بين فترة وأخرى تهدد إيران بقطع الملاحة في البحر الأحمر، بيد أن التهديدات في المرة الأخيرة أتت على لسان المتمردين الحوثيين ممثلة برئيس ما يسمى بـ«المجلس السياسي الأعلى» المدعوم من الحوثيين، صالح الصماد. وبغض النظر عن تفسير مراقبين أن تلك التهديدات أتت على وقع خسائر جمة تكبدتها ميليشيات المتمردين مؤخراً في ديسمبر الماضي، وكشفت عنها تقارير حقوقية يمنية، حيث فقدت الميليشيات نحو 5 آلاف مقاتل، بين قتيل وجريح وأسير، خلال مواجهات على مختلف الجبهات، مع الجيش الوطني التابع للحكومة الشرعية، أو أن المتمردين ربما يقدمون على ارتكاب «حماقة عسكرية»، تستفز العالم، إلا أنه حتى كتابة هذه السطور لا يوجد أي تحرك دولي يدلل على ضرورة تأمين مضيق باب المندب، من خطر المتمردين. وقد أعلن التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن «إعادة الأمل» بقيادة المملكة العربية السعودية منذ أيام أنه أحبط هجوماً لمقاتلي الحوثي على ناقلة نفط سعودية مطلع الأسبوع الماضي قرب ميناء الحُديدة اليمني المُطل على البحر الأحمر. وقام التحالف بتدمير القارب الذي كان يحمل متفجرات أثناء توجهه صوب الناقلة السعودية.
وقبل أشهر، واصلت الميليشيات المتمردة تهديد الملاحة الدولية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، عندما استهدفت سفينة مساعدات إماراتية لدى خروجها من ميناء المخا بعد تنفيذها مهمة إنسانية.
ولذلك، لا يمكن تجاهل تحذيرات مراكز أبحاث ودراسات تحدثت عن تعاظم النفوذ الإيراني في البحر الأحمر، عبر دعم الميليشيات الموالية لها في اليمن، وهو ما كشفه مركز «أميركان ثينكر»، قبل 6 أشهر تقريباً حينما نوه إلى أن إيران تسعى من خلال ميليشيات الحوثي لتهديد حركة الملاحة في مفتاح الملاحة الرئيس في البحر الأحمر.
واستند المركز في تحذيراته إلى هجمات شنها الحرس الثوري الإيراني وميليشيا الحوثي ضد السفن التجارية، والتدريبات التي تقدمها طهران للميليشيات على كيفية تطوير قوارب متفجرة يتم التحكم بها عن بعد، وكيفية وضع ألغام بحرية في الممر الحيوي.
وذهب مركز الأبحاث الأمريكي إلى أبعد من ذلك، حينما حذر من أن المسعى الإيراني من السيطرة على مضيق باب المندب يهدف إلى زعزعة استقرار دول الخليج ومحاولة تغيير أنظمة الحكم، عبر دعم الجماعات الإرهابية، المتمثلة في ميليشيات الحوثي باليمن، مروراً بميليشيات «حزب الله» اللبناني، ولن تتوقف عن ميليشيات «الحشد الشعبي» في العراق.
ولا شك في أن موقع اليمن على المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، يجعله مطمعاً لقوى إقليمية ودولية، خاصة أن البحر الأحمر يعد أحد أهم الممرات التجارية لناقلات النفط في العالم، والتي تمر به قادمة من الشرق الأوسط عبر قناة السويس إلى أوروبا.
ومن هذا المنطلق، يشكل ميناء الحُديدة نقطة انطلاق للعمليات التي تقوم بها ميليشيات الحوثي ما يشكل تهديدا للملاحة البحرية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وهذا ما ذهب إليه تحالف دعم الشرعية.
لكن ما يثير الاستغراب أن الأمم المتحدة لا تحرك ساكناً لتهديدات إيران والمتمردين بإغلاق الممر الملاحي في البحر الأحمر، ولم تأخذ المنظمة الأممية زمام المبادرة من أجل التحرك والسيطرة على ميناء الحديدة الحيوي من الجماعة المتمردة، ولم تستطع إجبار الحوثيين على تسليم الميناء لطرف ثالث يتولى إدارته.
ولا تقف أهمية ميناء الحديدة عند حد أنه أكبر موانئ اليمن فقط، بل تتمثل الأهمية الكبرى له في أنه يدخل من خلاله نحو 80% من واردات البلاد، ولذلك يعد ذلك الميناء محوراً استراتيجياً في الحرب اليمنية.
