«لا غزة ولا لبنان.. أضحي بحياتي من أجل إيران»، لعل ذلك الهتاف، الذي هز مدناً إيرانية، على مدار 3 أيام، خلال احتجاجات وتظاهرات، ربما تتواصل، كان الأقوى والأكثر تعبيراً عن واقع الإيرانيين، وجسد حقيقة ما يعانيه الشعب الإيراني في ظل حكم «ولاية الفقيه»، على مدار نحو 4 عقود، وربما لخص ذلك الهتاف، الخلاف الأبرز بين دول الجوار وطهران، وهو التدخل الإيراني في شؤون المنطقة، وكأن المتظاهرين أرادوا أن يغمزوا من قناة أن المساعدات اللوجستية والمادية التي تقدمها الحكومة الإيرانية لحكومات وميليشيات تابعة لطهران في دول الجوار، المنطقي أن الشعب الإيراني هو الأحق بها، في ظل الفساد الذي تشهده البلاد، وسنوات من العقوبات الدولية المفروضة على النظام الإيراني نتيجة برنامجه النووي المثير للجدل، وبالطبع الشعب الإيراني هو الضحية الأولى جراء تلك العقوبات. وقد عكس الهتاف الأبرز في الاحتجاجات الحاشدة تنامي الغضب الشعبي ضد حكومة «ولاية الفقيه»، خاصة فيما يتعلق بارتفاع الأسعار وتبادل الاتهامات بالفساد بين مسؤولين حاليين وسابقين، إضافة إلى مشاركة إيران في حروب بالوكالة، في دول عربية، لعل أبرزها سوريا والعراق واليمن ولبنان، فضلاً عن دعم إيران لميليشيات إرهابية في دول خليجية وعربية، تعمل على تأجيج التوتر، وزعزعة الاستقرار، في حين يعيش أكثر من نصف الشعب الإيراني تحت خط الفقر، و80% من سكان المحافظات السنية يواجهون ظروفاً صعبة، ويرزحون تحت مشاكل اقتصادية جمة خلفتها سياسات نظام الملالي.
وإذا كانت الاحتجاجات التي اندلعت على مدار أيام في إيران على وقع صعوبات اقتصادية، وعقوبات دولية تتعرض لها طهران منذ أعوام بسبب أنشطتها النووية المثيرة للجدل، إلا أن التظاهرات والتجمعات الحاشدة التي شهدتها مدن إيرانية مختلفة، أخذت طابعاً اجتماعياً وسياسياً في كثير منها، خاصة وأن الاحتجاجات اندلعت في مدن محسوبة على حكم «ولاية الفقيه»، لعل أبرزها، مشهد، المعروفة برمزيتها الدينية لدى الشيعة، والتي تعد ثاني أكبر المدن الإيرانية، وامتدت الاحتجاجات أيضاً إلى مدينة قم شمالاً، والتي تعد معقل المرجعية ورجال الدين، حيث هتف المحتجون فيها «الموت للديكتاتور»، و«السيد علي عليه أن يشعر بالعار ويترك البلاد وشأنها»، في إشارة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي.
ولم تسلم كرمنشاه غرباً، من الاحتجاجات، وكانت قد تعرضت في نوفمبر الماضي إلى زلزال مدمر أودى بحياة المئات، وأظهر الزلزال فشل الحكومة في التعامل مع الكوارث الطبيعية، حينما تأخر وصول المساعدات إلى المتضررين، وهو ما دعا المحتجين إلى الصراخ بقولهم «الناس تتسول ورجال الدين يتصرفون كآلهة».
ولاشك في أن اعتراف النظام الإيراني باندلاع الاحتجاجات في حين تتسع رقعة التظاهرات شيئاً فشيئاً حيث امتدت مؤخراً إلى جامعة طهران، فهذا يؤكد على حقيقة خوف الحكومة من استنساخ احتجاجات 2009، والتي كان يقودها زعماء المعارضة مير حسين موسوي ومهدي كروبي، والتي تسببت في صداع مزمن في رأس النظام في ذلك الوقت.
