ها قد ألقت الأزمة الاقتصادية تبعاتها على المجتمعات، فمنذ بداية الأزمة الاقتصادية قبل حوالي عشر سنوات لم يتمكن النظام الاقتصادي العالمي من احتواء الأزمة أو على الأقل التخفيف من آثارها بشكل فعّال، وعلى الرغم من قوة الموارد النفطية لدول الخليج، لم تسلم تلك الدول من آثار هذه الأزمة وتبعاتها، ويتوقع الاقتصاديون استمرار هذه الأزمة لسنوات قادمة، ومن الطبيعي أن تتأثر الأسرة بتلك الظروف الاقتصادية الصعبة، والمرحلة الحرجة التي يمر بها اقتصاد العالم، فالأسرة هي الخلية الأولى في المجتمع، وبالتالي تتأثر هذه الخلية بالظروف المحيطة بها سواء اقتصادية أو سياسية أو أمنية، ويتمثل تأثير الأزمة الاقتصادية على الأسرة في العديد من المظاهر ويمكننا أن نذكر أهمها والتي لها تأثير مباشر على الأسرة.
لعل أولى المظاهر التي أثرت على ميزانية الأسرة وبالتالي المستوى المعيشي لها ظاهرة الغلاء، حيث ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية وعلى الرغم أنه لم يُمَس بدخل أفراد الأسرة إلا أن الغلاء يؤثر سلبا على قدرة الأسرة على الادخار، وتوفير متطلبات الحياة، بل يمتد ذلك التأثير إلى بنود الصرف الرئيسية في الأسرة، حيث نجد مع استمرار ارتفاع الأسعار بدأت مصروفات الأسرة تزداد حتى أن بعض الأسر أصبحت تعاني من ضعف قدرتها على توفيرالاحتياجات الأساسية لها بالرغم من أن دخل الأسرة لم يتدنى ولكن هذا العجز ظهر نتيجة ارتفاع الأسعار.
وظاهرة أخرى لها تأثير جذري على ميزانية الأسرة وتدني مستوى المعيشة لها وهي زيادة الرسوم وفرض رسوم جديدة على الخدمات التي تقدمها الدول عادة في مثل هذه الظروف، مثل: رسوم تسجيل السيارات، ورسوم المرور عبر المنافذ كالمطار ات ومحطات القطار، ورسوم البناء، وربما ضرائب على دخل الفرد أحيانا، وغيرها، وهذه الرسوم المفروضه تشكل بندا إضافيا في مصروفات الأسرة لم تكن موجودة من قبل، مما يضطر الأسرة من التخفيف من نفقات باقي البنود مثل بند الغذاء، أو الصحة، أو التعليم، أو الفسح والنزهات، أو الملابس.
إن ارتفاع قيمة الرسوم المدفوعة والضرائب، لا تلقي بآثارها على الأسرة فقط بل تمتد إلى التجار، وأصحاب المحلات كالمطاعم، والمستشفيات الخاصة، ومقاولي البناء وغيرها، مما يضطر التاجر وصاحب المحل لرفع الأسعار وبالتالي ارتفاع المصروفات على الأسرة. ولعل رفع الدعم الحكومي عن بعض السلع يجر الأثر نفسه الذي ذكرناه سابقاً على الأسرة وعلى التجار.
ومن المظاهر التي تحتاج لوقفة هو أنه نتيجة الأزمة الاقتصادية تضطر العديد من شركات القطاع الخاص لتقليص أنشطتها مما اضطرها لتسريح عمالها وموظفيها، ناهيك عن أن هذه الشركات لم تعد تطرح فرص عمل جديدة في السوق الأمر الذي يقلل فرصة أفراد الأسرة في الحصول على العمل وازدياد مدة البطالة لديه.
ومن هذه المظاهر حرمان الأسرة من الزيادة السنوية في الرواتب حيث ترتفع الرواتب سنوياً سواء في القطاع العام أو الخاص بنسبة محددة، كما يقدم القطاع الخاص رواتب إضافية سنوياً تصل قيمتها لقيمة راتب شهر أو شهران أو حتى ثلاثة أشهر كل هذه الزيادات تخسرها الأسرة، مما يؤثر على إيرادات الأسرة وأذكر في هذا المقام عبارة قالها الدكتور محمد دياب المدير الإقليمي لمكتب برنامج الأغذية العالمي في دولة الإمارات العربية المتحدة، أن الآثار المترتبة على الارتفاع والتقلب في أسعار المواد الغذائية وانخفاض مستويات الدخل وارتفاع معدلات البطالة كلها أمور تؤدي إلى إبطاء التقدم في مجال تحسين التغذية.
قد يرد إلى الأذهان أن الحل الوحيد لمعالجة آثار الأزمة الاقتصادية هو أن تعيد الأسرة منهجيتها في الإنفاق والصرف، فتقلل بنود الصرف، وهنا أقول لعل ذلك أحد الحلول في مرحلة تقنين المصرفات في مجال البذخ والرفاهية، وبند ترفيه أفراد العائلة كالسفر والبرامج الترفيهية داخل البلد، ولكن تكون الطامة عندما تضطر الأسرة تخفيض نفقاتها على التعليم، وعلى الصحة، وعلى الغذاء وغيرها من الاحتياجات الرئيسية مما من شأنه ما يدفع بالأسرة لتدني مستوى المعيشة.