ولذلك، لم يتردد رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، الجنرال جوزيف دانفورد، في التأكيد على أن إيران تدعم ميليشيات الحوثي بصواريخ كروز للتأثير في مضيق باب المندب وتهديد الملاحة.
وربما يدرك الحوثيون أن تنفيذ تهديداتهم بعرقلة الملاحة، من الممكن أن يتم عبر استهداف مئات السفن، خاصة السفن التابعة للدول المنضوية تحت تحالف دعم شرعية في اليمن، ومن الممكن أن تكون هدفاً للمتمردين، كون أن عرض مضيق باب المندب، حيث يلتقي البحر الأحمر مع خليج عدن، يبلغ نحو 20 كيلومتراً فقط.
ويتحكم المضيق الاستراتيجي في عبور 12% من حركة التجارة العالمية، فيما يمرّ نحو 3.8 مليون برميل من النفط والمنتجات النفطية المكررة عبره يومياً، في طريقها إلى أوروبا وآسيا وأمريكا، في حين يستحوذ على نحو 6.1% من إجمالي تجارة البترول العالمية، بالإضافة إلى أنه تعبره سنوياً 21 ألف سفينة.
لذلك، يمكن تفسير التصريحات التي تصدر بين فترة وأخرى من مسؤولين مصريين حول «التأكيد على أن حماية مضيق باب المندب قضية أمن قومي مصري وعربي، وأن تأمين الملاحة في البحر الأحمر وحماية مضيق باب المندب تُعد أولوية قصوى من أولويات الأمن القومي المصري»، خاصة وأن أكثر من 98% من السفن التي تدخل قناة السويس المصرية تمر عبر باب المندب، الذي قد يتسبب التهديد بإغلاقه إلى وصول التكاليف الإضافية للنقل لأكثر من 45 مليون دولار يومياً.
وبالتالي يمكن الربط بين التهديدات التي تطلقها الميليشيات المتمردة، والتقرير الأممي الذي أكد انتهاك إيران لقرار مجلس الأمن رقم 2216 الذي يحظر إرسال أسلحة إلى اليمن، وتسهيل طهران وصول صواريخ باليستية إلى المتمردين، واستخدام الأخيرة تلك الصواريخ في تهديد السعودية عبر استهداف المدنيين في مناطق آهلة بالسكان.
ولم يكن التقرير الأممي هو الدليل الوحيد على تورط طهران في دعم الحوثيين، بل ربما يكون آخر ما صدر دولياً، حيث قبل شهر تقريباً، أبلغت مندوبة أمريكا في الأمم المتحدة السفيرة نيكي هايلي مجلس الأمن الدولي بأن الولايات المتحدة ستدفع باتجاه تحرك ضد إيران بسبب الهجمات الصاروخية التي تستهدف السعودية.
* وقفة:
فشل الأمم المتحدة في التعامل مع ميناء الحديدة الاستراتيجي باليمن دفع الحوثيين وخلفهم إيران لتهديد الملاحة الدولية بإغلاق باب المندب ما ينذر بأزمة دولية في رئة البحر الأحمر!
{{ article.visit_count }}
وقبل أشهر، واصلت الميليشيات المتمردة تهديد الملاحة الدولية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، عندما استهدفت سفينة مساعدات إماراتية لدى خروجها من ميناء المخا بعد تنفيذها مهمة إنسانية.
ولذلك، لا يمكن تجاهل تحذيرات مراكز أبحاث ودراسات تحدثت عن تعاظم النفوذ الإيراني في البحر الأحمر، عبر دعم الميليشيات الموالية لها في اليمن، وهو ما كشفه مركز «أميركان ثينكر»، قبل 6 أشهر تقريباً حينما نوه إلى أن إيران تسعى من خلال ميليشيات الحوثي لتهديد حركة الملاحة في مفتاح الملاحة الرئيس في البحر الأحمر.
واستند المركز في تحذيراته إلى هجمات شنها الحرس الثوري الإيراني وميليشيا الحوثي ضد السفن التجارية، والتدريبات التي تقدمها طهران للميليشيات على كيفية تطوير قوارب متفجرة يتم التحكم بها عن بعد، وكيفية وضع ألغام بحرية في الممر الحيوي.
وذهب مركز الأبحاث الأمريكي إلى أبعد من ذلك، حينما حذر من أن المسعى الإيراني من السيطرة على مضيق باب المندب يهدف إلى زعزعة استقرار دول الخليج ومحاولة تغيير أنظمة الحكم، عبر دعم الجماعات الإرهابية، المتمثلة في ميليشيات الحوثي باليمن، مروراً بميليشيات «حزب الله» اللبناني، ولن تتوقف عن ميليشيات «الحشد الشعبي» في العراق.