ولهذا تحرك النظام الإيراني في اتجاهين، حيث بدأ بتحريك مسيرات مؤيدة للحكم، فيما سعى مسؤولون إيرانيون إلى تهدئة الجماهير ونصيحة الحكومة بالبحث عن حل للمشاكل القائمة في البلاد، حيث كتب المستشار الثقافي للرئيس روحاني حسام الدين اشنا على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أن «البلاد تواجه تحديات كبرى من بينها البطالة والتضخم والفساد ونقص المياه والفروقات الاجتماعية»، مضيفاً أن «الناس لديهم الحق في إسماع صوتهم».
بدوره، اعتبر النائب الإيراني عن مدينة مدينة نيسابور قرب مشهد حميد غارمابي أن «أسباب الاحتجاجات أكثر عمقاً مما تبدو»، مشيراً إلى أن «هناك أزمة كبيرة في مشهد سببتها المؤسسات المالية غير القانونية»، وهنا هو يشير إلى زيادة مؤسسات الإقراض خلال عهد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، الذي تبادل الاتهامات في الفساد مع رئيس السلطة القضائية في إيران آية الله صادق آملي لاريجاني.
والمراقب للأوضاع في إيران يتضح له جلياً كيف أدت الطفرة في قطاع البناء، الخارج عن السيطرة، إلى تراكم الديون لدى البنوك وشركات الإقراض، يضاف إلى ذلك ارتفاع التضخم والفوضى التي أحدثتها العقوبات الدولية ما دفع كثيراً من المؤسسات إلى التخلف عن سداد ديونها. وعندما تسلم روحاني مقاليد الحكم في 2013 سعى إلى تنظيم القطاع المالي، وأغلقت مؤسسات إقراض كبرى، بينها مؤسسة شهيرة تدعى «ميزان»، وقد وكانت مدينة مشهد أكثر المدن تضرراً بإغلاق «ميزان»، التي كانت تدير نحو مليون حساب، ما أدى لاندلاع احتجاجات في المدينة على فترات متقطعة منذ عام 2015. كما كانت كرمنشاه الأكثر تضرراً جراء المشاكل التي واجهتها مؤسسة الإقراض المعروفة «كاسبيان».
ووفقاً لمصادر حكومية إيرانية ومركز الإحصاءات الإيراني فإن نسبة البطالة بلغت 12.4 % في السنة المالية الجارية بارتفاع 1.4 نقطة مئوية عن العام الماضي، فيما هناك نحو 3.2 مليون عاطل عن العمل في إيران من بين عدد السكان البالغ عددهم نحو 80 مليون نسمة.
* وقفة:
يرزح نصف سكان إيران تحت خط الفقر وتهرول الحكومة لزيادة سعر الخبز بينما تدعم ميليشياتها في المنطقة بالمليارات وثروة خامنئي تقترب من 95 مليار دولار.. عجباً لحكم «ولاية الفقيه»!!
وإذا كانت الاحتجاجات التي اندلعت على مدار أيام في إيران على وقع صعوبات اقتصادية، وعقوبات دولية تتعرض لها طهران منذ أعوام بسبب أنشطتها النووية المثيرة للجدل، إلا أن التظاهرات والتجمعات الحاشدة التي شهدتها مدن إيرانية مختلفة، أخذت طابعاً اجتماعياً وسياسياً في كثير منها، خاصة وأن الاحتجاجات اندلعت في مدن محسوبة على حكم «ولاية الفقيه»، لعل أبرزها، مشهد، المعروفة برمزيتها الدينية لدى الشيعة، والتي تعد ثاني أكبر المدن الإيرانية، وامتدت الاحتجاجات أيضاً إلى مدينة قم شمالاً، والتي تعد معقل المرجعية ورجال الدين، حيث هتف المحتجون فيها «الموت للديكتاتور»، و«السيد علي عليه أن يشعر بالعار ويترك البلاد وشأنها»، في إشارة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي.
