تحدثنا في مقالنا السابق «رؤية البحرين 2030 والوعي المنشود» عن أهمية الوعي المتبادل بين طرفي البناء «الحكومة والمجتمع» للرؤية الواضحة للأهداف التي يُراد الوصول إليها، والأدوات المعينة لتحقيق تلكم الأهداف والدور الكبير الذي يمكن أن تقوم به وسائل الإعلام بمختلف أنواعها لتعزيز هذا الوعي، حيث إن الوعي الزائف الناتج عن عدم الإدراك الصحيح للواقع حولنا واكتساب الأفكار والمفاهيم المغلوطة، مدعاة لتشكيل فرد سلبي مُحْبط لا يمكن أن يسهم في تطوير وتقدم وطنه.
نتناول في مقالنا هذا طموح القيادة الرشيدة للتعليم في البحرين، والذي صاغته الرؤية 2030 بضرورة «حصول البحرينيين على أعلى مستوى ممكن من التعليم يستطيعون من خلاله مواصلة الحصول على المهارات المطلوبة لتحقيق طموحاتهم»، وذلك لأن التعليم يبني الشخصية الفردية التي هي اللبنة الأساسية في بناء المجتمع، فكلما كان التعليم على أعلى معايير الجودة، كانت مخرجاته شخصية مجتمعية متسلحة بالعلم والمعرفة والمهارة والثقة تسهم في تطوير مجتمعها وتحقيق رؤية قيادتها للبحرين 2030.
وضعت الرؤية 2030 استراتيجية شاملة لتطوير التعليم بالمملكة، وذلك من خلال التركيز على تطوير جميع مكونات العملية التعليمية من الطالب والمعلم والمناهج والبيئة التعليمية والوسائل التعليمية المناسبة ووسائل المعرفة المساندة، حيث جاء تشكيل الهيئة الوطنية للمؤهلات وضمان جودة التعليم والتدريب في عام 2008 كترجمة فورية وعملية لرغبة القيادة الرشيدة في الارتقاء بجودة التعليم في المملكة إلى أرض الواقع، ووضع الأدوات والآليات التي تقيس أداء عناصر العملية التعليمية وتقيمها ووضع التوصيات المناسبة لتقويمها، وما فتئت الهيئة تقوم بدورها الحيوي في رفع معايير جودة التعليم والارتقاء بأداء المخرجات التعليمية وربطها بمتطلبات سوق العمل بما يسهم في دعم وتطوير الاقتصاد البحريني.
أولت الحكومة الرشيدة اهتماماً بالغاً بتوفير التعليم المجاني لجميع المواطنين والمقيمين على أرض المملكة الحبيبة، حيث وضع برنامج عمل الحكومة 2015-2018 هدفاً لبناء عشر مدارس جديدة متعددة الطوابق تضم الواحدة منها نحو 40 فصلاً دراسياً مزوداً بتقنيات التعليم الإلكتروني، وبطاقة استيعابية إجمالية تصل إلى 1400 طالب، وبكلفة تفوق 4 ملايين دينار بحريني ومواصفات صديقة للبيئة، فضلاً عن توفر جميع المرافق الأساسية المزودة بأحدث التجهيزات والتقنيات، كالمختبرات العلمية المتطورة، والصالات متعددة الأغراض، مع مراعاة تصميم المدرسة وإمكانياتها لمتطلبات الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة، وذلك لمقابلة الزيادة السكانية المطردة في المملكة وتماشياً مع المقاييس العالمية لتوفير التعليم حيث تأتي المملكة ضمن الدول ذات الأداء العالي في تحقيق أهداف التعليم للجميع كما أشار لذلك أحدث تقرير صادر عن منظمة «اليونيسكو»، حيث حققت المملكة أعلى نسبة في التمدرس بالمرحلة الابتدائية بنسبة 100% إضافةً إلى بلوغ نسبة تكافؤ الفرص بين البنين والبنات حوالي 100% في مراحل التعليم المختلفة.
كذلك فقد كان للتعليم الفني والمهني نصيب من التطوير ضمن رؤية البحرين 2030، حيث تم، وبالتعاون مع منظمة اليونسكو، إطلاق النظام المطور للتعليم الفني والمهني «التلمذة المهنية»، والذي وفر العديد من التخصصات الجديدة والمتنوعة للبنين والبنات، وذلك تماشياً مع التوجه العالمي نحو الارتقاء بقطاع التعليم الفني والمهني، لارتباط تخصصاته الأكاديمية بالعديد من الاحتياجات الملحة لسوق العمل، إلى جانب تعزيز هذا النظام التعليمي للبرامج التدريبية الميدانية للطلبة، مما ساعد على زيادة عدد الطلبة الملتحقين بهذا النظام من خريجي الشهادة الإعدادية في العام الدراسي 2016 إلى 2653 طالباً وطالبة.
