حرصت إيران منذ اندلاع الثورة عام 1979 على يد روح الله الخميني على تأسيس الميليشيات المسلحة في منطقتنا العربية واستنساخ تجربة الحرس الثوري الإيراني داخل إيران، لتكون نسخة منه في الخارج، وشفرتها التي يصعب فكها، مع الحرص على انتشارها في عدد من الدول العربية والإسلامية خاصة التي تقع تحت هيمنة نظام «ولاية الفقيه»، لعل أبرزها لبنان وسوريا والعراق واليمن، بالإضافة إلى دعم جماعات مسلحة لزعزعة الأمن والاستقرار في دول خليجية أبرزها البحرين والسعودية والكويت.
ومن المعلوم أن تأسيس طهران للميليشيات وتسليحها ركن أساس في عقيدة تصدير الثورة وفقاً لأدبيات نظام «ولاية الفقيه» الذي يحكم إيران منذ 38 عاماً.
وتعتمد إيران على الميليشيات المسلحة في زعزعة الأمن والاستقرار في الدول الخليجية والعربية، اعتقاداً منها بأن ذلك يصب في مصلحة بقاء نظامها الثيوقراطي، الأمر الذي حدا بمعهد «غلوبال ريسك اينسايتس» البريطاني، إلى تسليط الضوء على استنساخ إيران لتجربة الحرس الثوري الإيراني في تأسيس نموذج ميليشيات «حزب الله» في لبنان، ومحاولة تكرار التجربة في دول عربية أخرى مثل اليمن والعراق وسوريا، مع تقديم الدعم اللوجستي لمجموعات مسلحة متمردة في دول خليجية بينها البحرين. وتنفق إيران عشرات مليارات الدولارات على دعم الميليشيات في المنطقة، وهذا ما أقر به الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني حسن نصرالله في أحد تصريحاته عندما أكد أن «موازنة «حزب الله» ومعاشاته ومصروفاته وأكله وشربه وسلاحه وصواريخه من الجمهورية الإسلامية في إيران».
ومن هذا المنطلق تحرص إيران على النفخ في كير الطائفية، واستغلال الأزمات في الدول الخليجية والعربية، من خلال دعم تلك الميليشيات المسلحة والمجموعات المتمردة، بالاعتماد على زعزعة الأمن والاستقرار، ليس من خلال تصدير الثورة فحسب، ولكن أيضاً تصدير الأزمات الداخلية أملاً في بقاء نظام حكم «ولاية الفقيه».
وقد عبدت استراتيجية الحرب على تنظيم الدولة «داعش»، والانشغال بمحاربة التنظيم المتطرف، الطريق أمام طهران لكي تتغلغل في المنطقة، وقد استغلت الأخيرة الموقف في تعزيز الوضع الأمني لها بدليل أن قواتها حلت محل «داعش» في المناطق التي انسحب منها التنظيم خاصة في سوريا والعراق.
ووفقاً لتقرير المعهد البريطاني، فإن العراق وسوريا ولبنان أصبحت الخط الأمامي في المد المتزايد للقوة العسكرية والاقتصادية الإيرانية، حينما حرصت إيران على دعم الميليشيات في تلك الدول تحت ذريعة الدفاع عن الأمن القومي الإيراني وتأمين الحدود الخارجية، لكن تم تجاوز ذلك الهدف وأصبح الطريق معبداً لنقل الأسلحة والذخائر والإمدادات والأيديولوجيا والنفوذ إلى عمق العرب.
وقد كشفت الأحداث الأخيرة في المنطقة الدور التخريبي الذي تلعبه ميليشيات طهران في المنطقة، بدءاً من إطلاق ميليشيات المتمردين الحوثيين المدعومين إيران صاروخاً باليستياً على السعودية، وما تبعه من انفجار في أنبوب نفط في قرية بوري في البحرين، حيث اعتبر وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة أن «محاولة تفجير أنبوب النفط السعودي البحريني تصعيد إيراني خطير هدفه ترويع المواطنين والإضرار بصناعة النفط في العالم»، فيما أكد وزير الداخلية البحريني الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، أن «حادث حريق بوري من الأعمال التخريبية وهو عمل إرهابي خطير، الهدف منه الإضرار بالمصالح العليا للوطن وسلامة الناس».
