أحد التساؤلات التي تراودني في الفترة الأخيرة، ما هي التوقعات للمشهد السياسي القادم بخصوص الأزمة القطرية؟ ولعل هذا التساؤل كان مطروحاً بشدة في الفترة الأخيرة، خاصة في اللقاءات التلفزيونية لتحليل الوضع الحالي للأزمة، ولكن التوقعات في المجال السياسي مختلفة عن أي مجال آخر، كون أن السياسة تتغير وفق مصالح الدول، إلا أن الأزمة القطرية لها طابعها الخاص نظراً لأن الدول الداعية لمكافحة الإرهاب لا تتعامل مع نظام ذي سيادة بل مع نظام تتحكم بمفاصله دول مارقة وكيانات إرهابية.

وبالتالي عندما نتحدث عن التوقعات بخصوص الأزمة القطرية، فإن النظام الحالي يذهب نحو عزل الشعب القطري عن الأسرة الخليجية خلال الفترة المقبلة، وهذا ما يقوم به الإعلام القطري بنشر التقارير الإخبارية المضللة والمفبركة التي تسيء لأنظمة الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، على الرغم من أن وسائل إعلام الدول الداعية لمكافحة الإرهاب تفصل بين النظام القطري وشعبه، والتأكيد من خلال البيانات الصحافية في اجتماعات الدول الداعية لمكافحة الإرهاب على احترام هذا الشعب، وأن جميع تلك الخطوات جاءت من أجل حماية الأسرة الخليجية من هذا النظام الذي يقوم على دعم الجماعات الإرهابية لدول الجوار والإضرار به من خلال تعطيل عمليات التنمية، كما ينتج عن هذا الدعم استشهاد رجال الأمن وأناس ومدنيين أبرياء.

على الصعيد نفسه، فإن فصل الشعب القطري عن الأسرة الخليجية هو المشهد السياسي القادم الذي ينتهجه النظام القطري عبر بوابته الإعلامية، وعلينا أن نواجهه بحزم وبشدة، لأن جميع الرسائل الإعلامية التي تبثها قناة «الجزيرة» ووسائل التواصل الاجتماعي القطرية تشوه سمعة الدول الداعية لمكافحة الإرهاب وتصورها على أنها العدو للشعب القطري، بل يصل بها الأمر للدعوة نحو اتباع أسلوب الكراهية والذي تحاربه الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، وقد أكدوا على ذلك في اجتماع وزراء الإعلام في جدة مؤخراً.

وهناك خطوات أخرى يتخذها النظام القطري لعزل شعبه، فهو يذهب لإقناع شعبه أكثر بأن دولة كإيران هي دولة جارة، وأنها تقف مع الشعب القطري وتقوم بحمايته، ومن هنا يبدأ تعاطف الشعب القطري مع إيران مقابل صناعة صورة ذهنية جديدة بأن الدول الداعية لمكافحة الإرهاب هي العدو الحقيقي وأن إيران هي الحليف والصديق لقطر.

لم يتوقف النظام القطري عند هذا الحد، فقد اتخذ خطوات متقدمة في مجال تحشيد الرأي العام القطري عبر إيصاله بأن الأزمة القطرية هي مجرد أيام معدودة وستنتهي، إلا أن تمسك الدول الداعية لمكافحة الإرهاب بموقفها وتعنت النظام القطري أكثر، واستخدام أساليب الشكاوى الكيدية في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية وتحشيد الأذرع الإرهابية في عدد من الدول قد يجعل الأزمة أكثر تعقيداً بالنسبة لقطر، على عكس الموقف بالنسبة للدول الداعية لمكافحة الإرهاب فإنها ترى أن تلك الأساليب تفضح النظام وتؤكد أنه متورط أكثر في دعم الكيانات الإرهابية في المنطقة.

الأمور متشعبة والمشهد السياسي القادم سيكون حافلاً بالأحداث التي تكشف النظام القطري وتظهره على حقيقته أمام الأوساط الدولية. إن الدول الداعية لمكافحة الإرهاب فتحت أبوابها للحوار شريطة التزام الدوحة بمكافحة الإرهاب والتطرف، فالمشهد يذهب نحو عزل النظام القطري لشعبه عن الأسرة الخليجية والتآمر على الأشقاء، ولذلك نقول إن التصعيد قادم لا محالة لأن النظام القطري يذهب إلى التصعيد بالتعنت ويحتاج إلى رادع قبل أن يتسبب بأضرار لا نعلم توابعها.