وفي مجال التعليم العالي، فلا شك في أن العمل يجري على قدم وساق لوضع الخطط لتوسعة مؤسسات التعليم العالي بالمملكة وتشجيع الاستثمار في هذا القطاع التعليمي الحيوي، ومنها الاتفاق على فتح فروع لمؤسسات تعليم عالٍ عريقة، من بينها الكلية البريطانية في البحرين، التي سيتم إنشاؤها بالتعاون مع جامعة «سلفورد مانشستر» في بريطانيا، لاستضافة عدد من البرامج الهندسية، بالإضافة إلى فتح برامج أكاديمية أخرى مع عدد من مؤسسات التعليم العالي في المملكة. كذلك تمت تنمية قدرات 70 عضواً من أعضاء التدريس في عدد من مؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة، يمثلون الدفعة الأولى من برنامج تنمية قدرات الهيئات الأكاديمية المنبثق عن التعاون بين الأمانة العامة لمجلس التعليم العالي وأكاديمية التعليم العالي في المملكة المتحدة. هذا بالإضافة إلى تدشين مجلس التعليم العالي لمشروع الاعتماد الأكاديمي لمؤسسات التعليم العالي المحلية بالتعاون مع مجلس الاعتماد البريطاني والذي تم إعداده ليتناسب مع واقع مملكة البحرين ويعكس خصوصيتها ويكون متوافقاً مع المعايير العالمية. ويتألف الاعتماد الأكاديمي بشقيه «المؤسسي والبرامجي» من 8 معايير، تضم «31» مؤشراً رئيساً و«243» مؤشراً فرعياً تغطي جوانب أساسية في عمل المؤسسة التعليمية.
هذه بعض الجهود التي قامت بها الحكومة الرشيدة في مجال التعليم لتنزيل رؤية البحرين 2030 إلى أرض الواقع، وهي دعوة أيضاً للتدقيق أكثر في متابعة الأداء الحكومي وربطه برؤية 2030، حتى ندرك أين نقف الآن وإلى أين نسير ولنشر وعي إيجابي لا يدعي الإتقان ولكن يسعى إليه، لا يرفض النقد، ولكن يدعو إلى الانفتاح والشفافية في جميع الأمور لتحديد المعوقات والنواقص والعمل على تصحيحها والمضي إلى الأمام دوماً، فالهدف واحد والرؤية موجودة.
{{ article.visit_count }}
نتناول في مقالنا هذا طموح القيادة الرشيدة للتعليم في البحرين، والذي صاغته الرؤية 2030 بضرورة «حصول البحرينيين على أعلى مستوى ممكن من التعليم يستطيعون من خلاله مواصلة الحصول على المهارات المطلوبة لتحقيق طموحاتهم»، وذلك لأن التعليم يبني الشخصية الفردية التي هي اللبنة الأساسية في بناء المجتمع، فكلما كان التعليم على أعلى معايير الجودة، كانت مخرجاته شخصية مجتمعية متسلحة بالعلم والمعرفة والمهارة والثقة تسهم في تطوير مجتمعها وتحقيق رؤية قيادتها للبحرين 2030.
وضعت الرؤية 2030 استراتيجية شاملة لتطوير التعليم بالمملكة، وذلك من خلال التركيز على تطوير جميع مكونات العملية التعليمية من الطالب والمعلم والمناهج والبيئة التعليمية والوسائل التعليمية المناسبة ووسائل المعرفة المساندة، حيث جاء تشكيل الهيئة الوطنية للمؤهلات وضمان جودة التعليم والتدريب في عام 2008 كترجمة فورية وعملية لرغبة القيادة الرشيدة في الارتقاء بجودة التعليم في المملكة إلى أرض الواقع، ووضع الأدوات والآليات التي تقيس أداء عناصر العملية التعليمية وتقيمها ووضع التوصيات المناسبة لتقويمها، وما فتئت الهيئة تقوم بدورها الحيوي في رفع معايير جودة التعليم والارتقاء بأداء المخرجات التعليمية وربطها بمتطلبات سوق العمل بما يسهم في دعم وتطوير الاقتصاد البحريني.