وقبل أيام، اضطر رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري إلى إعلان استقالته نتيجة تدخلات طهران في لبنان واستغلالها لميليشيات «حزب الله» في تحويل البلاد إلى دويلة إيرانية.
وفي سوريا، استخدمت إيران قوات «حزب الله» المدربة تدريباً جيداً لوقف موجة تقدم المعارضة ودعم الأسد، وتدريب الميليشيات الأخرى في كل من سوريا والعراق واليمن. وقد كشفت منظمة «مجاهدي خلق» الإيرانية المعارضة، أن «الدور الفعلي في العمليات القتالية الدائرة في سوريا منوط بالميليشيات الطائفية المدعومة من طهران، التي تأتمر بأوامر الحرس الثوري الإيراني»، مشيرة إلى أن «مجمل قوات النظام الإيراني في سوريا يتخطى 70 ألف شخص، بينهم 20 ألفاً من الميليشيات العراقية ومثلهم من الأفغان، إلى جانب 7 آلاف من باكستان، ونحو 10 آلاف مسلح من ميليشيات «حزب الله»».
وعندما استنفد الجيش السوري قواه قبل تدخل روسيا وإيران، شكل الحرس الثوري الإيراني مجاميع في سوريا على غرار «حزب الله» اللبناني، وبحلول أكتوبر 2015، أشارت تقديرات عسكرية إلى أن القوات النظامية السورية كانت تضم بين 80 ألفاً إلى 100 ألف جندي. وقامت إيران لسد النقص بإنشاء ميليشيات «الدفاع الوطني» السورية، وعلق مستشار الأمن القومي الأمريكي الجنرال إتش أر ماكماستر حينها على ذلك بالقول إن «80% من تلك القوات التي تقاتل باسم نظام الرئيس بشار الأسد تابعة لإيران بالولاء والتدريب والتسليح».
ولم يختلف الوضع كثيراً في العراق، حيث أسست الحكومة العراقية بدعم إيراني كامل ميليشيات «الحشد الشعبي»، وتولى الحرس الثوري الإيراني تدريبها وتسليحها وتمويلها، بناء على فتوى من المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني لمواجهة تنظيم «داعش» الإرهابي، وبالتالي فإن تلك الميليشيات تعلن دائماً وأبداً أن ولاءها إلى إيران ونظام «ولاية الفقيه»، خاصة «حزب الله العراقي»، و«عصائب أهل الحق»، و«سرايا الخرساني»، و«حركة النجباء»، و«منظمة بدر».
ورغم الدعوات الدولية لتحييد تلك الميليشيات نتيجة ارتكابها مجازر وانتهاكات بحق السنة في العراق إلا أن الحكومة العراقية قررت لاحقاً في نوفمبر 2016، دمج تلك الميليشيات في الجيش العراقي بموجب قانون يوحد إدارتها مع القوات المسلحة العراقية. وهذا ما دفع المعهد البريطاني إلى طرح سؤال مفاده، هل المساعدات والتدريبات التي كانت تهدف أصلاً لمحاربة تنظيم «داعش»، تمددت لتصل إلى جماعات مسلحة عراقية تنفذ أهداف طهران الإقليمية؟!
أما في اليمن، فيشكل المتمردون الحوثيون بصواريخهم الباليستية الإيرانية تهديداً حقيقياً لأمن السعودية والخليج العربي، ولذلك كانت «عاصفة الحزم» ثم «إعادة الأمل»، لتحييد المتمردين انتصاراً للشرعية.
