لها اهتماماً قط، متواجداً عليها مجموعة من المجلات المرصفة والمرتبة الواحدة على الأخرى كالعادة، رمقتهم بُسرعة، تناولت مجلة وأخذت مكاني.
بدأت أتصفح المجلة بشكل عشوائي، وأسأل نفسي لماذا أنا متكدرة وأشعر بضيق بهذا الشكل؟ فبالطبع ليس موضوع الانتظار وحده، فهذا أمر اعتدت عليه. وإنما الحقيقة تكمن أنني لا أستطع تصفّح هاتفي النقال وبدء المحادثات الصامتة.
ولكن ماذا عساي فاعلة، فلا بد أن أنسجم مع الأخبار الواردة حتى وإن كانت صلاحيتها منتهية، وإذ بي أجد نفسي رويداً رويداً أروق لما أقرأ، وتحمست أكثر فتحركت من مكاني بإيجابية واستعرت قلماً من الموظفة كي أحل الألعاب والتسالي التي تكون عادة موجودة في نهاية العدد. كل هذا يحدث معي أمام مرأى المرضى المنتظرين. فمنهم من تبسم لي مرحباً للإنجاز العظيم الذي أقوم به وأنني أمسك بيدي مجلة، ومنهم من اعتبر أنني لا أنتمي لجيل التلفونات الهادرة للوقت، وسيدة دفعت ابنتها لأن تترك هاتفها وتأخذ مجلة تقرؤها أسوة بي، وشخص خرج عن صمته ليهنئني على ما أقوم به وإن ندر الآن من نجده يقرأ كتاباً أو يتصفح مجلة، في الأماكن العامة أو الخاصة وقال، أنا سأغلق هاتفي وآخذ مجلة... فتصرفك كان دافعاً لي ومشجعاً للقراءة. وتحولت جلسة الانتظار المليئة بالتنهدات إلى جلسة حوار مليئة بالحسنات والابتسامات.
حقيقة تأملت الموقف عن بعد، فبقدر سعادتي لهذا التغيير الإيجابي والذي حدث للحظات قليلة على قدر ما كنت خجلة من نفسي وإن السبب لكل هذا يعود إلى أن «بطارية الشاحن» فارغة وليس حبي وغرامي للقراءة. ولكن بعد هذا الموقف فقد عاهدت نفسي صراحة أنه لا بد من أن أخصص يومياً -الوقت- لأنعزل عن العالم الرقمي وأعيش مع عالم الكلمات والكتب ولو لسويعات قليلة. فأنا من المؤمنين أنه قليل دائم خير من كثير منقطع... فلنأخذ المبادرة نحو التغيير وإن كانت من غير سابق إنذار أو تحذير.