أفهم أن الصدمة بحقيقة ضلوع قطر في التآمر على البحرين كبيرة على أهل الخليج الذين اعتادوا على سماع ما يطيب له الخاطر فقط حول العلاقات الخليجية الخليجية، باعتبار أن ذلك الامتداد التاريخي والجغرافي بين شعوبنا تحصيل حاصل، ثم أضيف لها عملاً ممنهجاً لدولنا الست لخلق الهوية الخليجية الجامعة تولته حكوماتنا عبر المناهج المدرسية وعبر توحيد العديد من الأنظمة مروراً بالتنقل بالبطاقة الشخصية وعبر غرز ثقافي فني أكد على تلك الثوابت، وفجأة وجدت تلك الغالبية نفسها أمام جرعة كبيرة جداً من الحقائق المعاكسة فتشكلت لها صدمة شككت في سمعها وبصرها والوقائع الدامغة التي عرضت عليها.
كيف إذا كان المسؤولون البحرينيون يتحدثون بإيجابية عن قطر سابقاً وينفون ضلوعها في التآمر رغم أنهم يملكون الدلائل على غير ذلك؟ لمَ نفى وزير الخارجية البحرينية ما تسرب من دخان حول ذلك التآمر؟ فممارسة القيادة القطرية التآمرية منذ عهد حمد بن خليفة بعد الانقلاب على أبيه كانت عديدة ومتنوعة وتعود للفترات الأولى لتوليه مقاليد الحكم، إنما تكتمت عليها قيادات البحرين والسعودية والإمارات وحتى الكويت وذلك حفاظاً على كيان المجلس وأملاً في أن تخبو تلك النزعة التآمرية إن قوبلت بالإحسان.
ما الذي تغير إذاً؟
الذي تغير أن المرحلة التي تمر بها دول مجلس التعاون لا تحتمل تلك الممارسات والسكوت عليها، والتي أصبحت تهدد استقرار هذه الدول خاصة وأن تلك القيادة بدأت تضع يدها في يد من نحاربه على أكثر من جبهة ونقصد إيران، المرحلة لا تحتمل أن تحتضن قطر كل الجماعات التي تحارب الدول الخليجية من أجل إسقاطها (حزب الله والإخوان والحوثيون والأشتر والوفاق وغيرهم)، المرحلة لا تحتمل وهناك مشروع تبنته الإدارة الأمريكية السابقة لإسقاط دولنا وإعادة تقسيم المنطقة وكانت ضالعة فيه بالتنسيق مع قطر ومازالت فلوله نشطة إلى الآن في الأروقة الأمريكية، لهذا كان اجتماع الرياض عام 2013 وكانت في المصارحة تجري للمرة الأولى بين الأشقاء، ولبيان الجدية لقطر تم التسريب المتعمد لبعض ما جرى في الاجتماع وسحب السفراء كإنذار أولي، وتدخلت الوساطة الكويتية حين تعهد تميم بأن يلغي مشروع الأب وأن يفتح صفحة جديدة مع أشقائه في الخليج.
إنما لم تلتزم قطر بتعهدها، لم تلتزم بوقف دعمها للجماعات التي تحاربنا، ولم تلتزم بوقف أدوات الدعم ومنها التمويل ومنها فك منظومة القوى الناعمة التي تعمل على تحقيق المشروع الذي تبنته الإدارة السابقة بإسقاط دول الخليج وإعادة رسم المنطقة. لم تلتزم بالنأي عن إيران.
ثم جاءت قمة الرياض الإسلامية الأمريكية التي وجهت لقطر فرصة أخيرة لأن الحرب على الإرهاب لم تعد مسألة إقليمية فحسب بل دولية، وإن تلك الحرب جادة ضد أي دولة ممولة لتلك الجماعات وأهمها إيران وقطر، خرجت قطر من اجتماع القمة في الرياض وبدلاً من أن تأخذ التحذيرات على محمل الجد زادت تقاربها مع إيران سواء بالتصريح الذي تدعي قطر أنه مفبرك، أو بالاتصال الذي تقر به الدوحة والذي جرى بين تميم وروحاني بعد فوزه، والذي أعلنت عنه إيران ونشرت محتواه وأكدته قطر، وجاء هذا التصرف الأهوج ليضاف إلى كل الممارسات السابقة التي لم تكن المكالمة التي عرضتها البحرين إلا (عينة) منها فقط، كي يقطع بذلك كل حبل الوصل الذي دام طوال السنوات السابقة، وهذا ما لم تتوقعه قطر التي اعتادت على ألا يقابل نزقها إلا بالصبر والتحمل، إذ لم تدرك قطر حجم وطبيعة وجدية المتغيرات التي جرت في المنطقة وفي الإدارة الأمريكية.
