كان طابور الانتظار طويلاً ويستغرق وقتاً أمام ازدحام الناس والضغط الحاصل على موظف الدفع وخدمات الزبائن في إحدى شركات الاتصال.. كان الجالسون قد مر عليهم ما يزيد على النصف ساعة وهم ينتظرون.. أحدهم كان قد حضر من عدة دقائق وتفاجأ وهو يسحب رقم الانتظار أن هناك أمامه بما يزيد عن العشرة أرقام..
بدا مستعجلاً مع رنين الهاتف المتكرر والاتصالات التي تأتيه فيرد عليها بتهكم بأنه سيحاول أن ينتهي سريعاً حتى وصل إلى وضع بدا له أنه مضطر للانصراف سريعاً وترك رقمه.. بادره أحد الجالسين عند موظف خدمات الزبائن والذي كان رقم انتظاره للتو قد حان بالنهوض وطلب منه أن يجلس مكانه مقابل أن يأخذ رقمه.. انحرج منه غير أن هذا الجالس أخبره أنه ليس لديه مشكلة أن ينتظر وهو ليس مستعجلاً مثله! هذا الموقف يعكس «شيمة» البحريني ومرونته.
على ما يبدو أنها ضلت الطريق داخل شوارع تلك المدينة التي تضم عدة قرى.. كانت المنطقة بها الكثير من الشوارع الفرعية والرئيسة ولم تكن تعرف كيف تصل إلى المكان الذي إرادته.. لاحظ أهل المنطقة الذين عادة كثير منهم ما يضعون الكراسي على جوانب أحد شوارع أحيائهم ويجلسون للتحدث، إنها رجعت لأكثر من مرة لنفس الشارع وهي ذاهبة وراجعة.. عندما توقفت بالقرب منهم واستفسرت عن الموقع الذي تريده طلب منها أهل المنطقة أن تنتظر حيث قام أحدهم بتشغيل سيارته طالباً منها أن تتبعه فيما بقية الأهالي كل واحد منهم يحاول أن يساعدها ويسألها إن كانت تحتاج أن يجعلوا أطفالهم يأتون معها داخل سيارتها كي يكونوا معها.. رغم أن المكان المنشود كان على مسافة تستغرق ما يزيد عن العشر دقائق إلا أنه تبرع بإيصالها إلى وجهتها بعد أن أدرك أنها ليست من أهل المنطقة وأيضاً ليست من طائفتهم، لذا فمحال أن تعرف كيف تصل إلى الشارع الرئيس الذي تريده من بين شوارع قريته.. تلك طيبة البحريني وتسامحه الديني والمذهبي وتلك حقيقة أهل القرى في البحرين مهما حاولت المخططات الإيرانية النيل من صورتهم وتشويهها.
كان المكان مزدحماً وممتلئاً ولم تكن هناك مقاعد متوافرة وكانوا عائلة ومعهم أطفال صغار وقد بدا عليهم التعب والإرهاق وهم يحاولون الوصول إلى هذا المطعم الشعبي المعروف أنه في منطقة مزدحمة ومواقف السيارات فيها نادرة.. فجأة من بين الطاولات الموجودة نهض مجموعة شباب وقد طلبوا من هذه العائلة الجلوس مكانهم رغم أنهم كانوا يتناولون طعامهم عليها حيث قاموا بتجميع طعامهم والنهوض حتى تستريح هذه العائلة.. هذه أخلاق شعب البحرين المتكاتف والمتعاون ومعدنه الأصيل.
في المجمع المزدحم بالناس حيث تحلقوا حول فعالية وطنية مقامة كان بالقرب من الفعالية مقهى وبه عدد طاولات قليلة وجميعها شاغرة.. بدت إحدى النساء متعبة وتود الجلوس وكانت هناك طاولة عليها فتاة بحرينية مع أبنائها فطلبت منها أن تشاركها الجلوس على الطاولة.. ما أن جلست المرأة حتى حاولت بطريقة غير مباشرة أن تطلب من عامل المقهى ان يحضر لها مشروباً! هذا الموقف يعكس كرم البحرينيين وبساطتهم وشعبيتهم.
البحريني أينما يتواجد دائماً ما يفكر بمساعدة الآخرين ويحب التواصل معهم ومساعدتهم، هذه الأخلاق البحرينية الأصيلة لم تظهر فجأة إنما هي متوارثه منذ سنين طويلة حينما كانت الجارة عندما «تلد جارتها» تتكفل هي مع نساء «الفريج» بالطبخ لها ولعائلاتها وتنظيف منزلها فيما تبقى الجارة مرتاحه.. البحرينية في مرحلة الغوص وما قبل النفط وخلال سفر زوجها لشهور عديدة في الغوص كانت عندما تحتاج لـ»إيدام» أي «المكونات التي تحتاجها المرأة للطبخ من توابل وبهارات وغيرها» تطلبها من جارتها وكان النسوة في الصباح الباكر وبعد صلاة الفجر يجهزن في منازلهن صحن التمر والقهوة وعادة وهن يتجولن بين المنازل ويقمن بزياراتهن الصباحية يساعدن من يتجهن إليها في تنظيف المنزل ورعاية الأبناء!
