من الميزات الوظيفية لموقع «ويكيليكس» أنه كشف كثيراً من خفايا التآمر في المنطقة والعالم كما وثقتها برقيات رسمية من السفارات الأمريكية، وحين نستعرض ما تقوله هذه الوثائق عن مؤامرات وجرائم النظام القطري تجاه أشقائه في دول الخليج نصاب بالذهول، فهل يعقل أن عضواً في مجلس التعاون يضمر كل هذا الشر والحقد ضد أشقائه؟
وبعيداً عما هو معروف عن تلك الجلسة التي عقدت لقمة مجلس التعاون الطارئة لبحث احتلال الكويت عام 1990 وإصرار «أحدهم» على عدم مناقشة أي موضوع بما في ذلك الموضوع سبب انعقاد القمة قبل أن يوجه سهامه إلى البحرين بنفس مريض لا يخلو من الحقد الدفين. نقول بعيداً عن ذلك، دعونا نستعرض بعضاً مما تتيحه لنا الويكيليكس عن هذا الحقد الأخوي الغريب، لأننا سنجد أنه بعد عشرين عاماً من تلك الواقعة بقي المنطق نفس المنطق وبقيت الطعن في الظهر والخاصرة هو نفس الطعن في الظهر والخاصرة.
في العام 2010، كما تفيدنا البرقية رقم 10MANAMA26 تاريخ 18 يناير 2010، يبرق السفير الأمريكي في المنامة لوزارة خارجيته بعد اجتماعين عقدهما مع المسؤولين في البحرين، لأنه وجد أن من المفيد إطلاع الإدارة الأمريكية على حجم المرارة والقلق اللذين تشعر بهما القيادة البحرينية نتيجة السياسة القطرية في موضوعين رئيسين هما إيران والقاعدة.
وفي التفاصيل، ينقل السفير كيف أن اهتمام قادة الخليج في قمتهم في شهر ديسمبر 2009 كان منصباً على تعزيز وتقوية أواصر الوحدة والقوة بين دول مجلس التعاون، لكنهم كانوا قلقين من السياسة القطرية الباطنية، وأن قيادة مملكة البحرين عبرت في اجتماع القادة عن القلق من معلومات تؤكد تعيين الحرس الثوري الإيراني ملحقاً عسكرياً تابعاً له في إحدى العواصم الخليجية مع التساؤل: «علينا أن نكون واضحين حول هذه القضية وأن نعرف من مع من». ثم اتجهت العيون صوب حاكم قطر آنذاك الذي اكتفى بالصمت ولم يجب أحداً. ولعل هذا يفسر زيادة التنسيق والتعاون بين الجانب القطري والتنظيمات الإرهابية المدعومة من إيران لاستهداف أمن وأمان مملكة البحرين.
أما نقطة الخلاف الثانية، كما يروي السفير، فقد كانت حول قيام القطريين بفتح قنوات اتصال مع قادة القاعدة وعلى مستويات مختلفة، في الوقت الذي حذر فيه قادة الخليج من خطورة التحالف مع الإرهاب والتخلي عن الأصدقاء والحلفاء، ومرة أخرى لم يسمع القادة من النظام في قطر سوى الصمت.
هذا على صعيد العلاقات الخليجية جماعياً، لكن البرقية تمضي لتروي تفاصيل ليست أقل سوءاً على الصعيد الثنائي، حيث ينقل السفير عن أحد المسؤولين البحرينيين الحاضرين تساؤله: «كيف يعقل أن ترفض قطر مرة تلو أخرى التعاقد معنا على شراء الغاز من الحقل الشمالي «المشترك مع إيران باسم بارس» بينما تقدم عروضاً مغرية لكل من المكسيك والصين وبريطانيا؟».
والواقع أن من يتابع التصرفات والسلوكيات في السياسة القطرية، الخارجة على إجماع أهل الخليج والمنشقة عن وحدتهم، يدرك تماماً أن هذه التصرفات ليست غريبة ولا مستهجنة، فقد أصبح هذا هو الطبع الغالب والسائد على علاقتها بالدول الخليجية والعربية على حد سواء.
ولإدراك عدم حسن نية قطر في ملف الغاز مثلاً، نشير هنا إلى واقع أن الضغط على البحرين في ملف الغاز يؤدي إلى إثقال الموازنة البحرينية ويعيق مساعي الدولة البحرينية في التنمية والتشغيل، وهو ما يوفر لتيارٍ إرهابي معروف فرصة مجانية للتجييش والتحريض ضد المملكة الخليفية.
