وإذا كان الحق تبارك وتعالى يسبح نفسه حين الكلام في عائشة! أفما يكون توقيرها وأخواتها أمهات المؤمنين سبباً للنصر والتمكين؟! بلى وربي بلى، وعندئذ يعلم بعض الحكمة في تعقيب نصر الله على القرظيين بشأن أهم المؤمنين وهو شأن أمهاتهم أمهات المؤمنين.
وكذا فهن لما كن أمهات المؤمنين أجمعين من المتقدمين والمتأخرين، فذكرهن مع نبي الأمة حينئذ لم يك خاصاً، إذ هو ليس بيت أحد من العالمين، بل هو بيت المسلمين أجمعين. ومن ثم ناسب عطفه على المسائل العظام.
فإعقاب الله تعالى لواقعة بني قريظة بذكر شأن أمهات المؤمنين هو شأن عظيم، وهو من نصرة الله التي يتنزل بمثلها فتحه ونصره، وليس هو محض تخيير لزوجات من الناس، وإنما هو إشارة ربانية إلى الاعتناء بأمر العقيدة، وأن الاعتقاد الصحيح سبب كبير لنصر المؤمنين.
فيكون المعنى مما سبق هو: أن طاعة رسولكم صلى الله عليه وسلم فرض لازم لكونه أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وأما زوجاته فهن منه أهله وزوجاته، وهن منكم أمهاتكم، فلو أحسنتم في اتباعه، وأحسنتم بتوقير أمهاتكم، فلقد أرضيتم ربكم ونصرتموه، فحينئذ فلا راد لفضله عنكم ولا مانع من تنزل نصره عليكم.
تأكيد هذا المعنى من السنة وفهم الصحابة: نعم فالأمر كذلك، وبيانه في تلقي الصحابة ما أشيع من تطليق النبي صلى الله عليه وسلم لزوجاته، إذ كان أشد عليهم من غزو فارس والروم وغسان:
روى البخاري «2468» ومسلم «1479»، عن عمر حديثاً طويلاً، وفيه: «وكنا تحدثنا أن غسان تنعل النعال لغزونا، فنزل صاحبي.. وقال: حدث أمر عظيم! قلت: ما هو؟ أجاءت غسان؟ قال: لا، بل أعظم منه وأطول طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه... فجئت المنبر، فإذا حوله رهط يبكي بعضهم.... فدخلت عليه... ثم قلت وأنا قائم: طلقت نساءك؟ فرفع بصره إلي، فقال: لا».
فعلم بمثل هذه الواقعة أن غدر بني قريظة وغيرهم بالمسلمين كان أهون عليهم من سوء يقع في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم -فيما لو وقع- بل هو أشد عليهم من كل أمر، وبيانه في بعض قول عمر وهو يقص حاله مع جاره الأنصاري:
«قلت.. أجاءت غسان؟ قال: لا، بل أعظم منه وأطول، طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه». فتطليق النبي صلى الله عليه وسلم لأمهاتهم أشد عليهم من كل مصيبة، إذ لا يوجد ما هو أعظم من أن توتى المدينة لتجتاح، فيهلك رجالها، وتسبى نساؤها بعد أن يقتل نبيها صلى الله عليه وسلم! ومع ذلك فعندهم طلاق نبيهم -لو طلق زوجاته- أشد من ذلك. وانظر إلى بكاء الصحابة ليس على بيوتهم، وإنما على بيت نبيهم، كما في قوله: «فخرجت، فجئت المنبر، فإذا حوله رهط يبكي بعضهم».
فهذا حبهم للنبي صلى الله عليه وسلم فتراهم وضعوا قول الحق تبارك وتعالى: «النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم» في موضعه الذي أراده ربهم سبحانه وتعالى، ثم تعززوا وافتخروا بأمومة أزواجه صلى الله عليه وسلم لهم: «وأزواجه أمهاتهم»، فقاموا بها حق القيام، لذا فقد كانوا في كل حرب هم المنصورين، والحمد لله رب العالمين.
{{ article.visit_count }}
وكذا فهن لما كن أمهات المؤمنين أجمعين من المتقدمين والمتأخرين، فذكرهن مع نبي الأمة حينئذ لم يك خاصاً، إذ هو ليس بيت أحد من العالمين، بل هو بيت المسلمين أجمعين. ومن ثم ناسب عطفه على المسائل العظام.
فإعقاب الله تعالى لواقعة بني قريظة بذكر شأن أمهات المؤمنين هو شأن عظيم، وهو من نصرة الله التي يتنزل بمثلها فتحه ونصره، وليس هو محض تخيير لزوجات من الناس، وإنما هو إشارة ربانية إلى الاعتناء بأمر العقيدة، وأن الاعتقاد الصحيح سبب كبير لنصر المؤمنين.
فيكون المعنى مما سبق هو: أن طاعة رسولكم صلى الله عليه وسلم فرض لازم لكونه أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وأما زوجاته فهن منه أهله وزوجاته، وهن منكم أمهاتكم، فلو أحسنتم في اتباعه، وأحسنتم بتوقير أمهاتكم، فلقد أرضيتم ربكم ونصرتموه، فحينئذ فلا راد لفضله عنكم ولا مانع من تنزل نصره عليكم.
تأكيد هذا المعنى من السنة وفهم الصحابة: نعم فالأمر كذلك، وبيانه في تلقي الصحابة ما أشيع من تطليق النبي صلى الله عليه وسلم لزوجاته، إذ كان أشد عليهم من غزو فارس والروم وغسان:
روى البخاري «2468» ومسلم «1479»، عن عمر حديثاً طويلاً، وفيه: «وكنا تحدثنا أن غسان تنعل النعال لغزونا، فنزل صاحبي.. وقال: حدث أمر عظيم! قلت: ما هو؟ أجاءت غسان؟ قال: لا، بل أعظم منه وأطول طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه... فجئت المنبر، فإذا حوله رهط يبكي بعضهم.... فدخلت عليه... ثم قلت وأنا قائم: طلقت نساءك؟ فرفع بصره إلي، فقال: لا».
فعلم بمثل هذه الواقعة أن غدر بني قريظة وغيرهم بالمسلمين كان أهون عليهم من سوء يقع في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم -فيما لو وقع- بل هو أشد عليهم من كل أمر، وبيانه في بعض قول عمر وهو يقص حاله مع جاره الأنصاري:
«قلت.. أجاءت غسان؟ قال: لا، بل أعظم منه وأطول، طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه». فتطليق النبي صلى الله عليه وسلم لأمهاتهم أشد عليهم من كل مصيبة، إذ لا يوجد ما هو أعظم من أن توتى المدينة لتجتاح، فيهلك رجالها، وتسبى نساؤها بعد أن يقتل نبيها صلى الله عليه وسلم! ومع ذلك فعندهم طلاق نبيهم -لو طلق زوجاته- أشد من ذلك. وانظر إلى بكاء الصحابة ليس على بيوتهم، وإنما على بيت نبيهم، كما في قوله: «فخرجت، فجئت المنبر، فإذا حوله رهط يبكي بعضهم».
فهذا حبهم للنبي صلى الله عليه وسلم فتراهم وضعوا قول الحق تبارك وتعالى: «النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم» في موضعه الذي أراده ربهم سبحانه وتعالى، ثم تعززوا وافتخروا بأمومة أزواجه صلى الله عليه وسلم لهم: «وأزواجه أمهاتهم»، فقاموا بها حق القيام، لذا فقد كانوا في كل حرب هم المنصورين، والحمد لله رب العالمين.