هذه هي البحرين وهذه حقيقة شعبها الطيب المحب المنفتح على بعضه البعض والآخرين، لو اتجه أي بحريني لأي دولة خليجية وعربية لسمع منهم وهم يصفون شعب البحرين «شعب البحرين طيب جداً! يا طيبكم يا أهل البحرين!» هذا ما نتميز به كبحرينيين أننا شعب شديد الطيبة والتواضع والشهامة.. إننا شعب رغم كل ما وصل إليه من مستويات وتنمية وتحضر تبقى فطرته الغالبة هي الطيبة والبساطة وأنه مع الآخرين يتعامل وفق مبدأ «كلنا واحد» لذا البحرين هي من أكثر دول الخليج العربي التي اختلط شعبها وتمازج مع الكثير من الشعوب والحضارات وأصحاب الديانات والمذاهب.
مع الأفراح الوطنية التي نعيشها اليوم في مملكة البحرين ومرور الذكرى الثامنة عشر لتولي جلالة الملك حفظه الله ورعاه مقاليد الحكم والذكرى السادسة والأربعين لانضمام مملكة البحرين إلى الأمم المتحدة كدولة كاملة العضوية نحمد الله أولاً وأخيراً أنه حفظ لنا أرضنا رغم كل المؤامرات والمخططات الإرهابية التي حيكت لاختطاف شرعيتها.. أننا في قافلة احتفالاتنا وأفراحنا ماضون ومستمرون بنفس النهج والمبادئ الوطنية.. مظاهر العيد الوطني في أي دولة مختصر حكاية وطن يحبه شعبه ويعشقون انتماءهم له، هو مختصر هويته وتاريخه وعنوانه، الوطن هو العشق الأول الذي يأتي بالفطرة ويغرس بداخلك كهبه من الله ما عدا أولئك الذين يعانون من خلل في وطنيتهم وانحراف في مشاعر الوطنية والحب وقد يعود ذلك بالأصل إلى مبدأ «العرج دساس!! وكل على أصله وقالب بيئته وأخلاقه يرجع!».
حب الوطن وطاعة ولي الأمر والتعبير عن الولاء له واحترامه عبادة من العبادات «وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم».. عيدنا الوطني ليس في هذه الأيام فحسب إنما كل يوم ننجز فيه ونعطي للوطن هو عيد وطني آخر.. عيدنا الحقيقي أن نحافظ على أخلاقنا وهويتنا الوطنية المحبة لأرض البحرين والموالية دائماً لقيادتها. كل عام وقيادة وشعب البحرين بخير، ودائماً عنوان الأفراح البحرينية الوطنية.
{{ article.visit_count }}
بدا مستعجلاً مع رنين الهاتف المتكرر والاتصالات التي تأتيه فيرد عليها بتهكم بأنه سيحاول أن ينتهي سريعاً حتى وصل إلى وضع بدا له أنه مضطر للانصراف سريعاً وترك رقمه.. بادره أحد الجالسين عند موظف خدمات الزبائن والذي كان رقم انتظاره للتو قد حان بالنهوض وطلب منه أن يجلس مكانه مقابل أن يأخذ رقمه.. انحرج منه غير أن هذا الجالس أخبره أنه ليس لديه مشكلة أن ينتظر وهو ليس مستعجلاً مثله! هذا الموقف يعكس «شيمة» البحريني ومرونته.
على ما يبدو أنها ضلت الطريق داخل شوارع تلك المدينة التي تضم عدة قرى.. كانت المنطقة بها الكثير من الشوارع الفرعية والرئيسة ولم تكن تعرف كيف تصل إلى المكان الذي إرادته.. لاحظ أهل المنطقة الذين عادة كثير منهم ما يضعون الكراسي على جوانب أحد شوارع أحيائهم ويجلسون للتحدث، إنها رجعت لأكثر من مرة لنفس الشارع وهي ذاهبة وراجعة.. عندما توقفت بالقرب منهم واستفسرت عن الموقع الذي تريده طلب منها أهل المنطقة أن تنتظر حيث قام أحدهم بتشغيل سيارته طالباً منها أن تتبعه فيما بقية الأهالي كل واحد منهم يحاول أن يساعدها ويسألها إن كانت تحتاج أن يجعلوا أطفالهم يأتون معها داخل سيارتها كي يكونوا معها.. رغم أن المكان المنشود كان على مسافة تستغرق ما يزيد عن العشر دقائق إلا أنه تبرع بإيصالها إلى وجهتها بعد أن أدرك أنها ليست من أهل المنطقة وأيضاً ليست من طائفتهم، لذا فمحال أن تعرف كيف تصل إلى الشارع الرئيس الذي تريده من بين شوارع قريته.. تلك طيبة البحريني وتسامحه الديني والمذهبي وتلك حقيقة أهل القرى في البحرين مهما حاولت المخططات الإيرانية النيل من صورتهم وتشويهها.
