لخصت تصريحات مدير وكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم «الأونروا»، بيار كرانبول، طبيعة العلاقات بين الفلسطينيين وإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عندما أكد أن «تجميد المساعدة الأمريكية للمنظمة الأممية مرده الحسابات السياسية الأمريكية وليس كيفية عمل المنظمة كما تقول إدارة ترامب».
ويبدو موقف إدارة ترامب من تجميد المساعدات للمنظمة الأممية ابتزاز وضربة قوية للفلسطينيين، وعقاب لهم على عدم قبولهم بقرار الرئيس الأمريكي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وعزمه نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى المدينة المقدسة.
وقد تأسست وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» بعد الحرب العربية الإسرائيلية وإعلان قيام دولة الكيان الصهيوني في عام 1948، والتي نجم عنها تشريد أكثر من 700 ألف فلسطيني. ومنذ ذلك الحين، تقدم الوكالة الأممية مساعدات للاجئين والمتحدرين منهم، أي نحو أكثر من 5 ملايين فلسطيني في الضفة الغربية المحتلة وغزة والأردن ولبنان ومناطق أخرى في الشرق الأوسط. وتشرف الوكالة الأممية على مساعدات لنحو 58 مخيماً للاجئين، فيما تركز المساعدات على الجانب التعليمي حيث توظف «الأونروا» أكثر من 20 ألف معلم وتقدم خدمات طبية ومالية لهم.
ومنذ 6 ديسمبر الماضي، تاريخ إعلان اعتراف ترامب بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، ذلك الموقف الذي تسبب في تصاعد التوتر في العلاقات بين واشنطن من جهة، وحلفائها وأصدقائها، والفلسطينيين من جهة أخرى، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، تمارس واشنطن ضغوطاً غير مسبوقة على السلطة الفلسطينية في رام الله والرئيس محمود عباس.
والابتزاز الأمريكي للفلسطينيين وداعميهم، بدت ملامحه في 20 ديسمبر الماضي، عندما هددت واشنطن عدداً كبيراً من الدول الأعضاء بالأمم المتحدة التي كانت تعتزم التصويت لصالح قرار القدس عشية طرحه في الاجتماع الطارئ للمنظمة الأممية، بطلب من تركيا واليمن، وكشف دبلوماسيون في الأمم المتحدة أنهم تلقوا رسائل مكتوبة من مندوبة واشنطن الدائمة لدى الأمم المتحدة السفيرة، نيكي هايلي، حذرتهم فيها من مغبة التصويت لصالح قرار بشأن القدس.
وجاءت المفاجأة في صفعة دولية للإدارة الأمريكية رغم التهديد بقطع المساعدات المالية، حيث تم اعتماد مشروع القرار الذي يدين اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل بموافقة 128 عضواً ومعارضة 9 وامتناع 35، وردت الرئاسة الفلسطينية على القرار بالترحيب وأدانت سياسة الابتزاز الأمريكية مشددة على أن «تمرير قرار القدس بالمنظمة الأممية يعبر عن وقوف المجتمع الدولي إلى جانب الحق الفلسطيني ولم يمنعه التهديد والابتزاز من مخالفة قرارات الشرعية الدولية»، في إشارة إلى التهديدات الأمريكية.
لكن الأمر لم يقف عند هذا الحد حيث واصلت واشنطن ضغوطها، وما هي إلا أيام حتى أعلنت البعثة الأمريكية الدائمة لدى الأمم المتحدة، أنها ستجري تخفيضات كبيرة في ميزانية المنظمة الأممية، في العام المالي 2018-2019، مشيرة على لسان السفيرة الأمريكية، نيكي هايلي، إلى أن خطة الخفض التاريخية تبلغ قيمتها 285 مليون دولار. وفسرت ذلك بأن «عدم الفعالية والنفقات المبالغ فيها للأمم المتحدة يعلمها الجميع، ولن ندعهم يتمتعون بكرم الشعب الأمريكي»، قبل أن تؤكد أن «الأمم المتحدة متهمة بتقويض دعائم السلام وفرصه بين الفلسطينيين واإسرائيليين»، ولم تتردد في التشديد على أن «المنظمة واحدة من أكثر المعاقل الدولية عداء صريحاً لإسرائيل»!