تسريب المكالمة ما هو سوى رأس الجبل الجليدي المتراكم قامت به البحرين مضطرة، بعد أكثر من تحذير وأكثر من إنذار وبعد أكثر من مطالبة بالتوقف كانت تلك المطالبات ثنائية أحياناً بينها وبين قطر، وجماعية مع بقية دول المجلس أحياناً أخرى، وحتى الإنذار والتحذير بنشر هذه المكالمات للعلن تم أكثر من مرة ولم تفعله البحرين، إلى أن أصبح الخطر الداهم على المنطقة ككل يفوق قدرتها على التحمل، وهذا الخطر تساهم به قطر باستمرار علاقتها بإيران واستمرار علاقتها بالجماعات التي تحارب البحرين والجماعات التي تحارب مصر والإمارات والجماعات التي نقاتلها في اليمن وحزب الله وإيران ذاتها، فأصبحت العلاقة القطرية الإيرانية والقطرية مع التنظيمات الإرهابية تهدد أمننا وتهدد قواتنا المسلحة، علاقة لا يمكن السكوت عنها، فكان لا بد مما لا بد منه.
ذلك رد على من يسأل حتى اللحظة.. لماذا الآن؟ بدلاً من أن يسأل كيف صبرتم إلى الآن؟ مشككاً بسؤاله في الرواية متجاهلاً تطابق ما جاء بالمكالمة مع الممارسات المرئية والمسموعة التي عهدناها سابقاً، والممثلة في تواجد رؤوس الفتنة دائماً على الأراضي القطرية، ظهورهم المستمر على الجزيرة، وجود أكثر من عنصر قطري مصاحب وداعم وممول لذات الجوقة حين تظهر في جنيف وبروكسل داخل أروقة المنظمات الدولية، الوفاق نفسها أكدت أن هناك دولاً خليجية تدعمها بتصريحات سابقة، كل تلك الوقائع هي دلائل ظاهرة للعيان لا تحتاج حتى أن تدعم بتسريب للمكالمة الفضيحة، لولا أن قطر استمرت في إنكارها وفي تلونها والحجة الواهية بأن قطر فتحت بيتها للرأي والرأي الآخر وللشعوب كي تعبر عن معاناتها، فتلك حجة مضحكة إذ لا يجرؤ قطري على أن يقول (بوم) عن الشأن القطري وإلا كان مصيره كما تعرفون، جاءت الإجراءات الأخيرة بعد أن أغلقت قطر كل الأبواب الأخرى.
{{ article.visit_count }}
كيف إذا كان المسؤولون البحرينيون يتحدثون بإيجابية عن قطر سابقاً وينفون ضلوعها في التآمر رغم أنهم يملكون الدلائل على غير ذلك؟ لمَ نفى وزير الخارجية البحرينية ما تسرب من دخان حول ذلك التآمر؟ فممارسة القيادة القطرية التآمرية منذ عهد حمد بن خليفة بعد الانقلاب على أبيه كانت عديدة ومتنوعة وتعود للفترات الأولى لتوليه مقاليد الحكم، إنما تكتمت عليها قيادات البحرين والسعودية والإمارات وحتى الكويت وذلك حفاظاً على كيان المجلس وأملاً في أن تخبو تلك النزعة التآمرية إن قوبلت بالإحسان.
ما الذي تغير إذاً؟
الذي تغير أن المرحلة التي تمر بها دول مجلس التعاون لا تحتمل تلك الممارسات والسكوت عليها، والتي أصبحت تهدد استقرار هذه الدول خاصة وأن تلك القيادة بدأت تضع يدها في يد من نحاربه على أكثر من جبهة ونقصد إيران، المرحلة لا تحتمل أن تحتضن قطر كل الجماعات التي تحارب الدول الخليجية من أجل إسقاطها (حزب الله والإخوان والحوثيون والأشتر والوفاق وغيرهم)، المرحلة لا تحتمل وهناك مشروع تبنته الإدارة الأمريكية السابقة لإسقاط دولنا وإعادة تقسيم المنطقة وكانت ضالعة فيه بالتنسيق مع قطر ومازالت فلوله نشطة إلى الآن في الأروقة الأمريكية، لهذا كان اجتماع الرياض عام 2013 وكانت في المصارحة تجري للمرة الأولى بين الأشقاء، ولبيان الجدية لقطر تم التسريب المتعمد لبعض ما جرى في الاجتماع وسحب السفراء كإنذار أولي، وتدخلت الوساطة الكويتية حين تعهد تميم بأن يلغي مشروع الأب وأن يفتح صفحة جديدة مع أشقائه في الخليج.
