رغم كل ما سبق من تمهيد وتلويح وتوقعات، إلاَّ أن اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل لم يكن سهلاً أبداً في الوقع الذي خلفه في نفوس العرب والمسلمين في كافة أنحاء العالم، إلى جانب أنه شكل تهميشاً واستفزازاً للمسلمين والعرب وحلفاء الولايات المتحدة، والضرب بمواقفهم إزاء القضية الفلسطينية عرض الحائط. إلى جانب ذلك فقد ضرب هذا الاعتراف مسار السلام الإسرائيلي الفلسطيني، ولا شك في أن إيران من جهتها ستستغل القضية لصالحها.

كل هذه العوامل مجتمعة لا شك في أنها ستشعل الاحتجاجات في الشرق الأوسط بدءاً من الاعتراف المقيت وصولاً إلى تبعاته على عموم المنطقة والمسلمين عامة، هذا فضلاً عن توقع استغلال «المتطرفين» قرار ترامب لإشعال العنف في الشرق الأوسط.

من جهة أخرى، فلا شك أننا سنشهد انتفاضة فلسطينية جديدة، ولكن التعويل الحقيقي ربما يكون على قوة دول مجلس التعاون الخليجي في اتخاذ موقف بقدر حجم القرار الأمريكي، وبما أن قوة دول مجلس التعاون صدت من قبل فوضى ما يسمى بـ «الربيع العربي»، إلى جانب ما تشكله من ثقل في عموم العالم الإسلامي، يعززه قوتها الاقتصادية ودخول الكويت – عضو غير دائم – في مجلس الأمن، فالتحرك الخليجي الجماعي لمواجهة نقل السفارة إلى القدس يظهر مقدار الغضب العربي والخليجي، كما يجب التعامل مع التشيك، الدولة الوحيدة التي انضمت للولايات المتحدة الأمريكية في اعترافها المشين.

وتملك دول مجلس التعاون الخليجي قوة دبلوماسية وتأثير قوي يمكن تفعيله في هذا الاتجاه.

* اختلاج النبض:

«القدس عروس عروبتكم».. فليس ثمة مجال أو خيار من الوقوف ضد القرار المتخذ بشأنها، وإن كنا قد ضيعنا فلسطين في المرة الأولى لتذوق ويلاتها التي تتجرعها لأكثر من أربعين عاماً بينما نلتزم صفوف المتفرجين، وأقصى ما لدينا من تفاعل البكائيات ومحاولة بائسة في التأثير على المشهد العام دون جدوى، فعلينا اليوم أن نقف سداً منيعاً دون ضياع القدس أو التفريط بعروبتها ومكانتها لدى المسلمين.