ولا شك في أن موقع اليمن على المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، يجعله مطمعاً لقوى إقليمية ودولية، خاصة أن البحر الأحمر يعد أحد أهم الممرات التجارية لناقلات النفط في العالم، والتي تمر به قادمة من الشرق الأوسط عبر قناة السويس إلى أوروبا.
ومن هذا المنطلق، يشكل ميناء الحُديدة نقطة انطلاق للعمليات التي تقوم بها ميليشيات الحوثي ما يشكل تهديدا للملاحة البحرية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وهذا ما ذهب إليه تحالف دعم الشرعية.
لكن ما يثير الاستغراب أن الأمم المتحدة لا تحرك ساكناً لتهديدات إيران والمتمردين بإغلاق الممر الملاحي في البحر الأحمر، ولم تأخذ المنظمة الأممية زمام المبادرة من أجل التحرك والسيطرة على ميناء الحديدة الحيوي من الجماعة المتمردة، ولم تستطع إجبار الحوثيين على تسليم الميناء لطرف ثالث يتولى إدارته.
ولا تقف أهمية ميناء الحديدة عند حد أنه أكبر موانئ اليمن فقط، بل تتمثل الأهمية الكبرى له في أنه يدخل من خلاله نحو 80% من واردات البلاد، ولذلك يعد ذلك الميناء محوراً استراتيجياً في الحرب اليمنية.
ولذلك، لم يتردد رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، الجنرال جوزيف دانفورد، في التأكيد على أن إيران تدعم ميليشيات الحوثي بصواريخ كروز للتأثير في مضيق باب المندب وتهديد الملاحة.
وربما يدرك الحوثيون أن تنفيذ تهديداتهم بعرقلة الملاحة، من الممكن أن يتم عبر استهداف مئات السفن، خاصة السفن التابعة للدول المنضوية تحت تحالف دعم شرعية في اليمن، ومن الممكن أن تكون هدفاً للمتمردين، كون أن عرض مضيق باب المندب، حيث يلتقي البحر الأحمر مع خليج عدن، يبلغ نحو 20 كيلومتراً فقط.
ويتحكم المضيق الاستراتيجي في عبور 12% من حركة التجارة العالمية، فيما يمرّ نحو 3.8 مليون برميل من النفط والمنتجات النفطية المكررة عبره يومياً، في طريقها إلى أوروبا وآسيا وأمريكا، في حين يستحوذ على نحو 6.1% من إجمالي تجارة البترول العالمية، بالإضافة إلى أنه تعبره سنوياً 21 ألف سفينة.
لذلك، يمكن تفسير التصريحات التي تصدر بين فترة وأخرى من مسؤولين مصريين حول «التأكيد على أن حماية مضيق باب المندب قضية أمن قومي مصري وعربي، وأن تأمين الملاحة في البحر الأحمر وحماية مضيق باب المندب تُعد أولوية قصوى من أولويات الأمن القومي المصري»، خاصة وأن أكثر من 98% من السفن التي تدخل قناة السويس المصرية تمر عبر باب المندب، الذي قد يتسبب التهديد بإغلاقه إلى وصول التكاليف الإضافية للنقل لأكثر من 45 مليون دولار يومياً.
وبالتالي يمكن الربط بين التهديدات التي تطلقها الميليشيات المتمردة، والتقرير الأممي الذي أكد انتهاك إيران لقرار مجلس الأمن رقم 2216 الذي يحظر إرسال أسلحة إلى اليمن، وتسهيل طهران وصول صواريخ باليستية إلى المتمردين، واستخدام الأخيرة تلك الصواريخ في تهديد السعودية عبر استهداف المدنيين في مناطق آهلة بالسكان.
ولم يكن التقرير الأممي هو الدليل الوحيد على تورط طهران في دعم الحوثيين، بل ربما يكون آخر ما صدر دولياً، حيث قبل شهر تقريباً، أبلغت مندوبة أمريكا في الأمم المتحدة السفيرة نيكي هايلي مجلس الأمن الدولي بأن الولايات المتحدة ستدفع باتجاه تحرك ضد إيران بسبب الهجمات الصاروخية التي تستهدف السعودية.
* وقفة:
فشل الأمم المتحدة في التعامل مع ميناء الحديدة الاستراتيجي باليمن دفع الحوثيين وخلفهم إيران لتهديد الملاحة الدولية بإغلاق باب المندب ما ينذر بأزمة دولية في رئة البحر الأحمر!