ومما يندى له الجبين من التصرفات القطرية ما أكدته مصادر إعلامية ودبلوماسية خليجية متطابقة في العام 2014 أن أحد أبرز أسباب القرار الخليجي بسحب السفراء يعود لاكتشاف خيوط تربط منفذي الاعتداء الإرهابي الآثم على رجال الأمن في البحرين «الذي ذهب ضحيته شهيد الإمارات النقيب طارق الشحي» مع أحد الإرهابيين الذين يحظون بدعم وحماية من حكومة قطر. ولم يعد خافياً على أحد الدعم القطري لتنظيمات إرهابية شيعية معادية للبحرين في الخارج، كما أنها أسهمت في تهريب أسلحة فتاكة إلى تنظيمات مماثلة في الداخل، ذهب بعضها إلى شركائهم في الإجرام في منطقة القطيف في السعودية.
ولا يزال النظام القطري أسيراً لنتائج التحكيم الدولي بين قطر والبحرين عام 1999 حول جزر حوار، حيث حاول بكل الوسائل الانتقام من فوز البحرين بالتحكيم من خلال محاولات المساس باقتصاد البحرين بأكثر من وسيلة، فقد لعب الإعلام القطري وخصوصاً قناة الجزيرة دوراً تحريضياً كبيراً على المستويين المحلي والعالمي، فأسهم في فبركة الكثير من القصص مثل القصة المفبركة حول توقيف ومحاكمة أطفال من دون الإشارة إلى أن أعمارهم فوق 17 وكونهم متورطين في أعمال إرهابية.
وفي الأثناء، لعبت قناة الجزيرة الإنجليزية دوراً أكثر تآمراً، إذ كانت تغطي على اللغة المخففة في قناتها العربية بلغة أكثر عدوانية وتحريضاً، وخصوصاً في سلسلة الأفلام المفبركة التي أصبحت الأساس لتقارير المنظمات الأمريكية المعادية للبحرين، وكذلك الانحياز التام لروايات التنظيمات الإرهابية في التغطيات الإخبارية.
وإضافة لدور أكاديمية التغيير التخريبي في تدريب وإعداد مجاميع من المخربين، ممن تم توفير قاعدة انطلاق لهم للعمل ضد البحرين من الدوحة بحرية تامة وكاملة، فقد فتح النظام القطري أبوابه وخزائنه لعدد من مراكز الأبحاث المشبوهة للعمل من الدوحة بحرية، كما تعاون مع مجموعة أخرى تعمل من لندن لتمويل أنشطة إرهابيين موالين لإيران يسعون للانقلاب على شرعية الدولة في البحرين.
والسؤال الذي يطل علينا بعد هذا كله، من التاريخ ومن الجغرافيا ومن الحاضر: ترى، لماذا يكرهون البحرين ومملكتها الخليفية إلى هذا الحد؟
وبعيداً عما هو معروف عن تلك الجلسة التي عقدت لقمة مجلس التعاون الطارئة لبحث احتلال الكويت عام 1990 وإصرار «أحدهم» على عدم مناقشة أي موضوع بما في ذلك الموضوع سبب انعقاد القمة قبل أن يوجه سهامه إلى البحرين بنفس مريض لا يخلو من الحقد الدفين. نقول بعيداً عن ذلك، دعونا نستعرض بعضاً مما تتيحه لنا الويكيليكس عن هذا الحقد الأخوي الغريب، لأننا سنجد أنه بعد عشرين عاماً من تلك الواقعة بقي المنطق نفس المنطق وبقيت الطعن في الظهر والخاصرة هو نفس الطعن في الظهر والخاصرة.
في العام 2010، كما تفيدنا البرقية رقم 10MANAMA26 تاريخ 18 يناير 2010، يبرق السفير الأمريكي في المنامة لوزارة خارجيته بعد اجتماعين عقدهما مع المسؤولين في البحرين، لأنه وجد أن من المفيد إطلاع الإدارة الأمريكية على حجم المرارة والقلق اللذين تشعر بهما القيادة البحرينية نتيجة السياسة القطرية في موضوعين رئيسين هما إيران والقاعدة.
وفي التفاصيل، ينقل السفير كيف أن اهتمام قادة الخليج في قمتهم في شهر ديسمبر 2009 كان منصباً على تعزيز وتقوية أواصر الوحدة والقوة بين دول مجلس التعاون، لكنهم كانوا قلقين من السياسة القطرية الباطنية، وأن قيادة مملكة البحرين عبرت في اجتماع القادة عن القلق من معلومات تؤكد تعيين الحرس الثوري الإيراني ملحقاً عسكرياً تابعاً له في إحدى العواصم الخليجية مع التساؤل: «علينا أن نكون واضحين حول هذه القضية وأن نعرف من مع من». ثم اتجهت العيون صوب حاكم قطر آنذاك الذي اكتفى بالصمت ولم يجب أحداً. ولعل هذا يفسر زيادة التنسيق والتعاون بين الجانب القطري والتنظيمات الإرهابية المدعومة من إيران لاستهداف أمن وأمان مملكة البحرين.