ونفذت واشنطن تهديداتها التي أطلقتها مطلع الشهر الحالي بوقف المساعدة المالية الأمريكية إلى الفلسطينيين إذا رفضوا التباحث مع واشنطن في حل سلمي للنزاع مع إسرائيل. وواصلت إدارة ترامب ضغوطها غير المسبوقة وممارسة عقابها على الفلسطينيين والأمم المتحدة، حيث قررت قبل أيام تجميد نصف الأموال المخصصة لوكالة «الأونروا» في موقف حمل رسالتين مختلفتين لكل من الأمم المتحدة من جهة، وللفلسطينيين من جهة أخرى. وأعلنت أنه من أصل 125 مليون دولار من المساهمات للوكالة لعام 2018، قررت واشنطن دفع «شريحة أولى» بقيمة 60 مليون دولار، بيد أن الـ65 مليون دولار المتبقية سوف تجمد حتى إشعار آخر، وفقاً لتصريحات المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية هيذر نويرت، التي شددت على أن الأمر «تجميد وليس إلغاء»!
لكن المتحدث باسم «الأونروا» كريس غونيس، رأى أن قرار أمريكا تجميد عشرات ملايين الدولارات المخصصة للوكالة، سيؤدي إلى أسوأ أزمة تمويل للوكالة منذ تأسيسها. في الوقت ذاته، ينظر الفلسطينيون إلى القرار الأخير على أنه «استهداف للفلسطينيين الأكثر ضعفاً ويحرم اللاجئين من حقهم في التعليم والصحة، وسيؤثر سلباً على مصير مئات الآلاف من اللاجئين الذين يعتمدون على المساعدات الدولية، خاصة بعد شعور سلطة رام الله بأن واشنطن ليست وسيطاً عادلاً في قضيتهم، وهذا ما دفعهم إلى تعليق اعترافهم بإسرائيل، ورفضهم أن يكون لأمريكا دور في عملية السلام.
بيد أن هناك نحو 5 ملايين فلسطيني من المؤهلين للحصول على خدمات «الأونروا» في وقت تعد واشنطن الداعم الأكبر للوكالة ما يكشف مدى المساومة التي تمارسها إدارة ترامب على أبرياء ضعفاء في حرمانهم من الطعام والرعاية الصحية والطبية والتعليم، بينما تحصل إسرائيل سنوياً على أكثر من 3 مليارات دولار في إطار مساعدات عسكرية من أمريكا!
ولذلك لا يمكن أن نستبعد مزيداً من الفقر المدقع الذي قد يلحق بالأبرياء المدنيين، دون تجاهل مزيد من العمليات ضد الكيان المحتل في ظل التغافل الأمريكي القائم على إدارة الصراع وليس إنهاءه.
من ناحية أخرى، لا يمكن تجاهل تعليق الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط على القرار الأمريكي الأخير حيث اعتبره يستهدف «إلغاء قضية اللاجئين»، خاصة أن «القرار لا يأتي بمعزل عن قرار الاعتراف بالقدس، كما أنه يستهدف التعليم الفلسطيني والصحة الفلسطينية وإلغاء قضية اللاجئين». وفي الوقت الذي تعلن فيه إسرائيل عن بناء المئات من الوحدات الاستيطانية الجديدة في تحدٍّ سافر للمجتمع الدولي، وفي ظل غطاء أمريكي من إدارة ترامب، تبتز وتساوم الأخيرة الفلسطينيين بحرمانهم من المساعدات بينما تساعد الكيان الصهيوني على تنفيذ مخططاته وإفراغ القضية الفلسطينية من ثوابتها الأساسية وأبرزها القدس واللاجئين والأرض.
ولا يمكن استبعاد أن الأمر يمثل صراع قوة بين إدارة ترامب والأمم المتحدة المتهمة من قبل من إدارة ترامب بالإسراف في الإنفاق وبسوء إدارة الأموال وذلك على خلفية سياسة «أمريكا أولاً» التي ينتهجها الرئيس الأمريكي.