كان المكان مزدحماً وممتلئاً ولم تكن هناك مقاعد متوافرة وكانوا عائلة ومعهم أطفال صغار وقد بدا عليهم التعب والإرهاق وهم يحاولون الوصول إلى هذا المطعم الشعبي المعروف أنه في منطقة مزدحمة ومواقف السيارات فيها نادرة.. فجأة من بين الطاولات الموجودة نهض مجموعة شباب وقد طلبوا من هذه العائلة الجلوس مكانهم رغم أنهم كانوا يتناولون طعامهم عليها حيث قاموا بتجميع طعامهم والنهوض حتى تستريح هذه العائلة.. هذه أخلاق شعب البحرين المتكاتف والمتعاون ومعدنه الأصيل.
في المجمع المزدحم بالناس حيث تحلقوا حول فعالية وطنية مقامة كان بالقرب من الفعالية مقهى وبه عدد طاولات قليلة وجميعها شاغرة.. بدت إحدى النساء متعبة وتود الجلوس وكانت هناك طاولة عليها فتاة بحرينية مع أبنائها فطلبت منها أن تشاركها الجلوس على الطاولة.. ما أن جلست المرأة حتى حاولت بطريقة غير مباشرة أن تطلب من عامل المقهى ان يحضر لها مشروباً! هذا الموقف يعكس كرم البحرينيين وبساطتهم وشعبيتهم.
البحريني أينما يتواجد دائماً ما يفكر بمساعدة الآخرين ويحب التواصل معهم ومساعدتهم، هذه الأخلاق البحرينية الأصيلة لم تظهر فجأة إنما هي متوارثه منذ سنين طويلة حينما كانت الجارة عندما «تلد جارتها» تتكفل هي مع نساء «الفريج» بالطبخ لها ولعائلاتها وتنظيف منزلها فيما تبقى الجارة مرتاحه.. البحرينية في مرحلة الغوص وما قبل النفط وخلال سفر زوجها لشهور عديدة في الغوص كانت عندما تحتاج لـ»إيدام» أي «المكونات التي تحتاجها المرأة للطبخ من توابل وبهارات وغيرها» تطلبها من جارتها وكان النسوة في الصباح الباكر وبعد صلاة الفجر يجهزن في منازلهن صحن التمر والقهوة وعادة وهن يتجولن بين المنازل ويقمن بزياراتهن الصباحية يساعدن من يتجهن إليها في تنظيف المنزل ورعاية الأبناء!
هذه هي البحرين وهذه حقيقة شعبها الطيب المحب المنفتح على بعضه البعض والآخرين، لو اتجه أي بحريني لأي دولة خليجية وعربية لسمع منهم وهم يصفون شعب البحرين «شعب البحرين طيب جداً! يا طيبكم يا أهل البحرين!» هذا ما نتميز به كبحرينيين أننا شعب شديد الطيبة والتواضع والشهامة.. إننا شعب رغم كل ما وصل إليه من مستويات وتنمية وتحضر تبقى فطرته الغالبة هي الطيبة والبساطة وأنه مع الآخرين يتعامل وفق مبدأ «كلنا واحد» لذا البحرين هي من أكثر دول الخليج العربي التي اختلط شعبها وتمازج مع الكثير من الشعوب والحضارات وأصحاب الديانات والمذاهب.
مع الأفراح الوطنية التي نعيشها اليوم في مملكة البحرين ومرور الذكرى الثامنة عشر لتولي جلالة الملك حفظه الله ورعاه مقاليد الحكم والذكرى السادسة والأربعين لانضمام مملكة البحرين إلى الأمم المتحدة كدولة كاملة العضوية نحمد الله أولاً وأخيراً أنه حفظ لنا أرضنا رغم كل المؤامرات والمخططات الإرهابية التي حيكت لاختطاف شرعيتها.. أننا في قافلة احتفالاتنا وأفراحنا ماضون ومستمرون بنفس النهج والمبادئ الوطنية.. مظاهر العيد الوطني في أي دولة مختصر حكاية وطن يحبه شعبه ويعشقون انتماءهم له، هو مختصر هويته وتاريخه وعنوانه، الوطن هو العشق الأول الذي يأتي بالفطرة ويغرس بداخلك كهبه من الله ما عدا أولئك الذين يعانون من خلل في وطنيتهم وانحراف في مشاعر الوطنية والحب وقد يعود ذلك بالأصل إلى مبدأ «العرج دساس!! وكل على أصله وقالب بيئته وأخلاقه يرجع!».
حب الوطن وطاعة ولي الأمر والتعبير عن الولاء له واحترامه عبادة من العبادات «وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم».. عيدنا الوطني ليس في هذه الأيام فحسب إنما كل يوم ننجز فيه ونعطي للوطن هو عيد وطني آخر.. عيدنا الحقيقي أن نحافظ على أخلاقنا وهويتنا الوطنية المحبة لأرض البحرين والموالية دائماً لقيادتها. كل عام وقيادة وشعب البحرين بخير، ودائماً عنوان الأفراح البحرينية الوطنية.