* وقفة:
فك شفرة إيران في المنطقة بتقليم أظافر الميليشيات المسلحة وتحييد المجموعات المتمردة بعد أن أصبح الطريق معبداً لطهران لنقل الأسلحة والذخائر والإمدادات والأيديولوجيا والنفوذ إلى عمق العرب!!
{{ article.visit_count }}
ومن المعلوم أن تأسيس طهران للميليشيات وتسليحها ركن أساس في عقيدة تصدير الثورة وفقاً لأدبيات نظام «ولاية الفقيه» الذي يحكم إيران منذ 38 عاماً.
وتعتمد إيران على الميليشيات المسلحة في زعزعة الأمن والاستقرار في الدول الخليجية والعربية، اعتقاداً منها بأن ذلك يصب في مصلحة بقاء نظامها الثيوقراطي، الأمر الذي حدا بمعهد «غلوبال ريسك اينسايتس» البريطاني، إلى تسليط الضوء على استنساخ إيران لتجربة الحرس الثوري الإيراني في تأسيس نموذج ميليشيات «حزب الله» في لبنان، ومحاولة تكرار التجربة في دول عربية أخرى مثل اليمن والعراق وسوريا، مع تقديم الدعم اللوجستي لمجموعات مسلحة متمردة في دول خليجية بينها البحرين. وتنفق إيران عشرات مليارات الدولارات على دعم الميليشيات في المنطقة، وهذا ما أقر به الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني حسن نصرالله في أحد تصريحاته عندما أكد أن «موازنة «حزب الله» ومعاشاته ومصروفاته وأكله وشربه وسلاحه وصواريخه من الجمهورية الإسلامية في إيران».
ومن هذا المنطلق تحرص إيران على النفخ في كير الطائفية، واستغلال الأزمات في الدول الخليجية والعربية، من خلال دعم تلك الميليشيات المسلحة والمجموعات المتمردة، بالاعتماد على زعزعة الأمن والاستقرار، ليس من خلال تصدير الثورة فحسب، ولكن أيضاً تصدير الأزمات الداخلية أملاً في بقاء نظام حكم «ولاية الفقيه».
وقد عبدت استراتيجية الحرب على تنظيم الدولة «داعش»، والانشغال بمحاربة التنظيم المتطرف، الطريق أمام طهران لكي تتغلغل في المنطقة، وقد استغلت الأخيرة الموقف في تعزيز الوضع الأمني لها بدليل أن قواتها حلت محل «داعش» في المناطق التي انسحب منها التنظيم خاصة في سوريا والعراق.
ووفقاً لتقرير المعهد البريطاني، فإن العراق وسوريا ولبنان أصبحت الخط الأمامي في المد المتزايد للقوة العسكرية والاقتصادية الإيرانية، حينما حرصت إيران على دعم الميليشيات في تلك الدول تحت ذريعة الدفاع عن الأمن القومي الإيراني وتأمين الحدود الخارجية، لكن تم تجاوز ذلك الهدف وأصبح الطريق معبداً لنقل الأسلحة والذخائر والإمدادات والأيديولوجيا والنفوذ إلى عمق العرب.
وقد كشفت الأحداث الأخيرة في المنطقة الدور التخريبي الذي تلعبه ميليشيات طهران في المنطقة، بدءاً من إطلاق ميليشيات المتمردين الحوثيين المدعومين إيران صاروخاً باليستياً على السعودية، وما تبعه من انفجار في أنبوب نفط في قرية بوري في البحرين، حيث اعتبر وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة أن «محاولة تفجير أنبوب النفط السعودي البحريني تصعيد إيراني خطير هدفه ترويع المواطنين والإضرار بصناعة النفط في العالم»، فيما أكد وزير الداخلية البحريني الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، أن «حادث حريق بوري من الأعمال التخريبية وهو عمل إرهابي خطير، الهدف منه الإضرار بالمصالح العليا للوطن وسلامة الناس».