وقد يرى البعض أن الحل يكون في أن تجد الأسرة مصادر أخرى لزيادة دخلها كأن يعمل الوالدين أعمالاً إضافية، أو الاستعجال بدفع الأبناء للدخول في سوق العمل مبكرا وكل هذا له أثره السلبي على تنشئة الأنباء وتربيتهم، فانشغال الوالدين عن الأبناء بكسب الرزق وإهمالهم يعود سلباً على تنشئة الأبناء كالحرمان العاطفي، وتدني التحصيل الدراسي، وقد يجر الأبناء في الانخراط في طريق الانحراف والذي قد يجر لانتشار الجريمة.
وأرى أن تلك مشكلة يجب الوقوف عندها ووضع تدابير عاجلة ـ في مثل هذه الظروف ـ لتفادي آثارها السلبية، فإن تجاهلها قد يجر مشاكل اجتماعية كثيرة وآثارا سلبية قد تؤثر على سمات المجتمع وخصائصه، وقد تزيد من المشاكل الاجتماعية التي قد تكلف الدولة الكثير، مثل تدابير الحد من الجريمة، وتدابير رفع المستوى الصحي، وغيرها، تلك دائرة نبحث فيها عن نقطة البداية، ونقطة النهاية!!!!!
لذا علينا التصدي للمشكلة قبل استفحالها، وأرى ضرورة البدء في وضع تدابير واستراتيجية للوقاية من آثار الأزمة الاقتصادية على الأسرة، وتحديداً تأثيرهاعلى المستوى المعيشي للأسرة. وفي تقديري تكمن القضية في كيفية مواجهة الأزمة الاقتصادية بشكل مباشر، فالبعض يلجأ لتعويض العجز الموجود في ميزانيات الدولة بزيادة الرسوم على المواطنين، وفرض رسوم جديدة، والبعض يتجه إلى التنويع من مصادر الدخل، والحل الأخير هو الحل الأمثل، هذا ما أكده صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد، نائب القائد الأعلى، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، أن مملكة البحرين تواصل العمل على تعزيز البيئة الاقتصادية لزيادة تنويع مصادر الدخل بما يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة المنشودة وتعزيز دور القطاع الخاص كمحرك أساسي للنمو بما يصب في مصلحة الوطن والمواطنين.
إن تنويع مصادر الدخل لا يعتمد على جهود الجهات الحكومية فقط بل لابد من تكاتف جهود القطاع الخاص والتخطيط لمشاريع استثمارية متنوعة ناهيك عن ضرورة تدريب الأسر وتأهيلها للتعرف على كيفية التعامل مع ميزانية الأسرة في ظل الأزمة المالية والأهم من هذا وذاك أن نبدأ في وضع الحلول في الوقت الصحيح وبالشكل الصحيح.
{{ article.visit_count }}
لعل أولى المظاهر التي أثرت على ميزانية الأسرة وبالتالي المستوى المعيشي لها ظاهرة الغلاء، حيث ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية وعلى الرغم أنه لم يُمَس بدخل أفراد الأسرة إلا أن الغلاء يؤثر سلبا على قدرة الأسرة على الادخار، وتوفير متطلبات الحياة، بل يمتد ذلك التأثير إلى بنود الصرف الرئيسية في الأسرة، حيث نجد مع استمرار ارتفاع الأسعار بدأت مصروفات الأسرة تزداد حتى أن بعض الأسر أصبحت تعاني من ضعف قدرتها على توفيرالاحتياجات الأساسية لها بالرغم من أن دخل الأسرة لم يتدنى ولكن هذا العجز ظهر نتيجة ارتفاع الأسعار.
وظاهرة أخرى لها تأثير جذري على ميزانية الأسرة وتدني مستوى المعيشة لها وهي زيادة الرسوم وفرض رسوم جديدة على الخدمات التي تقدمها الدول عادة في مثل هذه الظروف، مثل: رسوم تسجيل السيارات، ورسوم المرور عبر المنافذ كالمطار ات ومحطات القطار، ورسوم البناء، وربما ضرائب على دخل الفرد أحيانا، وغيرها، وهذه الرسوم المفروضه تشكل بندا إضافيا في مصروفات الأسرة لم تكن موجودة من قبل، مما يضطر الأسرة من التخفيف من نفقات باقي البنود مثل بند الغذاء، أو الصحة، أو التعليم، أو الفسح والنزهات، أو الملابس.
إن ارتفاع قيمة الرسوم المدفوعة والضرائب، لا تلقي بآثارها على الأسرة فقط بل تمتد إلى التجار، وأصحاب المحلات كالمطاعم، والمستشفيات الخاصة، ومقاولي البناء وغيرها، مما يضطر التاجر وصاحب المحل لرفع الأسعار وبالتالي ارتفاع المصروفات على الأسرة. ولعل رفع الدعم الحكومي عن بعض السلع يجر الأثر نفسه الذي ذكرناه سابقاً على الأسرة وعلى التجار.