* وقفة:
سعي إدارة ترامب إلى تفريغ القضية الفلسطينية من ثوابتها الأساسية خاصة القدس واللاجئين والأرض وما تمارسه من ابتزاز ومساومة لن يفت في عضد المدنيين الأبرياء رغم حرمانهم من الغذاء والتعليم والصحة!
ويبدو موقف إدارة ترامب من تجميد المساعدات للمنظمة الأممية ابتزاز وضربة قوية للفلسطينيين، وعقاب لهم على عدم قبولهم بقرار الرئيس الأمريكي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وعزمه نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى المدينة المقدسة.
وقد تأسست وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» بعد الحرب العربية الإسرائيلية وإعلان قيام دولة الكيان الصهيوني في عام 1948، والتي نجم عنها تشريد أكثر من 700 ألف فلسطيني. ومنذ ذلك الحين، تقدم الوكالة الأممية مساعدات للاجئين والمتحدرين منهم، أي نحو أكثر من 5 ملايين فلسطيني في الضفة الغربية المحتلة وغزة والأردن ولبنان ومناطق أخرى في الشرق الأوسط. وتشرف الوكالة الأممية على مساعدات لنحو 58 مخيماً للاجئين، فيما تركز المساعدات على الجانب التعليمي حيث توظف «الأونروا» أكثر من 20 ألف معلم وتقدم خدمات طبية ومالية لهم.
ومنذ 6 ديسمبر الماضي، تاريخ إعلان اعتراف ترامب بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، ذلك الموقف الذي تسبب في تصاعد التوتر في العلاقات بين واشنطن من جهة، وحلفائها وأصدقائها، والفلسطينيين من جهة أخرى، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، تمارس واشنطن ضغوطاً غير مسبوقة على السلطة الفلسطينية في رام الله والرئيس محمود عباس.
والابتزاز الأمريكي للفلسطينيين وداعميهم، بدت ملامحه في 20 ديسمبر الماضي، عندما هددت واشنطن عدداً كبيراً من الدول الأعضاء بالأمم المتحدة التي كانت تعتزم التصويت لصالح قرار القدس عشية طرحه في الاجتماع الطارئ للمنظمة الأممية، بطلب من تركيا واليمن، وكشف دبلوماسيون في الأمم المتحدة أنهم تلقوا رسائل مكتوبة من مندوبة واشنطن الدائمة لدى الأمم المتحدة السفيرة، نيكي هايلي، حذرتهم فيها من مغبة التصويت لصالح قرار بشأن القدس.
وجاءت المفاجأة في صفعة دولية للإدارة الأمريكية رغم التهديد بقطع المساعدات المالية، حيث تم اعتماد مشروع القرار الذي يدين اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل بموافقة 128 عضواً ومعارضة 9 وامتناع 35، وردت الرئاسة الفلسطينية على القرار بالترحيب وأدانت سياسة الابتزاز الأمريكية مشددة على أن «تمرير قرار القدس بالمنظمة الأممية يعبر عن وقوف المجتمع الدولي إلى جانب الحق الفلسطيني ولم يمنعه التهديد والابتزاز من مخالفة قرارات الشرعية الدولية»، في إشارة إلى التهديدات الأمريكية.
لكن الأمر لم يقف عند هذا الحد حيث واصلت واشنطن ضغوطها، وما هي إلا أيام حتى أعلنت البعثة الأمريكية الدائمة لدى الأمم المتحدة، أنها ستجري تخفيضات كبيرة في ميزانية المنظمة الأممية، في العام المالي 2018-2019، مشيرة على لسان السفيرة الأمريكية، نيكي هايلي، إلى أن خطة الخفض التاريخية تبلغ قيمتها 285 مليون دولار. وفسرت ذلك بأن «عدم الفعالية والنفقات المبالغ فيها للأمم المتحدة يعلمها الجميع، ولن ندعهم يتمتعون بكرم الشعب الأمريكي»، قبل أن تؤكد أن «الأمم المتحدة متهمة بتقويض دعائم السلام وفرصه بين الفلسطينيين واإسرائيليين»، ولم تتردد في التشديد على أن «المنظمة واحدة من أكثر المعاقل الدولية عداء صريحاً لإسرائيل»!