وقبل أيام، اضطر رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري إلى إعلان استقالته نتيجة تدخلات طهران في لبنان واستغلالها لميليشيات «حزب الله» في تحويل البلاد إلى دويلة إيرانية.
وفي سوريا، استخدمت إيران قوات «حزب الله» المدربة تدريباً جيداً لوقف موجة تقدم المعارضة ودعم الأسد، وتدريب الميليشيات الأخرى في كل من سوريا والعراق واليمن. وقد كشفت منظمة «مجاهدي خلق» الإيرانية المعارضة، أن «الدور الفعلي في العمليات القتالية الدائرة في سوريا منوط بالميليشيات الطائفية المدعومة من طهران، التي تأتمر بأوامر الحرس الثوري الإيراني»، مشيرة إلى أن «مجمل قوات النظام الإيراني في سوريا يتخطى 70 ألف شخص، بينهم 20 ألفاً من الميليشيات العراقية ومثلهم من الأفغان، إلى جانب 7 آلاف من باكستان، ونحو 10 آلاف مسلح من ميليشيات «حزب الله»».
وعندما استنفد الجيش السوري قواه قبل تدخل روسيا وإيران، شكل الحرس الثوري الإيراني مجاميع في سوريا على غرار «حزب الله» اللبناني، وبحلول أكتوبر 2015، أشارت تقديرات عسكرية إلى أن القوات النظامية السورية كانت تضم بين 80 ألفاً إلى 100 ألف جندي. وقامت إيران لسد النقص بإنشاء ميليشيات «الدفاع الوطني» السورية، وعلق مستشار الأمن القومي الأمريكي الجنرال إتش أر ماكماستر حينها على ذلك بالقول إن «80% من تلك القوات التي تقاتل باسم نظام الرئيس بشار الأسد تابعة لإيران بالولاء والتدريب والتسليح».
ولم يختلف الوضع كثيراً في العراق، حيث أسست الحكومة العراقية بدعم إيراني كامل ميليشيات «الحشد الشعبي»، وتولى الحرس الثوري الإيراني تدريبها وتسليحها وتمويلها، بناء على فتوى من المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني لمواجهة تنظيم «داعش» الإرهابي، وبالتالي فإن تلك الميليشيات تعلن دائماً وأبداً أن ولاءها إلى إيران ونظام «ولاية الفقيه»، خاصة «حزب الله العراقي»، و«عصائب أهل الحق»، و«سرايا الخرساني»، و«حركة النجباء»، و«منظمة بدر».
ورغم الدعوات الدولية لتحييد تلك الميليشيات نتيجة ارتكابها مجازر وانتهاكات بحق السنة في العراق إلا أن الحكومة العراقية قررت لاحقاً في نوفمبر 2016، دمج تلك الميليشيات في الجيش العراقي بموجب قانون يوحد إدارتها مع القوات المسلحة العراقية. وهذا ما دفع المعهد البريطاني إلى طرح سؤال مفاده، هل المساعدات والتدريبات التي كانت تهدف أصلاً لمحاربة تنظيم «داعش»، تمددت لتصل إلى جماعات مسلحة عراقية تنفذ أهداف طهران الإقليمية؟!
أما في اليمن، فيشكل المتمردون الحوثيون بصواريخهم الباليستية الإيرانية تهديداً حقيقياً لأمن السعودية والخليج العربي، ولذلك كانت «عاصفة الحزم» ثم «إعادة الأمل»، لتحييد المتمردين انتصاراً للشرعية.
* وقفة:
فك شفرة إيران في المنطقة بتقليم أظافر الميليشيات المسلحة وتحييد المجموعات المتمردة بعد أن أصبح الطريق معبداً لطهران لنقل الأسلحة والذخائر والإمدادات والأيديولوجيا والنفوذ إلى عمق العرب!!