ومن المظاهر التي تحتاج لوقفة هو أنه نتيجة الأزمة الاقتصادية تضطر العديد من شركات القطاع الخاص لتقليص أنشطتها مما اضطرها لتسريح عمالها وموظفيها، ناهيك عن أن هذه الشركات لم تعد تطرح فرص عمل جديدة في السوق الأمر الذي يقلل فرصة أفراد الأسرة في الحصول على العمل وازدياد مدة البطالة لديه.
ومن هذه المظاهر حرمان الأسرة من الزيادة السنوية في الرواتب حيث ترتفع الرواتب سنوياً سواء في القطاع العام أو الخاص بنسبة محددة، كما يقدم القطاع الخاص رواتب إضافية سنوياً تصل قيمتها لقيمة راتب شهر أو شهران أو حتى ثلاثة أشهر كل هذه الزيادات تخسرها الأسرة، مما يؤثر على إيرادات الأسرة وأذكر في هذا المقام عبارة قالها الدكتور محمد دياب المدير الإقليمي لمكتب برنامج الأغذية العالمي في دولة الإمارات العربية المتحدة، أن الآثار المترتبة على الارتفاع والتقلب في أسعار المواد الغذائية وانخفاض مستويات الدخل وارتفاع معدلات البطالة كلها أمور تؤدي إلى إبطاء التقدم في مجال تحسين التغذية.
قد يرد إلى الأذهان أن الحل الوحيد لمعالجة آثار الأزمة الاقتصادية هو أن تعيد الأسرة منهجيتها في الإنفاق والصرف، فتقلل بنود الصرف، وهنا أقول لعل ذلك أحد الحلول في مرحلة تقنين المصرفات في مجال البذخ والرفاهية، وبند ترفيه أفراد العائلة كالسفر والبرامج الترفيهية داخل البلد، ولكن تكون الطامة عندما تضطر الأسرة تخفيض نفقاتها على التعليم، وعلى الصحة، وعلى الغذاء وغيرها من الاحتياجات الرئيسية مما من شأنه ما يدفع بالأسرة لتدني مستوى المعيشة.
وقد يرى البعض أن الحل يكون في أن تجد الأسرة مصادر أخرى لزيادة دخلها كأن يعمل الوالدين أعمالاً إضافية، أو الاستعجال بدفع الأبناء للدخول في سوق العمل مبكرا وكل هذا له أثره السلبي على تنشئة الأنباء وتربيتهم، فانشغال الوالدين عن الأبناء بكسب الرزق وإهمالهم يعود سلباً على تنشئة الأبناء كالحرمان العاطفي، وتدني التحصيل الدراسي، وقد يجر الأبناء في الانخراط في طريق الانحراف والذي قد يجر لانتشار الجريمة.
وأرى أن تلك مشكلة يجب الوقوف عندها ووضع تدابير عاجلة ـ في مثل هذه الظروف ـ لتفادي آثارها السلبية، فإن تجاهلها قد يجر مشاكل اجتماعية كثيرة وآثارا سلبية قد تؤثر على سمات المجتمع وخصائصه، وقد تزيد من المشاكل الاجتماعية التي قد تكلف الدولة الكثير، مثل تدابير الحد من الجريمة، وتدابير رفع المستوى الصحي، وغيرها، تلك دائرة نبحث فيها عن نقطة البداية، ونقطة النهاية!!!!!
لذا علينا التصدي للمشكلة قبل استفحالها، وأرى ضرورة البدء في وضع تدابير واستراتيجية للوقاية من آثار الأزمة الاقتصادية على الأسرة، وتحديداً تأثيرهاعلى المستوى المعيشي للأسرة. وفي تقديري تكمن القضية في كيفية مواجهة الأزمة الاقتصادية بشكل مباشر، فالبعض يلجأ لتعويض العجز الموجود في ميزانيات الدولة بزيادة الرسوم على المواطنين، وفرض رسوم جديدة، والبعض يتجه إلى التنويع من مصادر الدخل، والحل الأخير هو الحل الأمثل، هذا ما أكده صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد، نائب القائد الأعلى، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، أن مملكة البحرين تواصل العمل على تعزيز البيئة الاقتصادية لزيادة تنويع مصادر الدخل بما يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة المنشودة وتعزيز دور القطاع الخاص كمحرك أساسي للنمو بما يصب في مصلحة الوطن والمواطنين.
إن تنويع مصادر الدخل لا يعتمد على جهود الجهات الحكومية فقط بل لابد من تكاتف جهود القطاع الخاص والتخطيط لمشاريع استثمارية متنوعة ناهيك عن ضرورة تدريب الأسر وتأهيلها للتعرف على كيفية التعامل مع ميزانية الأسرة في ظل الأزمة المالية والأهم من هذا وذاك أن نبدأ في وضع الحلول في الوقت الصحيح وبالشكل الصحيح.