ولم تسلم كرمنشاه غرباً، من الاحتجاجات، وكانت قد تعرضت في نوفمبر الماضي إلى زلزال مدمر أودى بحياة المئات، وأظهر الزلزال فشل الحكومة في التعامل مع الكوارث الطبيعية، حينما تأخر وصول المساعدات إلى المتضررين، وهو ما دعا المحتجين إلى الصراخ بقولهم «الناس تتسول ورجال الدين يتصرفون كآلهة».
ولاشك في أن اعتراف النظام الإيراني باندلاع الاحتجاجات في حين تتسع رقعة التظاهرات شيئاً فشيئاً حيث امتدت مؤخراً إلى جامعة طهران، فهذا يؤكد على حقيقة خوف الحكومة من استنساخ احتجاجات 2009، والتي كان يقودها زعماء المعارضة مير حسين موسوي ومهدي كروبي، والتي تسببت في صداع مزمن في رأس النظام في ذلك الوقت.
ولهذا تحرك النظام الإيراني في اتجاهين، حيث بدأ بتحريك مسيرات مؤيدة للحكم، فيما سعى مسؤولون إيرانيون إلى تهدئة الجماهير ونصيحة الحكومة بالبحث عن حل للمشاكل القائمة في البلاد، حيث كتب المستشار الثقافي للرئيس روحاني حسام الدين اشنا على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أن «البلاد تواجه تحديات كبرى من بينها البطالة والتضخم والفساد ونقص المياه والفروقات الاجتماعية»، مضيفاً أن «الناس لديهم الحق في إسماع صوتهم».
بدوره، اعتبر النائب الإيراني عن مدينة مدينة نيسابور قرب مشهد حميد غارمابي أن «أسباب الاحتجاجات أكثر عمقاً مما تبدو»، مشيراً إلى أن «هناك أزمة كبيرة في مشهد سببتها المؤسسات المالية غير القانونية»، وهنا هو يشير إلى زيادة مؤسسات الإقراض خلال عهد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، الذي تبادل الاتهامات في الفساد مع رئيس السلطة القضائية في إيران آية الله صادق آملي لاريجاني.
والمراقب للأوضاع في إيران يتضح له جلياً كيف أدت الطفرة في قطاع البناء، الخارج عن السيطرة، إلى تراكم الديون لدى البنوك وشركات الإقراض، يضاف إلى ذلك ارتفاع التضخم والفوضى التي أحدثتها العقوبات الدولية ما دفع كثيراً من المؤسسات إلى التخلف عن سداد ديونها. وعندما تسلم روحاني مقاليد الحكم في 2013 سعى إلى تنظيم القطاع المالي، وأغلقت مؤسسات إقراض كبرى، بينها مؤسسة شهيرة تدعى «ميزان»، وقد وكانت مدينة مشهد أكثر المدن تضرراً بإغلاق «ميزان»، التي كانت تدير نحو مليون حساب، ما أدى لاندلاع احتجاجات في المدينة على فترات متقطعة منذ عام 2015. كما كانت كرمنشاه الأكثر تضرراً جراء المشاكل التي واجهتها مؤسسة الإقراض المعروفة «كاسبيان».
ووفقاً لمصادر حكومية إيرانية ومركز الإحصاءات الإيراني فإن نسبة البطالة بلغت 12.4 % في السنة المالية الجارية بارتفاع 1.4 نقطة مئوية عن العام الماضي، فيما هناك نحو 3.2 مليون عاطل عن العمل في إيران من بين عدد السكان البالغ عددهم نحو 80 مليون نسمة.
* وقفة:
يرزح نصف سكان إيران تحت خط الفقر وتهرول الحكومة لزيادة سعر الخبز بينما تدعم ميليشياتها في المنطقة بالمليارات وثروة خامنئي تقترب من 95 مليار دولار.. عجباً لحكم «ولاية الفقيه»!!