أما نقطة الخلاف الثانية، كما يروي السفير، فقد كانت حول قيام القطريين بفتح قنوات اتصال مع قادة القاعدة وعلى مستويات مختلفة، في الوقت الذي حذر فيه قادة الخليج من خطورة التحالف مع الإرهاب والتخلي عن الأصدقاء والحلفاء، ومرة أخرى لم يسمع القادة من النظام في قطر سوى الصمت.
هذا على صعيد العلاقات الخليجية جماعياً، لكن البرقية تمضي لتروي تفاصيل ليست أقل سوءاً على الصعيد الثنائي، حيث ينقل السفير عن أحد المسؤولين البحرينيين الحاضرين تساؤله: «كيف يعقل أن ترفض قطر مرة تلو أخرى التعاقد معنا على شراء الغاز من الحقل الشمالي «المشترك مع إيران باسم بارس» بينما تقدم عروضاً مغرية لكل من المكسيك والصين وبريطانيا؟».
والواقع أن من يتابع التصرفات والسلوكيات في السياسة القطرية، الخارجة على إجماع أهل الخليج والمنشقة عن وحدتهم، يدرك تماماً أن هذه التصرفات ليست غريبة ولا مستهجنة، فقد أصبح هذا هو الطبع الغالب والسائد على علاقتها بالدول الخليجية والعربية على حد سواء.
ولإدراك عدم حسن نية قطر في ملف الغاز مثلاً، نشير هنا إلى واقع أن الضغط على البحرين في ملف الغاز يؤدي إلى إثقال الموازنة البحرينية ويعيق مساعي الدولة البحرينية في التنمية والتشغيل، وهو ما يوفر لتيارٍ إرهابي معروف فرصة مجانية للتجييش والتحريض ضد المملكة الخليفية.
ومما يندى له الجبين من التصرفات القطرية ما أكدته مصادر إعلامية ودبلوماسية خليجية متطابقة في العام 2014 أن أحد أبرز أسباب القرار الخليجي بسحب السفراء يعود لاكتشاف خيوط تربط منفذي الاعتداء الإرهابي الآثم على رجال الأمن في البحرين «الذي ذهب ضحيته شهيد الإمارات النقيب طارق الشحي» مع أحد الإرهابيين الذين يحظون بدعم وحماية من حكومة قطر. ولم يعد خافياً على أحد الدعم القطري لتنظيمات إرهابية شيعية معادية للبحرين في الخارج، كما أنها أسهمت في تهريب أسلحة فتاكة إلى تنظيمات مماثلة في الداخل، ذهب بعضها إلى شركائهم في الإجرام في منطقة القطيف في السعودية.
ولا يزال النظام القطري أسيراً لنتائج التحكيم الدولي بين قطر والبحرين عام 1999 حول جزر حوار، حيث حاول بكل الوسائل الانتقام من فوز البحرين بالتحكيم من خلال محاولات المساس باقتصاد البحرين بأكثر من وسيلة، فقد لعب الإعلام القطري وخصوصاً قناة الجزيرة دوراً تحريضياً كبيراً على المستويين المحلي والعالمي، فأسهم في فبركة الكثير من القصص مثل القصة المفبركة حول توقيف ومحاكمة أطفال من دون الإشارة إلى أن أعمارهم فوق 17 وكونهم متورطين في أعمال إرهابية.
وفي الأثناء، لعبت قناة الجزيرة الإنجليزية دوراً أكثر تآمراً، إذ كانت تغطي على اللغة المخففة في قناتها العربية بلغة أكثر عدوانية وتحريضاً، وخصوصاً في سلسلة الأفلام المفبركة التي أصبحت الأساس لتقارير المنظمات الأمريكية المعادية للبحرين، وكذلك الانحياز التام لروايات التنظيمات الإرهابية في التغطيات الإخبارية.
وإضافة لدور أكاديمية التغيير التخريبي في تدريب وإعداد مجاميع من المخربين، ممن تم توفير قاعدة انطلاق لهم للعمل ضد البحرين من الدوحة بحرية تامة وكاملة، فقد فتح النظام القطري أبوابه وخزائنه لعدد من مراكز الأبحاث المشبوهة للعمل من الدوحة بحرية، كما تعاون مع مجموعة أخرى تعمل من لندن لتمويل أنشطة إرهابيين موالين لإيران يسعون للانقلاب على شرعية الدولة في البحرين.
والسؤال الذي يطل علينا بعد هذا كله، من التاريخ ومن الجغرافيا ومن الحاضر: ترى، لماذا يكرهون البحرين ومملكتها الخليفية إلى هذا الحد؟