إنما لم تلتزم قطر بتعهدها، لم تلتزم بوقف دعمها للجماعات التي تحاربنا، ولم تلتزم بوقف أدوات الدعم ومنها التمويل ومنها فك منظومة القوى الناعمة التي تعمل على تحقيق المشروع الذي تبنته الإدارة السابقة بإسقاط دول الخليج وإعادة رسم المنطقة. لم تلتزم بالنأي عن إيران.
ثم جاءت قمة الرياض الإسلامية الأمريكية التي وجهت لقطر فرصة أخيرة لأن الحرب على الإرهاب لم تعد مسألة إقليمية فحسب بل دولية، وإن تلك الحرب جادة ضد أي دولة ممولة لتلك الجماعات وأهمها إيران وقطر، خرجت قطر من اجتماع القمة في الرياض وبدلاً من أن تأخذ التحذيرات على محمل الجد زادت تقاربها مع إيران سواء بالتصريح الذي تدعي قطر أنه مفبرك، أو بالاتصال الذي تقر به الدوحة والذي جرى بين تميم وروحاني بعد فوزه، والذي أعلنت عنه إيران ونشرت محتواه وأكدته قطر، وجاء هذا التصرف الأهوج ليضاف إلى كل الممارسات السابقة التي لم تكن المكالمة التي عرضتها البحرين إلا (عينة) منها فقط، كي يقطع بذلك كل حبل الوصل الذي دام طوال السنوات السابقة، وهذا ما لم تتوقعه قطر التي اعتادت على ألا يقابل نزقها إلا بالصبر والتحمل، إذ لم تدرك قطر حجم وطبيعة وجدية المتغيرات التي جرت في المنطقة وفي الإدارة الأمريكية.
تسريب المكالمة ما هو سوى رأس الجبل الجليدي المتراكم قامت به البحرين مضطرة، بعد أكثر من تحذير وأكثر من إنذار وبعد أكثر من مطالبة بالتوقف كانت تلك المطالبات ثنائية أحياناً بينها وبين قطر، وجماعية مع بقية دول المجلس أحياناً أخرى، وحتى الإنذار والتحذير بنشر هذه المكالمات للعلن تم أكثر من مرة ولم تفعله البحرين، إلى أن أصبح الخطر الداهم على المنطقة ككل يفوق قدرتها على التحمل، وهذا الخطر تساهم به قطر باستمرار علاقتها بإيران واستمرار علاقتها بالجماعات التي تحارب البحرين والجماعات التي تحارب مصر والإمارات والجماعات التي نقاتلها في اليمن وحزب الله وإيران ذاتها، فأصبحت العلاقة القطرية الإيرانية والقطرية مع التنظيمات الإرهابية تهدد أمننا وتهدد قواتنا المسلحة، علاقة لا يمكن السكوت عنها، فكان لا بد مما لا بد منه.
ذلك رد على من يسأل حتى اللحظة.. لماذا الآن؟ بدلاً من أن يسأل كيف صبرتم إلى الآن؟ مشككاً بسؤاله في الرواية متجاهلاً تطابق ما جاء بالمكالمة مع الممارسات المرئية والمسموعة التي عهدناها سابقاً، والممثلة في تواجد رؤوس الفتنة دائماً على الأراضي القطرية، ظهورهم المستمر على الجزيرة، وجود أكثر من عنصر قطري مصاحب وداعم وممول لذات الجوقة حين تظهر في جنيف وبروكسل داخل أروقة المنظمات الدولية، الوفاق نفسها أكدت أن هناك دولاً خليجية تدعمها بتصريحات سابقة، كل تلك الوقائع هي دلائل ظاهرة للعيان لا تحتاج حتى أن تدعم بتسريب للمكالمة الفضيحة، لولا أن قطر استمرت في إنكارها وفي تلونها والحجة الواهية بأن قطر فتحت بيتها للرأي والرأي الآخر وللشعوب كي تعبر عن معاناتها، فتلك حجة مضحكة إذ لا يجرؤ قطري على أن يقول (بوم) عن الشأن القطري وإلا كان مصيره كما تعرفون، جاءت الإجراءات الأخيرة بعد أن أغلقت قطر كل الأبواب الأخرى.