أولت الحكومة الرشيدة اهتماماً بالغاً بتوفير التعليم المجاني لجميع المواطنين والمقيمين على أرض المملكة الحبيبة، حيث وضع برنامج عمل الحكومة 2015-2018 هدفاً لبناء عشر مدارس جديدة متعددة الطوابق تضم الواحدة منها نحو 40 فصلاً دراسياً مزوداً بتقنيات التعليم الإلكتروني، وبطاقة استيعابية إجمالية تصل إلى 1400 طالب، وبكلفة تفوق 4 ملايين دينار بحريني ومواصفات صديقة للبيئة، فضلاً عن توفر جميع المرافق الأساسية المزودة بأحدث التجهيزات والتقنيات، كالمختبرات العلمية المتطورة، والصالات متعددة الأغراض، مع مراعاة تصميم المدرسة وإمكانياتها لمتطلبات الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة، وذلك لمقابلة الزيادة السكانية المطردة في المملكة وتماشياً مع المقاييس العالمية لتوفير التعليم حيث تأتي المملكة ضمن الدول ذات الأداء العالي في تحقيق أهداف التعليم للجميع كما أشار لذلك أحدث تقرير صادر عن منظمة «اليونيسكو»، حيث حققت المملكة أعلى نسبة في التمدرس بالمرحلة الابتدائية بنسبة 100% إضافةً إلى بلوغ نسبة تكافؤ الفرص بين البنين والبنات حوالي 100% في مراحل التعليم المختلفة.
كذلك فقد كان للتعليم الفني والمهني نصيب من التطوير ضمن رؤية البحرين 2030، حيث تم، وبالتعاون مع منظمة اليونسكو، إطلاق النظام المطور للتعليم الفني والمهني «التلمذة المهنية»، والذي وفر العديد من التخصصات الجديدة والمتنوعة للبنين والبنات، وذلك تماشياً مع التوجه العالمي نحو الارتقاء بقطاع التعليم الفني والمهني، لارتباط تخصصاته الأكاديمية بالعديد من الاحتياجات الملحة لسوق العمل، إلى جانب تعزيز هذا النظام التعليمي للبرامج التدريبية الميدانية للطلبة، مما ساعد على زيادة عدد الطلبة الملتحقين بهذا النظام من خريجي الشهادة الإعدادية في العام الدراسي 2016 إلى 2653 طالباً وطالبة.
وفي مجال التعليم العالي، فلا شك في أن العمل يجري على قدم وساق لوضع الخطط لتوسعة مؤسسات التعليم العالي بالمملكة وتشجيع الاستثمار في هذا القطاع التعليمي الحيوي، ومنها الاتفاق على فتح فروع لمؤسسات تعليم عالٍ عريقة، من بينها الكلية البريطانية في البحرين، التي سيتم إنشاؤها بالتعاون مع جامعة «سلفورد مانشستر» في بريطانيا، لاستضافة عدد من البرامج الهندسية، بالإضافة إلى فتح برامج أكاديمية أخرى مع عدد من مؤسسات التعليم العالي في المملكة. كذلك تمت تنمية قدرات 70 عضواً من أعضاء التدريس في عدد من مؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة، يمثلون الدفعة الأولى من برنامج تنمية قدرات الهيئات الأكاديمية المنبثق عن التعاون بين الأمانة العامة لمجلس التعليم العالي وأكاديمية التعليم العالي في المملكة المتحدة. هذا بالإضافة إلى تدشين مجلس التعليم العالي لمشروع الاعتماد الأكاديمي لمؤسسات التعليم العالي المحلية بالتعاون مع مجلس الاعتماد البريطاني والذي تم إعداده ليتناسب مع واقع مملكة البحرين ويعكس خصوصيتها ويكون متوافقاً مع المعايير العالمية. ويتألف الاعتماد الأكاديمي بشقيه «المؤسسي والبرامجي» من 8 معايير، تضم «31» مؤشراً رئيساً و«243» مؤشراً فرعياً تغطي جوانب أساسية في عمل المؤسسة التعليمية.
هذه بعض الجهود التي قامت بها الحكومة الرشيدة في مجال التعليم لتنزيل رؤية البحرين 2030 إلى أرض الواقع، وهي دعوة أيضاً للتدقيق أكثر في متابعة الأداء الحكومي وربطه برؤية 2030، حتى ندرك أين نقف الآن وإلى أين نسير ولنشر وعي إيجابي لا يدعي الإتقان ولكن يسعى إليه، لا يرفض النقد، ولكن يدعو إلى الانفتاح والشفافية في جميع الأمور لتحديد المعوقات والنواقص والعمل على تصحيحها والمضي إلى الأمام دوماً، فالهدف واحد والرؤية موجودة.