ونفذت واشنطن تهديداتها التي أطلقتها مطلع الشهر الحالي بوقف المساعدة المالية الأمريكية إلى الفلسطينيين إذا رفضوا التباحث مع واشنطن في حل سلمي للنزاع مع إسرائيل. وواصلت إدارة ترامب ضغوطها غير المسبوقة وممارسة عقابها على الفلسطينيين والأمم المتحدة، حيث قررت قبل أيام تجميد نصف الأموال المخصصة لوكالة «الأونروا» في موقف حمل رسالتين مختلفتين لكل من الأمم المتحدة من جهة، وللفلسطينيين من جهة أخرى. وأعلنت أنه من أصل 125 مليون دولار من المساهمات للوكالة لعام 2018، قررت واشنطن دفع «شريحة أولى» بقيمة 60 مليون دولار، بيد أن الـ65 مليون دولار المتبقية سوف تجمد حتى إشعار آخر، وفقاً لتصريحات المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية هيذر نويرت، التي شددت على أن الأمر «تجميد وليس إلغاء»!
لكن المتحدث باسم «الأونروا» كريس غونيس، رأى أن قرار أمريكا تجميد عشرات ملايين الدولارات المخصصة للوكالة، سيؤدي إلى أسوأ أزمة تمويل للوكالة منذ تأسيسها. في الوقت ذاته، ينظر الفلسطينيون إلى القرار الأخير على أنه «استهداف للفلسطينيين الأكثر ضعفاً ويحرم اللاجئين من حقهم في التعليم والصحة، وسيؤثر سلباً على مصير مئات الآلاف من اللاجئين الذين يعتمدون على المساعدات الدولية، خاصة بعد شعور سلطة رام الله بأن واشنطن ليست وسيطاً عادلاً في قضيتهم، وهذا ما دفعهم إلى تعليق اعترافهم بإسرائيل، ورفضهم أن يكون لأمريكا دور في عملية السلام.
بيد أن هناك نحو 5 ملايين فلسطيني من المؤهلين للحصول على خدمات «الأونروا» في وقت تعد واشنطن الداعم الأكبر للوكالة ما يكشف مدى المساومة التي تمارسها إدارة ترامب على أبرياء ضعفاء في حرمانهم من الطعام والرعاية الصحية والطبية والتعليم، بينما تحصل إسرائيل سنوياً على أكثر من 3 مليارات دولار في إطار مساعدات عسكرية من أمريكا!
ولذلك لا يمكن أن نستبعد مزيداً من الفقر المدقع الذي قد يلحق بالأبرياء المدنيين، دون تجاهل مزيد من العمليات ضد الكيان المحتل في ظل التغافل الأمريكي القائم على إدارة الصراع وليس إنهاءه.
من ناحية أخرى، لا يمكن تجاهل تعليق الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبوالغيط على القرار الأمريكي الأخير حيث اعتبره يستهدف «إلغاء قضية اللاجئين»، خاصة أن «القرار لا يأتي بمعزل عن قرار الاعتراف بالقدس، كما أنه يستهدف التعليم الفلسطيني والصحة الفلسطينية وإلغاء قضية اللاجئين». وفي الوقت الذي تعلن فيه إسرائيل عن بناء المئات من الوحدات الاستيطانية الجديدة في تحدٍّ سافر للمجتمع الدولي، وفي ظل غطاء أمريكي من إدارة ترامب، تبتز وتساوم الأخيرة الفلسطينيين بحرمانهم من المساعدات بينما تساعد الكيان الصهيوني على تنفيذ مخططاته وإفراغ القضية الفلسطينية من ثوابتها الأساسية وأبرزها القدس واللاجئين والأرض.
ولا يمكن استبعاد أن الأمر يمثل صراع قوة بين إدارة ترامب والأمم المتحدة المتهمة من قبل من إدارة ترامب بالإسراف في الإنفاق وبسوء إدارة الأموال وذلك على خلفية سياسة «أمريكا أولاً» التي ينتهجها الرئيس الأمريكي.
* وقفة:
سعي إدارة ترامب إلى تفريغ القضية الفلسطينية من ثوابتها الأساسية خاصة القدس واللاجئين والأرض وما تمارسه من ابتزاز ومساومة لن يفت في عضد المدنيين الأبرياء رغم حرمانهم من الغذاء والتعليم والصحة!